2 مليون ليرة للحلقة الواحدة، ومدرب فيلم هاري بوتر درّب الممثلين بنفسه.. رغم كل هذا لماذا فشل مسلسل “محمد الفاتح”؟

عدد القراءات
14,145
عربي بوست
تم النشر: 2018/05/07 الساعة 16:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/08 الساعة 07:39 بتوقيت غرينتش

في سبتمبر/أيلول 2013، تم عرض أول حلقة من مسلسل "الفاتح" بعد تغييرات كثيرة بطاقم العمل.. ويُفاجأ المشاهد بإيقافه بعد 5 حلقات؛ لتدني نسب المشاهدة.

في منتصف 2017، أصبح الشغل الشاغل للصفحات الفنية هو الحديث عن مسلسل "الفاتح" الجديد، الذي تم رصد ميزانية ضخمة له، والذي سيقوم ببطولته النجم الأول في تركيا "كنعان أميرزالي أوغلو".. تحمَّس الشعب والنقاد للمسلسل؛ بسبب التجهيزات الضخمة والميزانية المفتوحة، ولأن آخر 5 مسلسلات لـ"كنعان" تصدَّرت المرتبة الأولى من حيث عدد المشاهدات في تركيا.

ولكن لتدني نسب المشاهدة، تقرر إيقافه عند الحلقة السادسة؛ ليكون ثاني مسلسل عن تاريخ "الفاتح" يتوقف وأول مسلسل يفشل لـ"كنعان".

من يتابع الساحة الفنية التركية سيلاحظ أن مسلسل مثل "السلطانة كوسم" كانت نسبة مشاهداته متدنية أيضاً ولكنه استمر موسمين.. والسبب هنا يرجع إلى ارتفاع مبيعاته خارج تركيا.. أما مسلسل "الفاتح" الأخير، فرغم عرضه للبيع في معرض "كان"، لم يُبع لأي دولة!

اللافت للانتباه أن كلا المسلسلين تم عرضه على قناة "د" التركية، المعروفة بتوجهها العلماني وحرصها على عرض مسلسلات "+7".

معلومات سريعة عن التكلفة المادية للمسلسل الأخير

– يتقاضى البطل على الحلقة الواحدة 350 ألف ليرة بعد أن كان يتقاضى 120 ألف ليرة.

– تكلفة الحلقة الأولى فقط 2 مليون ليرة، وتمت إعادة تصويرها مرة أخرى، ليتم تأجيل عرض المسلسل من يناير/كانون الثاني إلى 20 مارس/آذار 2018.

– كل المشاركين في العمل تلقوا تدريبات لمدة 8 أشهر على المصارعة وركوب الخيل.

– تمت الاستعانة بمدرب الخيول المشهور jason white، الذي شارك في فيلمي "هاري بوتر" و"شفرة دافنشي".

أول حلقة من "محمد فاتح العالم"

من دون شك، فالسلطان محمد الفاتح واحد من أعظم القادة في التاريخ التركي ويحترمه كل العالم. وهو واحد من السلاطين، معروف بذكائه المتقد ومعرفته العلمية وشخصيته الأدبية ودهائه السياسي، وأكثر الشخصيات التي تلقى احتراماً جماً في التاريخ التركي.

عندما يكون الوضع هكذا، فالطبيعي أن ينجذب الناس إلى الفترة التي عاشها والحكايات التي حدثت، ويتكون لديهم فضول أكثر. وهذه تعد ميزة كبيرة للمنتجين وفي الوقت نفسه عيوب. فالمشاهدون يعطون فرصة للمشروع من أجل محمد الفاتح. لكن لأن التوقعات كانت كبيرة، فالمشروع لم يُشبع تلك الآمال. بالضبط، كما حدث في فيلم "الفاتح 1453" الذي تم عرضه عام 2012؛ فعلى الرغم من نجاح الفيلم اقتصادياً (حصل على مشاهدات مرتفعة)، فإنه حصل على انتقادات كثيرة في السينما العالمية؛ لأنه لم يعطِ "الفاتح" وفتح القسطنطينية حقهما.

شاهدت المسلسل لأجل "كنعان"

حالي كحال كثيرين عندما علموا أن البطل هو "كنعان أميرزالي أوغلو"، تابعوا أول حلقة خصوصاً. لا أريد التحقير من مجهود أحد، فهو عمل تُصرف فيه مليارات الليرات، وعملوا ساعات طويلة بلا توقف، وتم بذل مجهود كبير فيه. زوايا التصوير فوق الرائعة. تم استخدام فريق تصوير يعمل بالجيل الجديد من الكاميرات مثل Drone وsteadicam، وخصوصاً في مشاهد القتال، حيث استخدموا 100 لقطة من الحركة البطيئة. إذاً، ما الذي ينقص العمل؟

الحوار ضعيف، السيناريو غير متماسك، الأحداث تشعر بأنها غير متتابعة. لهذا السبب، تم الاعتماد على الممثلين واستغلال تاريخهم الفني. وبدا جلياً تأثُّر الإنتاج بمسلسلي "القرن الذهبي" و"أرطغرل" من ناحية تصوير المشاهد وطريقة العرض، فلم يكن له أسلوبه الخاص.

يقول أحد النقاد الأتراك: "انهارت الحلقة الأولى تحت توقعات المشاهدين. وكانت ممتلئة أكثر مما ينبغي. شعرت بأنني أنظر إلى طفل قليل الأناة أراد أن يعرض جميع لُعَبه مرة واحدة ويستعرض قدراته بها. كانت أول حلقة ضعيفة لا تلبي التوقعات التي سبَّبها ضخامة العمل وارتفاع الميزانية".

رأيي الشخصي في المسلسل

إن كنتَ ستقوم بمسلسل تاريخي، فهذا يتطلب مجهوداً مضاعفاً. يجب أن تخلق جواً تاريخياً يجعل المشاهد يغرق في الأحداث وكأنه انتقل بآلة الزمن ويشهد الأحداث بنفسه. تم تجهيز المكان، ولكن يجب إعداد كل التفاصيل من الألف إلى الياء، ولا تكفي الاستعانة بمصمِّمي ديكور وملابس فحسب؛ بل يجب طلب الدعم من المؤرخين الذين يعرفون كل تفاصيل الحياة في تلك الحقبة التاريخية. عند التعاون مع كل هؤلاء، من الممكن أن يخرج العمل متكامل الأركان. يجب التركيز على تفاصيل قد تبدو هيِّنة مثل المأكولات والمشروبات في ذلك العصر، والحياة العائلية، وآداب الشارع، ومشاهد الحروب، وأسلوب الحوار بين الأشخاص.

نجد أن لغة الحوار لا تدل على لغة 1450؛ بل طريقة 2018، حيث استخدم "الفاتح" جملة مشهورة للأتراك؛ وهي "لا أعلم إن كنت استطعت الشرح أم لا- bilmem anlatabildim mi".. فهذه الجملة كثيراً ما يستخدمها الأتراك عند شرح مشكلة أو تستخدمها الأم عند توجيه طفلها، أو الصديق مع أقرانه.

بل كانت الصدمة التي هزت صفحات التواصل الاجتماعي عندما ظهر خليل باشا وهو يتناول الطعام مع أسرته بملعقة معدن! مع أن المعروف أن الملاعق المستخدمة في تلك الحقبة كانت الملاعق الخشبية.

ومن أكثر المشاهد التي أثارت غضب الأتراك مشهد المرأة التي وقفت تصلي من دون أن تغطي شعرها في الحلقة الثانية من المسلسل! حتى إن أحدهم كتب على "تويتر": "نعلم أنكم لا تعرفون التاريخ .. ولكن، ألا تعلمون شعائر الإسلام دينكم الحنيف!".

أخطاء تاريخية

– كلنا نعلم أن والده "مراد الثاني" تخلَّى له عن العرش، وأنه كان يعمل تحت إمرة نجله ويقود جيوش المسلمين.. وبعد تولي "الفاتح" غدر البلغار وهجموا على أراضي المسلمين، فطلب "الفاتح" من أبيه أن يرجع لسدة الحكم، فرفض والده.. وحينها، قال الفاتح: "إن كنت أنت السلطان فارجع قائداً على جندك، وإن كنت أنا السلطان فإني آمرك بقيادة الجيش".

ولكن، في المسلسل كان السيناريو لا يمتُّ بأي صلة إلى الحقائق التاريخية، ولوحظ المبالغة في تضخيم دور "الفاتح" والتسفيه من والده؛ بل وإظهاره بدور الجبان.. حتى إنهم ذكروا مقولة "الفاتح" الشهيرة لأبيه، ولكن جعلوه يقولها وهو تحت تهديد الوزراء الموالين لوالده!

– السلطان محمد الفاتح تولى إدارة الدولة العثمانية وهو في الـ19 من عمره، وفتح القسطنطينية وهو في عمر الـ21.. أما البطل فهو في سن الـ44!

– لاحظت تكرار لفظ "الرب" بدلاً من "الله".

ملاحظة أخيرة:

بعض الإسلاميين يروِّجون لفكرة أن العلمانيين أنتجوا مسلسل "الفاتح" ليسحبوا البساط من تحت مسلسل "أرطغرل".. والحقيقة أن العلمانيين لا يحتاجون أن ينفقوا كل هذه الملايين من أجل مسلسل اهتز عرشه من مسلسل آخر بسيط جداً وتافه وهو مسلسل "اشرح أيها البحر الأسود".

منتجو المسلسل ينظرون إلى الإيرادات فقط.. ولو كان هدفهم إشغال الناس عن "أرطغرل" لكانوا استمروا في المسلسل حتى مع تدني المشاهدات!

 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
أسماء الشريف
مترجمة لغة تركية
تحميل المزيد