"يا بخت من وفَّق راسين في الحلال"… من الأقوال الخالدة في الأزمان وفي الأذهان أيضاً، ولكن للأسف الشديد اختلف المعنى، وأصبح له مفهوم جديد عجيب في الآونة الأخيرة!
حينما ابتدع أحد أجدادي هذه الحكمة، كان على يقين تام بما تحمله من معانٍ راقية ونبيلة، أن يوفّق المرء بين اثنين، أن يكون حلقة وصل في الخير بين ذكر وأنثى؛ ليكملا الرسالة السامية التي أمرنا بها الله سبحانه وتعالى.. ما أعظمه من دور!
يصبح فعلاً مَن يقوم بهذا العمل "يا بخته"؛ لأن الله سيكافئه على فعله الطيب لكونه سبباً في تلاقيهم لنشأة أسرة جديدة وبناء المجتمع، بغض النظر عمّا يؤول إليه هذا الزواج فيما بعد بفعل الطرفين، إما السعادة وسينال هذا "الموَفِّق" دعوات ومباركات الزوجين كلما تذكراه، أو الدعاء عليه كلما تذكراه أيضا و"الله يجازي اللي كان السبب"!
لكن الآن الوضع اختلف تماماً لدرجة أنني أشعر أن مَن يحاول فعل هذا الدور من الأقارب والأصدقاء أو حتى المعارف "طالع بمصلحة"، وهنا تفسير لمعنى "يا بخته".
الآن تجدين المتبرعين في كل مكان يحاولون الضغط عليكِ لكى توافقي على عريس ما حتى لو أبديتِ عدم ارتياحك له!
لم تعد جملة "مفيش قبول" أو "كل شيء نصيب" كافية لإنهاء الحوار، بل أصبحت هذه الكلمات إشارة لكي تبدأ المتبرعة -لأنها غالباً أنثى- بـ"الزن" و"الإلحاح" لدرجة تجعلكِ فعلاً تشعرين أنها "واخدة قرشين"! وإذا رفضتِ أساساً "ممكن تخسرك فيها"!
أذكر صديقة طلبت منّي ذات يوم مقابلة شاب ميسور الحال من أسرة طيبة و..
المهم.. حينما أبديت اعتراضي عليه؛ لأنه فعلاً "لا يناسبني"، ورغم أنني أعطيتها سبباً واضحاً لرفضي، فقد أعربت عن عدم رغبتي في الزواج من شخص يكبرني بعشرة أعوام لمجرد كونه "ابن حلال وهيهنّيكي يا بِت"، لم تيأس هي من محاولات إقناعي بشتى الطرق والرغيّ معي لساعات لسرد مواصفاته ببراعة وكأنها تسوّق لمنتج ما!
شعرت وقتها أنها فعلاً تجمع "راسين".. كل محاولة أو سبب للرفض وجدتُ لها رداً جاهزاً وتفسيراً قوياً غير مبالية إذا كان هذا الشخص فعلاً هو "ابن الحلال" أو "ابن أي حاجة تانية" حتى!
كلما حدث هذا الأمر أتذكر المشهد الكوميدي للرجل الأسمر الطويل في فيلم التجربة الدنماركية، حينما قال للنجم عادل إمام: "جوّزني البنت دي وأدّيلك خمسين بقرة".
هو العريس وعدك بحاجة؟!
عزيزتي من تحاولين توفيق "راسين" في "الحلال" أرجوكِ يجب أن تستوعبي معنى جملة "كل شيء نصيب".
وتذكّري جيداً الحديث الشريف: "الأرواح جنود مجنّدة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف".
الزواج يا عزيزتي ليس "سبوبة"!
ملحوظة: أي تشابه بين مواقف هذا المقال ومواقف بعض صديقاتي هو من خيال الكاتبة، وذكرها لخدمة الغرض الأدبي فقط!
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.