6 أشياء كارثية ستترتب على تراجع ترامب في الاتفاق النووي

عدد القراءات
9,226
عربي بوست
تم النشر: 2018/05/10 الساعة 15:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/10 الساعة 15:32 بتوقيت غرينتش

كان من المفترض أن يعلن ترمب موقفه من الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 12 مايو/أيار الجاري، لكن تطورت الأمور سريعاً، خاصة بعد أن عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وثائق وملفات قال عنها إنها من الأرشيف النووي السري الإيراني؛ ليخرج ترمب أمس الأول معلناً انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.

لم يكتفِ ترمب بالانسحاب فقط، بل أعاد العمل بالعقوبات المفروضة على إيران قبل الاتفاق النووي، لكن كيف سيؤثر انسحاب ترمب على إيران والمنطقة؟

امتلاك قنبلة نووية

ينص الاتفاق النووي على الحد من أنشطة إيران النووية وقطع الطريق أمامها لتطوير أسلحة جديدة، ووقف تخصيب اليورانيوم، ويتم كل ذلك تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن استند ترمب على بند في الاتفاق يجيز الحق لإيران باختبار صواريخ باليستية، والذي قال عنه إنه يجعل من الاتفاق كارثة.

وبانسحاب ترمب من الاتفاق لن يكون للمراقبة الدولية حق في تفتيش منشآت إيران النووية، وسترفع كل الضمانات التي تضمنها الاتفاق للتأكد من تخلي إيران عن امتلاك أسلحة نووية، وبكل بساطة إذا فشل الاتفاق النووي تماماً ستكون إيران حرة في تطوير وامتلاك قنبلة نووية، وكأن كل سنوات التفاوض لم تكن.

ضربة قاسية للاقتصاد الإيراني

منذ عام 2015 وبمجرد أن دخل الاتفاق النووي حيز التنفيذ، زاد سقف آمال وطموحات الشعب الايراني، وبمجرد أن تم رفع جزئي من العقوبات التي كانت مفروضة على طهران، بدأ الحديث يكثر داخل إيران عن نمو الاستثمارات الأجنبية في البلاد وقفزة في النمو الاقتصادي.

انتظر الإيرانيون عامين من إبرام الاتفاق ولم تظهر أي نتائج للاتفاق النووي إلا القليل، وفي نهاية عام 2017 خرج الإيرانيون للتظاهر احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية للبلاد.

وفي الآونة الأخيرة انهار سعر صرف الريال الإيراني أمام الدولار الأميركي، مما أجبر الحكومة على اتخاذ إجراءات مشددة على حركة الاستيراد، واعتماد اليورو في تعاملات إيران التجارية بدلاً من الدولار، وبمجرد أن أعلن ترمب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، زادت قيمة صرف الدولار أمام الريال الإيراني بنسبة 14.5%، وهي أدنى قيمة للريال أمام الدولار في تاريخ الجمهورية الإيرانية.

هزيمة كبرى للتيار الإصلاحي

منذ أن وصل روحاني في عام 2013 إلى منصب رئاسة ايران ويسعى هو وأنصاره من التيار الإصلاحي إلى أن يكون الاتفاق النووي هو أهم إنجازاته وقد كان، وبالرغم من أنه يلقى اعتراضاً كبيراً من قِبَل التيار المحافظ الذي يعتبر الخصم له يصل إلى حد السخرية فى أحيان كثيرة.

وعد روحاني الإيرانيين الكثير من الوعود التي كان من أهمها جني ثمار هذا الاتفاق الذي اعتبر أنه أهم إنجاز دبلوماسي لإيران، وظل الإيرانيون ينتظرون ثمار هذا الاتفاق، إلى أن جاء ترمب وقضى على كل تلك الآمال، فيعد انسحاب ترمب من الاتفاق صفعة كبيرة للتيار الإصلاحي فى البلاد، ويعتقد البعض أن ثقة الإيرانيين فى التيار الإصلاحي قد تأثرت كثيراً.

بهذا الأمر خسر التيار الإصلاحي أكبر جولة له في معركته الطويلة أمام التيار المحافظ الذي يحاول السيطرة على مقاليد الحكم في إيران وإزاحة الإصلاحيين بأي شكل من المشهد السياسي.

نفوذ التيار المحافظ

لقد حذر التيار المحافظ في إيران بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي مراراً وتكراراً الرئيس روحاني وأنصاره من هذا الاتفاق، يرى التيار المحافظ أن الاتفاق محكوم عليه بالفشل من اللحظة الأولى، وأنه محاولة من روحاني والإصلاحيين للتقرب من الغرب.

وطالما صرح القادة السياسيون المحسوبون على التيار المحافظ من عدم الوثوق بالولايات المتحدة، بجانب أنهم يعتقدون تمام الاعتقاد أن من حق إيران امتلاك سلاح نووي، وقوة دفاعية صاروخية لصد أي اعتداء عليها، وروا أن هذا الاتفاق يحرمهم من ذلك الحق.

والآن وبعد أن أصبح الاتفاق يحتضر ظهرات نبرات الشماتة من جانب التيار المحافظ ولسان حالهم يقول دعونا الآن نقود الأمور بطريقتنا، وظهرت الأصوات التي تطالب بالرد العنيف على الولايات المتحدة وإسرائيل.

كل تلك الأمور ستزيد من التأزم بين التيار المحافظ والإصلاحي، وسيؤثر هذا التوتر بينهم على المشهد السياسي من جانب، وعلى الشعب الإيراني من جانب آخر.

خوف الشركات الأوروبية

من المفترض أن يعود العمل بالعقوبات القديمة المفروضة على إيران خلال الأسابيع المقبلة، ووفقاً لوزارة الخزانة الأميركية فإن العقوبات التي تستهدف قطاع السيارات سيتم إعادة فرضها خلال 90 يوماً، والعقوبات التي تستهدف قطاع النفط في إيران ستنالها العقوبات مجدداً خلال 180 يوماً.

وستنال الشركات الفرنسية النصيب الأكبر من تلك العقوبات؛ نظراً لأنها تمتلك أكبر استثمارات أجنبية في إيران منذ إبرام الاتفاق النووي.

ففى عام 2017 وقّعت شركة النفط الفرنسية الكبرى توتال عقداً تبلغ قيمته مليار دولار لتطوير حقل نفط جنوب فارس بإيران، وتعتبر تلك أكبر صفقة تجارية لإيران مع شركة أجنبية.

بجانب استثمارات شركات صناعة السيارات مثل بيجو ورينو والتي دخلت في شراكة بمئات المليارات مع قطاع السيارات فى إيران، ناهيك عن الدول الأوروبية التي تشتري النفط  الخام من إيران بالدولار الأميركي.

كل تلك الشركات أصبحت في حيرة من أمرها الآن، وجميعهم ينتظرون قرار الاتحاد الأوروبي إما بالبقاء أو بمغادرة إيران، لكن هناك من حسم أمره سريعاً مثل شركة بوينغ التي أعلنت أمس أنها أقدمت على إلغاء صفقتها التجارية مع إيران.

هذا بالنسبة للشركات الكبيرة، لكن هناك عدد من الشركات والمستثمرين الأوروبيين سيهربون من السوق الإيرانية فلا أحد منهم يريد أن تناله عقوبات بملايين الدولارات.

علاقات أقوى مع روسيا والصين

طوال سنوات الحصار الاقتصادي لإيران كانت روسيا والصين طوق النجاة للإيرانيين، فالبلدان تربطهما بإيران علاقات تجارية كبرى، وفي الفترة الأخيرة عملت كل من إيران وروسيا على تقوية العلاقات بينهما بسبب تواجدهم في الساحة السورية على مدار أكثر من 5 سنوات، وطالما دعمت الصين وروسيا الاتفاق النووي، وعارضت أي حديث عن انتهاك إيران للاتفاق.

وبانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق ستزداد تلك العلاقة أكثر وأكثر، وبالطبع سينعكس هذا الأمر على ما يدور في سوريا، وستؤمّن إيران مخزونها من السلاح أكثر.

سوريا واليمن

انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران لن يؤثر فقط على الداخل الإيراني، بل ستمتد نيران هذا القرار لتشمل البلاد التي تضع إيران قدمها بها، وبالأخص سوريا واليمن.

ففي الليلة التالية لإعلان ترمب انسحابه أقدمت إيران على استخدام سوريا كساحة للحرب لضرب إسرائيل، وانطلقت عدة صواريخ من اليمن باتجاه المملكة السعودية، ومن المتوقع أن يزيد دور الحرس الثوري في المنطقة بعد تحرره من الاتفاق النووي، وستشهد المنطقة صراعاً أكثر من ذي قبل.

لكن ماذا عن السعودية؟

بمجرد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عبرت السعودية عن تأييدها لهذا القرار، وقالت صحيفة الرياض السعودية إن المملكة رحبت بقرار ترمب وما تضمنه من إعادة فرض العقوبات على إيران، لكن لماذا كل تلك السعادة من الجانب السعودي؟

ترى المملكة أن الاتفاق النووي يوفر لإيران اقتصاداً قوياً تستطيع به أن تكمل حربها بالوكالة مع السعودية فى كل من سوريا واليمن، وتعتبر امتلاك إيران للصواريخ الباليستية والسلاح النووي تهديداً مباشراً لها.

وترى إيران أن السعودية هي التي وقفت خلف ترمب من أجل أن تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق، وقال المرشد الإيراني إن هناك بلاداً عربية دفعت الأموال الطائلة لترمب في محاولة منها لتدمير إيران.

لكن يبدو أن إيران عازمة على مواصلة صراعها مع المملكة، فجاء الرد على لسان المرشد أيضاً قائلاً إنهم يريدون تقويض الدور الإيراني في المنطقة، لكن هذا لن يحدث أبداً، وطال الغضب الإيراني السعودية بالأمس عندما تم إطلاق عدة صواريخ على الرياض من اليمن.

وكان قد صرح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بأن الاتفاق النووي لا يمنع إيران تماماً من امتلاك قنبلة نووية، وهذا ما يوضح بشكل كافٍ أن المملكة من أهم الدول التي وقفت خلف ترمب للانسحاب من الاتفاق.

لكن في حقيقة الأمر لن تستفيد السعودية من ذلك القرار بأي شكل من الأشكال، بل إنها تكسب عداوة جديدة مع النظام الإيراني.

إسرائيل أيضاً سعيدة بالقرار

وبالتأكيد، ليست المملكة فقط هي من أسعدها قرار ترمب الانسحاب، فقد رحَّب رئيس الوزراء الإسرائيلي بالقرار، وأعلن تأييده الكامل تلك الخطوة، التي رأى أنها توفر الأمان لبلاده من تهور إيران، وخطوة في طريق التخلص منها.

يرى نتنياهو أن امتلاك إيران السلاح النووي يعتبر تهديداً مباشراً لإسرائيل، ووجود إيران بسوريا يزيد الأمر سوءاً، بجانب حزب الله في لبنان.

لكن، إذا نظرنا إلى انسحاب ترمب من الاتفاق النووي، والذي من شأنه أن يؤجج الغضب الإيراني أكثر وأكثر، وعودة إيران إلى تطوير سلاحها النووي- فسيصبح التهديد لإسرائيل مضاعفاً، فيبدو أن إسرائيل مخطئة بشأن سعادتها بقرار تخريب الاتفاق. إلا إذا كان لدى إسرائيل وجهة نظر أخرى، وهي بالأدق قناعة إسرائيلية بأن لا أحد بإمكانه منع إيران من امتلاك أسلحة نووية، وطالما ستحصل إيران -في كل الأحوال- على سلاح يهدد أمن إسرائيل، يكون من الأفضل تأييد أي قرار من شأنه حصر إيران فى وضع خانق لا يسمح لها بالتوسع في مشاريع واستثمارات تعود عليها بأموال تستثمرها في المجال النووي.

إسرائيل ترى الاتفاق النووي يسمح لإيران بالحفاظ على بِنيتها التحتية النووية بغطاء دولي، ويساعد إيران على الخروج من عزلتها الاقتصادية والاجتماعية، وستصبح فرداً في المجتمع الدولي، وتزداد قوةُ علاقتها بالدول الأوروبية، وتبني اقتصاداً متماسكاً يستطيع أن يواجه أي مخاطر قد تهددها.

ببساطة، تريد إسرائيل لإيران أن تصبح منبوذة طوال الوقت وضعيفة، وتصبح هي التي تشعر بالخطر من إسرائيل وليس العكس.

ويبدو أن الفترة المقبلة ستكون إسرائيل أول من ينال نصيبه من الغضب الإيراني، لكن ليس أكيداً أنها ستدرك الأثر السلبي لمحاولتها الضغط على ترامب للانسحاب، فهي في كل الأحوال ترى إيران هي مصدر الخطر الأكبر لها.

المرشد يهدد بإعادة تخصيب اليورانيوم

في آخر تصريح له، قال المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي: إذا لم تقدم الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق ضمانات لبقاء هذا الاتفاق البائس سيكون لدى إيران 12 ألف ميجاوات من الطاقة النووية لإعادة تخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى من التي كانت تسعى إليها إيران قبل الاتفاق النووي.

ويساند قرار خامنئي الحرس الثوري الذي أعلن عن جاهزيته للدفاع عن إيران في أي وقت مستخدماً قواعده الدفاعية من الصواريخ وغيرها من الأسلحة، ومن جهة أخرى يناشد بعض القادة في إيران المرشد الأعلى الخروج فوراً من الاتفاق النووى، ويرون أنه لا فائدة من انتظار ضمانات من الدول الأوروبية.

فلم يجلب قرار ترمب إلا المزيد من التوتر والصراعات والتهديدات في منطقة مشتعلة بالأساس منذ عدة سنوات.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
شيماء محمد
مترجمة للغة الفارسيةومهتمة بالشأن الإيراني
مترجمة للغة الفارسيةومهتمة بالشأن الإيراني
تحميل المزيد