أخبروكم أن الإنجاب مسؤولية شديدة الصعوبة بين إجهاد وحمل وكثرة مصاريف وصعوبة تربية واختفاء المتعة والسعادة بينكما بلا عودة!
ولم يخبروكم بفرط سعادتهم عند سماع الممرضة في المختبر وهي تخبرهم (مبروك المدام حامل).
لم يخبروكم بقفزهم فرحاً وهم يقومون بالاتصال بالأقارب ونقل الخبر لهم (أمي ستصبحين جدة…).
أخبروكم أن أول ثلاثة أشهر من الحمل ستشعرين بالغثيان الشديد يصحبه قيء طيلة الوقت وعدم رغبة في الأكل والشعور بالإعياء والإجهاد، ولم يخبروكم عن مشاعرهم في أول زيارة للطبيبة وسماع نبضات قلبه الصغير.
لم يخبروكم كيف تتأملون هذه المعجزة مندهشين، أن تُنفخ روح جديدة بداخلك وتظل أنت تتابعه يكبر بين النطفة والعلقة والمضغة على شاشة السونار "ثم خلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً".
أخبروكم كثيراً عن شحوب الوجه وكبر الأنف وزيادة الوزن وانتفاخ اليد والقدم، ولم يخبروكم عن الشوق والشغف اللذين تشعرين بهما في كل زيارة للطبيبة لرؤية طفلك، وقد زاد طوله مرة، ونما شعره في أخرى ورؤيته يلعب بأصابعه، ويبتسم فجأة على الشاشة إذا ابتسمتِ لحديثٍ بينك وبين الطبيبة.
أخبروكم بزيادة أسعار الملابس (وحوشوا للبامبرز)، وتكاليف الولادة العالية، ومسؤولية التربية القادمة، ولم يخبروكم بجمال شراء ملابس لطفلك الصغير جداً وكأنما تقومين بتجهيز عريس صغير قادم إلى هذه الدنيا.. إذاً فليأتِ في أبهى حُلة.
أخبروكم بــ(انتي لسّه شوفتي حاجة)، وأن القادم أصعب وأشد، ولم يخبروكم عن شعور أول حركة له في رحمك وشعوره بلمستك فيهدأ.
لم يخبروكم عن لعبه ذهاباً وإياباً بداخلك وأنت تشاهدين وتضحكين لحركاته البهلوانية وهو في هذا المكان الضيق.
لم يخبروكم بسماعه لصوتك وحركته إذا سمع صوت أبيه.
لم يخبروكم عن الشوق والاشتياق للحظة خروجه من رحمك وأول لمسة بينكما وأول نظرة لتفاصيله.
استمتعوا بكل لحظة مع أطفالكم منذ أن قدر الله وجود نقطة الماء بداخلكم.
اقترب موعد استقبال طفلي، بعد 40 أسبوعاً من الانتظار، يخرجونه منّي بعد أن حافظت عليه قدر استطاعتي، استيقظ كل يوم أفكر بطفلي، في ملامحه، في احتياجاته وتفاصيل عيشه عند قدومه لبيتنا.. هذا الذي لم أرَه يوماً.
فقط أشعر به، نتبادل المشاعر دون تعارف مباشر بيننا، أنتظر قدومه وأنا آملة أن القادم سيكون أفضل، فأنا سأتعرف وأخيراً على من تحدثت معه لشهورٍ وأنا التي لم أسمعه!
من شاركني آلامي وضحكاتي ولم يتركني وأنا التي لم أشاركه بعد!
أحدثكم وطفلي يلعب، أضع يدي عليه فيجري للناحية الأخرى ثم يعود، وهكذا أظنه سعيد لحديثي لكم عنه، بالتأكيد سيكون اللقاء شيقاً وسيحلو العيش معه.
لا تسمحوا لأحد أن يشوّه فكرتكم عن الإنجاب وتربية الأولاد، كل شيء له متعته، فعيشوا متعة هذه الأيام وجربوها بأنفسكم.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.