كيف تكون شخصاً ناجحاً، في زمن كثُر فيه الفشلة؟

عدد القراءات
2,007
عربي بوست
تم النشر: 2018/04/22 الساعة 09:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/22 الساعة 09:17 بتوقيت غرينتش
Portrait of a confident young man leading a team of creatives

قد تتسأل أولاً لماذا وضعت علامة (+7)، السبب ببساطة أن محتوى هذا المقال يناسب أي شخص من عمر سبع سنوات فما فوق.

جميعنا يعرف حال وطننا العربي في السنين الأخيرة، فبعد الحروب والدمار أغلبنا أصبح مهجّراً، والذي لم يهاجر بعد يريد أن يهاجر، ليس هذا فقط؛ بل الظلام الدامس الذي وقعنا فيه كُلنا، معظمنا أصبح يعيش حياة مريرة، يعمل طوال الشهر ليأخذ حفنة من المال، لا تكاد تشبع جوع أهله، معظمنا مرض من الهم والغم.

لا تنسى السوداوية التي نعيش بها، كمية هائلة من الهُراء المنتشر في كل مكان، أفلامٌ قذرة، كُتبٌ تدعوك للتقيؤ فوقها، وطبعاً الشبكات الاجتماعية ذات النصيب الأكبر من كل أنواع الهُراء والتعصب والطائفية، والتي أصبحنا نقضي معظم أوقاتنا عليها، وبالطبع لن أذكر التلفاز فالجميع يعرف ما بداخله.

وأيضاً لن أنسى الحديث عن المدارس، فالمناهج الفاشلة والتعليم الأفشل، الذي قتل الإبداع لدينا، بمفهوم (الدرجات) ومن يحصّل أكثر ينال أكثر، كل هذا جعلنا نعيش في كهف مظلم مسدود، نموت وحدنا بهدوء، من دون أن نترك شيئاً وراءنا، طبعاً باستثناء الجهل والتخلف.
وإذا أردت أن تستزيد أكثر عن المعاناة التي تعيشها، يمكنك قراءة مقال مفصل من هنا.

هل سنظل هكذا للأبد؟

بالطبع، سوف نظل كذلك طالما نشاهد التلفاز، ونجلس على الشبكات الاجتماعية طوال النهار، ونتابع منشورات MBC وثقِّف نفسك، وغيرها من الهُراء، وما دمنا قانعين بأن المدرسة هي طريق النجاح، التغيير لم يكن يوماً بسهولة، التغيير يحتاج تغييراً بكل معنى الكلمة، يحتاج مُخاطرة، يحتاج تغيير المفاهيم، وخلع الجذور، والثورة على كل ذلك الهُراء.

طبعاً أنا لا أقصد أن تنزل للشارع، وتصرخ وتصرخ، فصدِّقني، لن يسمعك أحد، ولن يفيدك أيضاً، الصراخ على الفيسبوك أو على التلفاز، أو أي نوع من تلك الثورات.
الثورة الذاتية.. كيف تبدأ من جديد وتقضي على كل شيء مضى؟

لكي تبدأ، يجب عليك أن تعتزل كل شيء ورد فوق، أقصد بالاعتزال، أي المقاطعة، نعم لا تشاهد التلفاز، ولا تتابع كل الصفحات التي تنشر الهُراء، والمدرسة أيضاً ليس من الضروري أن تحقق أعلى الدرجات، يكفي فقط أن تدرس قليلاً، فتلك المناهج لا تسمن ولا تغني من جوع، يجب أيضاً أن تعتزل كل الأخبار السياسية لمدة جيدة، لكي تستطيع التغلب على الحزن، وعلى الهم.

بعد أن تقاطع كل شيء، جاء الوقت الآن لتكمل تغيير حياتك، ولتحوّلها من حياة شخص عادي، لم يفعل شيئاً إلى الآن، إلى حياة شخص ناجح، لديه طموح وحلم ويعمل على تحقيقه.

الخطوة الأولى: إبدأ بالتعلُّم

بالطبع، أنا هنا لا أقصد التعلم في المدرسة، أو بالمعهد، أو أي شيء آخر، يجبرك على حفظ أشياء، لست تعرف ما فائدتها، هنا أنا أقصد التعلم في مدرسة الكون، تلك المدرسة التي تحوي جميع علوم الكون، وجميع ما عرفته البشرية حتى الآن، ذلك العلم، هو العلم المفيد، الذي سوف يوصلك لما تريد، ويجعلك تحقق أحلامك.
لأوضح الأمر أكثر، اسأل هذا السؤال نفسه: "ماذا أحب ؟"، ماذا تحب أن تفعل؟ ما الشيء الذي تحب أن تقوم به، أكثر من أي شيء آخر؟ مثلاً، أنا عندما كنت صغيراً أحببت الحواسيب، وتعرفت بعدها على البرمجة، ومن حبي لها تعلمتها، وأصبحت مهنتي الآن، وأنا طالب في الثانوية، انتبه فالعمر ليس فارفاً أبداً، هنالك الكثير من الصغار تعلموا وأصبحوا يعملون الآن.

سوف تسألني: "أين تعلمتُها؟"، لقد تعلمتها بنفسي، ووحدي، ومن دون أي مُعلم، إلا ذلك المعلم الذي صوّر الدرس ورفعه على يوتيوب، أو على موقع آخر، وأنا تعلمت منه، وتعلمت أيضاً من الكتب الكثيرة، التي تشرح البرمجة، وتطوير الويب، سواء عربية أو إنكليزية.

قم بثورة منذ الآن، وضع هدفاً أمامك أن تتعلم شيئاً ما، وتتقنه في هذه السنة مثلاً، الإنترنت أصبح وسيلة رائعة للتعلم، تقريباً لم يعد يوجد شيء، يمكن للبشر أن يتعلموه، إلا له درس أو كتاب على الإنترنت. مقالات عن التعلم الذاتي (1، 2).

هذا مثال بسيط عن شاب، وضَع تحدياً بسيطاً مع نفسه، وهو أن يتعلم تطوير الويب مدة 300 يوم بلا انقطاع، وها هو على وشك الانتهاء، وأصبح محترفاً، ما شاء الله .

الخطوة الثانية: تعلَّم كيف تعمل.. ومن أين سأعيش؟

طبعاً العلم من دون عمل، لن يفيدك في شيء، ولكن بعد أن تتعلم، بالتأكيد سوف تعمل، فقدراتك التي اكتسبتها، لا بد أن تجد مكاناً لها في هذا العالم، فمثلاً أنا بعد أن أصبحت متمكناً بدأت العمل بشكل مُستقل والحمد الله، أصبح تطوير الويب مصدر رزقي، بجانب دراستي الثانوية، صدقني هذا ليس صعباً، العمل الحُر ليس كالعمل في أي مكان، ليس 12 ساعة، ولا يوجد من يأمرك، ويقول لك ("روح تعا"، "تعا روح"، وبالمصري المقولتان الشهيرتان، "تعالا يالا"، "ينفع كدا").

اقرأ عن العمل الحر، وسوف تجد مبتغاك، وبالطبع العمل الحُر لا يصلح لكل شيء، فهو قائم على الإنترنت، وهنالك بعض الأعمال التي لا تُقضى عليه، سوف تقول لي: "ولكن، ما فائدة هذا التعليم ما دام العمل على الشبكة فقط؟"، ببساطة، سوف أقول لك: يمكنك أن تعمل في أي مكان، وبأي شركة، فمثلاً إذا درست المحاسبة على الإنترنت، فسوف يمكنك العمل في شركة، وقس على هذا.

وطبعاً، سوف يراودك ذلك السؤال، وهو: هل يعطي الإنترنت شهادة؟ نعم بالطبع، ولكن هذه الشهادة قد تكلفك قليلاً، ولكن دقيقة! من قال إن الشهادة أصبحت مهمة؟! هل تعلم أن "جوجل" وظَّفت الكثير من الناس، والذين لا يملكون شهادات، وكل الشركات أصبحت هكذا، الشهادة لم تعد كما كانت، معيار الوظيفة والحياة، وتجد البعض لا يملكون أي خبرة، ومعهم تلك الشهادة، التي اشتروها، هذا من بعض الأسباب التي جعلت وطننا العربي في مؤخرة الأمم، نحن نقيس بالشهادة وليس بالعمل والخبرة.
وفي نهاية المقال، سوف تجد بعض الروابط المفيدة التي سوف تقودك إلى أول الطريق.

الخطوة الثالثة: كُن مختلفاً، واستخدم عقلك

تعلَّم أن تستخدم عقلك، ولا تجعل نفسك كالقوم الجهلاء، الذين قالوا: "هذا ما كان عليه آباؤنا"، فأنكروا كل الحقائق، وكل الصحيح، كن مُفكراً، وفكِّر دائماً، اسأل كثيراً، ولا تصدِّق أي معلومة تراها على الشبكات الاجتماعية، إلا بعد التحقق من مصدرها.

لا تصغ لمن يقول "العرب فشلة"، التعميم خطير جداً، يشتموننا ويُهينوننا، وللأسف تجد البعض يشتم نفسه، دون أن يدري حتى! لقد نسوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم".

نحن لسنا فشلة؛ بل هم الفشلة الجالسون على مؤخراتهم، يتكلمون، وهم لا يفقهون، ولا يعلمون، مجموعة من المنافقين، يريدوننا أن نفقد ثقتنا بأنفسنا، هنالك الكثير من الفشلة بيننا لا أنكر، ولكن كلنا قادرون على التغيير!
هذه آراء بعض الناس المبدعين حول هذا الموضوع بالذات (هنا).

الخطوة الرابعة: خير جليسٍ كتابٌ

نرجع إلى هذا القول القديم، يجب عليك أن تبدأ بالقراءة، مرة أخرى أقولها، طبعاً ليس كُتب المدرسة.

اقرأ كل ما هو أدبي، فلسفي، علمي، لا تدع كتاباً إلا وقم بقراءته، لكي ينمو فكرك، وتشكّل رأيك الخاص وعقلك، ضع هدفاً أن تقرأ 100 كتاب في سنة واحدة مثلاً، يجب على وطننا أن يقرأ لكي نتغير، لطالما جلست أقنع بعض الكبار والشباب والصغار بأن يقرأو كتاباً ما، أي كتاب، ولكن للأسف كل المحاولات باءت بالفشل، لا أحد يريد أن يقرأ، ويقولون مقولتهم الشهيرة: "وطننا العربي فاشل، كل شيء فيه فاشل"، ألا إنكم أنتم من أفشلتموه يا أعزائي، في الغرب الناس يقرأون في المواصلات، يقرأون في العمل، يقرأون حتى في الحمام، فهل تساءلت عن سبب تطورهم؟

لا مهرب، يجب علينا أن نقرأ، حتى نستطيع تطوير هذه الأمة.

الخطوة الخامسة: العمل التطوعي: علِّم وساعد غيرك

للأسف الشديد، هنالك شيءٌ منتشر بكثرة في المجتمعات العربية، وهو احتكار المعلومات، فتجد أحدهم ينصحك بألا تُعلم فلاناً تلك المهنة لكي لا يسبقك فيها، وتجد الآخر، ينصحك بألا تساعد فُلاناً لكي لا يسبقك.

أرجوكم… أرجوكم، وطننا يموت، وأنتم تقومون بالقضاء على ما بقي من الأمل، يجب على كل شخص، يعرف أي شيء أن ينشره، ويعلّمه، سواءً بالمجان أم بالمال، المهم لا تقم باحتكار المعلومات، وانشر العلم لكي تنهض الأمة، وصدِّقني، أقولها عن تجربة، إذا قمت بنشر العلم بالمجان فسوف تُرزق في الدنيا وفي الآخرة، من تعلّم على يدك لن ينساك، وسوف يذكرك، وسوف تفوز بالكثير من الأشياء، أتركها لك لكي تتكشفها بنفسك وتفاجأ بها.

الخطوة السادسة: تعلّم كيف تجد الأصدقاء وتختار أفضلهم

الصديق هو شخص يساعدك دائماً، يشاركك اهتماماتك وأحلامك، ولا يكذب عليك، وينافقك.
لي تجربة جميلة في البحث عن الأصدقاء سوف أقُصّ مختصرها عليكم:
كان لدي العديد والعديد من الأصدقاء، للأسف كنت أضيع وقتي بينهم، لم أتعلم منهم سوى إضاعة الوقت، والأصعب من هذا وذاك، أنهم كانوا منافقين و(مصلحجية)، إلا من رحم ربي، واستمرت رحلة بحثي، فصادقت الكثير، الكثير، ولم أجد صديقاً حقيقياً يشاركني اهتماماتي، حتى جاء ذلك اليوم، وانخلطت على الإنترنت، وبدأت بإضافة الأصدقاء، من الذين كانوا يشاركونني اهتماماتي، حتى حدثت صدفة غريبة، ووجدت صديقي، الذي ما زلت أنا وهو وحتى هذه اللحظة نعمل معاً على تحقيق أحلامنا، وأهدافنا.

صدِّقوني، لا يوجد أفضل من الأصدقاء في هذا العالم، بفضل من الله وجدت مؤخراً الكثير من الأصدقاء الذين يشاركونني اهتماماتي، وأحلامي أيضاً، وكلنا نعمل معاً ويعلم بعضنا بعضاً، ويفيد بعضنا بعضاً.

الخاتمة

أرجوك، كن مُختلفاً وحاوِل أن تكون عنصراً مغيّراً في هذا الكون، وإياك أن تكون مجرد رقم!
كانت هذه بعض الخطوات التي قمت بها بنفسي، وجمعتها لكم، لا أعلم ما إذا كان هنالك المزيد وإذا كان فسوف أجمعها في جزء آخر.

مدونات أبحث عنها في جوجل:

شبابيك – فرصة باقية – مدونة خمسات – مدونة مستقل – مدونة إسناد – أكاديمية حسوب – Geekymind – مدونة محمود (midoodj)، ابحث عن مقالات هذا الرجل "محمد إبراهيم"، وهذا أيضاً "عماد أبو الفتوح"، وهنالك الكثير أيضاً، من يعرف مدونات رائعة، فليشاركها في التعليقات.
روابط أخرى (ابحث عنها بنفسك)
حسوب IO (أرابيا IO سابقاً) – خمسات ومستقل للعمل الحر.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
محمد الحمصي
مهتم بتطوير الويب والبرمجة.
تحميل المزيد