الجمهور والشعبية أهم من المحتوى.. ما يجب أن يتوقف عنه القائمون على برنامج سديم!

عدد القراءات
7,366
عربي بوست
تم النشر: 2018/05/01 الساعة 08:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/11 الساعة 06:03 بتوقيت غرينتش

منذُ انطلاقِ الإعلانِ الترويجيّ الأوّل لبرنامجِ صناعة المحتوى والتأثير في الوطنِ العربي: سديم، والشّبابُ يتطلّع بشغفٍ وفضولٍ لمعرفةِ كيفَ ستكونُ النسخةُ الأولى من البرنامج، وهل سيرقَى فعلاً لأنْ يكونَ بحجمِ طُموحاتِ الشّباب العربيّ وإبداعاتِه، وإيجاد أفضل صُنّاع للمحتوى في العالم العربيّ، أم أنّه سيكونُ جعجعةً بلا طحْنٍ وإعلاناً كبيراً لبرنامجٍ متواضعٍ جداً؟

البرنامجُ أعلنَ في البداية عن جائزةٍ للمتسابقِ الأول، مقدارُها مليون ريال، بالإضافةِ لرحلةٍ إلى سيليكون فالي؛ حيث تتواجدُ مقرات إدارةِ أهمّ مواقعِ التواصل الاجتماعيّ، ناهيكَ عن العديدِ من ورش العمل وتوقيعِ عقودٍ خاصةٍ تُساعد المتسابقين على بناءِ حساباتهِم وبدءِ مسيرتهِم المهنيّة بنجاح.

انطلقَ سديم، وانطلقتْ معهُ طموحاتُ الشّباب القادم من مختلفِ بلدان الوطن العربيّ، الذين اختلفتْ جنسياتهم واختلفَ معها كذلك، نمطُ ونوعُ المحتوى الذي يقدمونه، ولكنَّ الإصرار والسّعيّ لتقديمِ أفضلِ ما يمكنُ تقديمُه، كانَ الهدف الأول لهُم جميعاً.

كانَ برنامجُ سديم بمثابةِ دروسٍ تحفيزيّةٍ؛ ونصائح، قدّمتها لجنة التحكيمِ المُكوّنة من المؤثرة آسيا فرّاج، والمدرب كريم إسماعيل، والمؤثر الكوميديّ يوسف زروطة، بالإضافةِ إلى تدريباتٍ عبرَ ورشٍ يومية، قدّمها أيضاً مجموعةٌ من المشاهير والمؤثرين في الوطن العربي والعالم، تعرَّفَ مِنْ خلالها المتسابقُ، وحتّى المُشاهد لمجموعةٍ من النصائحِ والإرشاداتِ والدروس التعليميّة، التي كانتْ مرجعاً مهماً لكلّ منْ يرغبُ في المستقبلِ بصناعةِ محتوى جذَّابٍ، وهادفٍ مِن الشّباب وإلى الشّباب العربيّ.

إلى أنْ جاءتْ لحظةُ اختيارِ المراكزِ الثلاثة الأولى التي ستتنافسُ على الجائزةِ والمركز الأول. صدمةٌ في مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ، بعدَ اختيارِ المتسابقةِ "زينب معلم" من الجزائر لتكونَ في المرتبة الأولى.

زينبْ وبحسَبِ الكثيرين، لم تكُن في المستوى الذي يؤهلّها للحصولِ على هذه المرتبة، فقدْ دخلتْ المسابقة بمحتوى أضعف من زملائها من حيث الفكرة والتقنيّة والرسالة، دخلتْ وفي حوزتِها الكثيرُ مِن المتابعين، نصفهُم مِن الشّباب المراهقين الذينَ عاهدُوها على الدّعم حتى وصولِها للنهاية، غيرَ آبهين بجودة المحتوى، أو الرسالة أو المضمون، كلّ ما كانَ مهماً بالنسبة لهم، أنّها تمثل في نظرهِم بلدَهُم الجزائر، وهذا لوحدهِ سببٌ كافٍ لتهنأَ المُتسابقةُ، وترتاحَ وتضمنَ تأهلَّها الدائم في كلّ المراحل.

بالنّظر إلى سياسةِ البرنامج القائمةِ منذ البداية، على التركيزِ على صناعةِ المحتوى ثمّ المحتوى، تفاجأَ المُشاهد بأنّ تفاعلَ الجمهور مع المشتركِ الذي يدعمُه، هو الفاصل في النهاية، والذي يبدو أنّ لجنةَ التحكيم قد اختارتْ الاعتمادَ على تلكَ النّسبْ دون أنْ تجعلَ من المحتوى سبباً أساسياً للتقييم والاختيار.

فتحوّلَ البرنامجُ منَ البحثِ عن صُنّاعٍ للمحتوى المميّز، إلى برنامجٍ لمعرفةِ أكثرِ متسابقٍ لديهِ منَ الجمهور والشعبيّة الكثير، وهنا وُضعتْ الوطنيّة والهويّة على المحكّ، وأصبحَ الفائزُ بالمركز الأولِ معروفاً، خاصةً أنّ البعضَ قد شاركَ بالبرنامجِ ومعهُ عددٌ لا بأسَ بهِ من المتابعين والداعمين، مقارنةً بمَن دخلَ للبرنامج وهو معروفٌ فقط على نطاقِ عائلتهِ وأصدقائِه.

إذا استمرَّ سديم بالتعاملِ على أساسِ التفاعلِ بالدرجةِ الأولى، دون الاكتراثِ للمحتوى كمرجعٍ أوّلٍ وأخيرٍ، فستبقى النتيجةُ دائماً محسومةً ومعروفةً بالنسبةِ للجميع، وربّما حتى في المواسم القادمة لنْ نندهشَ إنْ كانتْ توقعاتُنا تُصيبُ قبلَ يومِ إعلانِ النتائج. وسيصبحُ تركيزُ جُلّ المتسابقين حينها؛ هو في حصْدِ المُشاهدات، والتعليقات والإعجابات، وبناءِ قاعدةٍ من الجماهير أغلبُها من بلدانهم فقط، وبالتالي سيصبحُ التركيزُ على جودةِ المحتوى وتميّزهِ، آخرَ همٍّ يؤرّقُ بالَ المتسابق وآخرَ ما يشغلُهُ في رحلتهِ تلك، وهذا ما يتنافى مع مغامرة سديم التي أعلنَ عنها منَ البداية.

لأنّ فكرةَ البرنامج قامتْ على البحثِ عن جيلٍ يحلُم بالتأثير، فلا بدّ لسديم أنْ يستمرَّ في تقديمِ فرصتِهِ للشّباب الطَموح، صاحبِ الفكرة، الذي لم يجدْ مَن يدعمُه ويدربه ويأخذ بيده في بدايةِ مشواره.

لعلّهُ يكون الحافزَ بالنّسبة لهم، فنحن لا نريدُ محتوى فارغاً مِن الفائدة بجمهورٍ متعصّب، بل نريدُ محتوى يجذبُ ويفيد ويؤثرُ ويتركُ بصمتَه في الوطن العربيّ ككلّ.

عندها فقط ستتحققُ غايةُ البرنامج المتمثلّة في نشرِ رسالةِ الأمل، والتفاؤل في العالم العربي، عبرَ تخريج أفضلِ صُنّاعٍ للمحتوى، وليس أكثر مَن يملكُ تفاعلاً وشعبيّةً على مواقع التواصل الاجتماعيّ.

مدونات الجزيرة

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
خولة شنوف
كاتبة ومدونة جزائرية
تحميل المزيد