انتخابات 2018 وتهديدات داعش..

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/24 الساعة 14:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/24 الساعة 15:08 بتوقيت غرينتش
In this Tuesday, Feb. 6, 2018, photo, an election commission official demonstrates the voting process to journalists in Baghdad, Iraq. Iraq's Shiites, Sunnis and Kurds have grown more fragmented and divided ahead of the national elections scheduled for May due to deep differences among each group that have spawned more and smaller alliances seeking to have a bigger share in the new parliament. (AP Photo/Hadi Mizban)

في الانتخابات البرلمانية السابقة، ارتبط خطاب تنظيم القاعدة في العراق بترهيب مناطق العرب السّنّة من المشاركة والترشح، وما تخلّى قادة تنظيم داعش عن هذا الخطاب، رغم هزيمتهم القاسية في العراق.
فقبل يومين حرّض أبو الحسن المهاجر، الناطق الرسمي لتنظيم داعش، عناصر داعش على استهداف الانتخابات البرلمانية المقبلة، وعدم التفريق بين المرشحين أو الناخبين، قائلاً: إن حكمهم سواء، ويجب قتلهم دون استثناء. واستهداف جميع رجال الدين السنة والشيعة الذين دعوا للمشاركة في الانتخابات، إضافة إلى استهداف رؤوس العشائر، ووسائل الإعلام.
كان رد فعل الرأي العراقي متمثلاً في الشعور الطبيعي بإهمال هذه الثرثرة، نظراً لواقع الهزيمة العسكرية الكبرى التي أصابت داعش.
وألقت خطبة المهاجر الضوء على المشكلة الحقيقية التي تعاني منها داعش، وهي فقدانهم لاستجابة الحاضنة المنسجمة مع عقائدهم ومناهجهم في العراق، التي تعتبر  أكثر مشكلات الفشل للدعاة والناشرين والخطباء في تنظيم داعش، والتي يواجهها إعلام داعش.
وبالفعل أصبح واضحاً قبل بدء انتخابات 2018، أن فكرة ترهيب الناخب والمرشح العراقي وتغيير إرادته ترجع إلى فشل خطباء وإعلام داعش من صناعة أكثرية منسجمة معهم، على الأقل في المناطق السنية التي تصنف على أنها محافظة ومتدينة.

ففي جنوب نينوى، بدلاً من أن تتشكل حاضنة وظيفية تجاه داعش، وفقاً لمعلومات خطيرة مبنية على تقارير استخباراتية وحقائق، تم تشكيل حاضنة رافضة لهم ومنسجمة تماماً مع الحكومة في بغداد، وأصبحت تعمل وفقاً لفكرة تشخيص واجتثاث فلول وبقايا داعش.
وبغض النظر عن كل المزايا الممكنة التي يفترض أن يحققها النصر العسكري على داعش في نينوى وصلاح الدين والأنبار، بعدما تمت الإطاحة باحتلال داعش وأصبحت تلك المحافظات نسبياً تتمتع بالعودة التدريجية ليومياتهم الطبيعيّة، وتعمل بجدية على إعادة الإعمار وتمكين الاستقرار، وإن استخدام المجتمع المحلي كأداة من أدوات تعاون الاستخبارات في ظل ظروف مطاردة وملاحقة فلول داعش، والتي تعبر عن روح المصالحة المجتمعية العراقيّة.
الزرقاوي (2003 – 2006) في عام 2005 حث العراقيين السنّة في تسجيل صوتي منسوب له على التصدي لما وصفه بـ"الانتخابات الأميركية الشيعية". وحثّ الزرقاوي في التسجيل الذي أذيع على موقع على الإنترنت المسلمين السّنّة على التصدي للانتخابات التي قال إنها مؤامرة ضدهم من جانب الولايات المتحدة والشيعة.
قرابة 70‎‎%‎ ‎ من إعداد الناخبين السّنّة تفاعلوا مع هذا التهديد وقاطعوا الانتخابات والنتيجة تعمق شعورهم بالإحباط والمظلومية والتهميش والحنين إلى نظام البعث، وترتب على ذلك ضياع فرصتهم في المشاركة الفاعلة بالملف الحكومي والتشريعي.
وقطعاً هذا ما كان يريده الزرقاوي، استراتيجية صناعة حاضنة محبطة من الحاكم وراغبة بالتغيير المسلح وترسيخ عداوة الآخر وخاصة الشيعة، فالزرقاوي وإخوانه يعلمون أنهم لا مأوى لهم في العراق دون تفعيل ملف الطائفية.
وفي عام 2010 توعد أبوعمر البغدادي أمير تنظيم القاعدة في العراق (2006 – 2010) بإفشال الانتخابات التشريعية بكل الوسائل بما فيها العسكرية.
ووصف البغدادي الانتخابات، في تسجيل صوتي منسوب إليه، بأنها جريمة سياسية متكاملة، كما دعا إلى تشكيل لجنة من العلماء تعمل على توحيد ما سمّاها الفصائل الجهادية.
وقال أبوعمر البغدادي في التسجيل: "إن هذه الانتخابات حرام في شرع ربنا، وهي بعد ذلك انتحار سياسي وجريمة سياسية كاملة الأركان".
وهاجم البغدادي جميع الرموز السياسية وغير السياسية والبرلمانية الشيعية والسنية، ووصفهم بأنهم "أوثان منصوبة تحت قبة تخضع لقانون أو دستور ظالم جائر يناقض الشريعة الإسلامية ويحاربها في كثير من أصول ديننا الحنيف".
في انتخابات 2010 لم يهتم الناخب السّنّي لتلك التهديدات وشارك بقوة في اختيار القائمة العراقية التي فازت، ويبدو أن الحافز لهذه المشاركة الواسعة كان لسببين؛ مراجعتهم إلى الخطأ الكبير الذي ارتكبوه بعدم المشاركة عام 2005، وأيضاً هزيمة القاعدة على أيدي أبنائهم من الصحوات العشائرية والمناطقية.
ويبدو لي أن انتخابات 2018 سوف تشبه انتخابات 2010 بالنسبة لعدم اكتراث العرب السنة بتهديدات الناطق الرسمي لتنظيم داعش.
إن الهجمات الإرهابية التي وقعت في جنوب الحويجة وجنوب القيارة وفي أيسر الشرقاط قد تم تحليلها فيما يتعلق بتأثير هذه الأحداث على رؤية العرب السنة حول انتخابات 2018.

وكانت نتيجة هذه الأحداث  إعطاء الزخم الكبير لناخبي تلك المناطق بضرورة المشاركة.. وعمدت قيادة الحشد العشائري والمناطقي في تلك المناطق إلى إزالة الآثار التي خلّفتها العمليات الإرهابية وتحويلها إلى مصدر قوة.
وتشير الخطابات الخاصة بالانتخابات، المنشورة على شبكة الإنترنت لقادة الجماعات الإرهابية في العراق، إلى أن ثمة بعداً إستراتيجياً يكمن وراء الترهيب المتكرر للناخب السني حول إرادة المشاركة في الانتخابات. وبينما الانقسام والتشتت بين قوائم أحزاب العرب السّنّة هو أمر مزمن وارد في جميع الانتخابات السابقة، وأن الجدل الدائر حالياً حول ضرورة مشاركة واسعة للناخب السني في المحافظات والمدن المنكوبة والمحررة حديثاً من احتلال تنظيم داعش، يتسم بدرجة من الخصوصية نظراً للكيفية التي أثرت بها أحداث 10/6/2014 على الهوية السياسية للعرب السّنّة على جميع الأصعدة الوطنية والقومية والدولية.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

هشام الهاشمي
كاتب وباحث عراقي
هشام الهاشمي من مواليد بغداد 1973، هو مؤرخ وباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية والجماعات المتطرفة، ومختص بملف تنظيم داعش وأنصاره. متابع للجماعات الإسلامية العراقية منذ عام 1997، عَمِل في تحقيق المخطوطات التراثية الفقهية والحديثية، مع أن تحصيله الأكاديمي بكالوريوس إدارة واقتصاد - قسم الإحصاء. حاصل على الإجازة العلمية في الحديث النبوي الشريف، ولديه اهتمام بتاريخ الحافظ الذهبي، وتم اعتقاله وحُكم عليه بالسجن من قِبَل نظام صدام حسين، وقد خرج من السجن عام 2002، وبعد عام 2003 انصرف إلى العمل في الصحافة، وبدأ يشارك في كتابة التقارير والوثائقيات مع الصحف والقنوات الأجنبية، وكتب مدونة عن خريطة الجماعات المسلحة في العراق.
تحميل المزيد