الوظيفة الأكثر طلباً والأعلى أجراً في المستقبل.. ما يجب أن تعرفه عن البرمجة قبل تعلمها

عدد القراءات
827
عربي بوست
تم النشر: 2018/04/19 الساعة 07:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/19 الساعة 09:26 بتوقيت غرينتش
Shot of a focussed computer programmer working at his computer late at night

لنطرح سؤالنا بلا مقدمات: هل من السهل تعلّم البرمجة؟

الجواب في المطلق: نعم.. وربما لا. نوهتُ سابقاً بمبدأ الجواب على هذه الأسئلة، وهو تقليم نواحي السؤال قبل النطق.

يمكنني ببساطة أن أريح بالك أو -إن صحّ القول- أخدعك وأقول لك إنها سهلة وبسيطة وممتعة، فلا أُعقّد المجال عليك.

وعلى جانب آخر يمكنني أن أقول: إنها وظيفة (السوبرمان) ولا يصلح لها إلا الخارقون لاحتياجها لمهارات خاصة وعناصر لا يمتلكها الكثير، وفي كلتا الحالتين اسمح لي أن أقول: "إن هذا كلام فارغ لا أصل له مع احترامنا لأصحاب الرأي الأفاضل".

ولنوضح ما سبق، دعنا نتحدث عن الهندسة المعمارية مثلاً، فكما نعلم أنه العلم المتخصص في تخطيط كيفية البناء، هل هي سهلة أم معقَّدة؟

إذا طلبت منك أن تبني لي ملجأَ صغيري فلن تجد صعوبة -بلا شك- في طلبي المتواضع هذا، وستتحمس للعمل ربما، وستجزم أن المهمة سهلة بالفعل.

على الضفة الأخرى طلبت منك أن تُشيد لي قصراً فخماً بمواصفات مُخصصة فأعجزتك هنا؛ فقُلت إنها مهمة صعبة معقدة لن أقدر عليها، وهذا -قطعاً- ما أريد إيصاله لك، لا يمكننا أن نُحدث بمجال البرمجة سهلاً كان أو صعباً، فمدى التعقيد متفاوت نسبي غير مطلق يعتمد في الأساس على طبيعة المهمة المُوجهة لك، فيجب ألّا نسوي بناء الملجأ الصغير ببناء القصر الفخم، كما لا يحق لنا أن نصدر حكماً على مجال العمل -باعتباره مجرد وظيفة- بمدى تعقيده وصعوبته دون أن نحصل على المعلومات كاملة، وعلى رأسها المهمة المطلوبة، فهي العامل الأساسي الذي يجب الاستناد إليه.

ويمكننا هنا أن نقول: إن وصف البرمجة بأنها مجال ممتع وبسيط وسهل وكل هذه الأوصاف الرائعة ليس له أدنى مصداقية على أرض الواقع -أو سوق العمل إن صحَّ التعبير-المُتعلم لا يستوعب -للأسف- المراحل القادمة والمعوقات المتراكمة في الطريق، وعدم إدراكه لها منذ البداية يؤدي في كثير من الأحيان إلى سقوطه أرضاً في منتصف الطريق.

أنا لا أقول: أن نُعقد كل ما هو بسيط، ولكن أدعو إلى أن تُوضّح الحقيقة شبه كاملة؛ لتُدرك أبعاد الطريق ويسلكه مَن يصلح له، فهذا التعميم فيه ظلم شديد للمتعلم بعدم إعطائه الحقيقة كاملةً كما يجب إدراكها.

مهنة البرمجة كغيرها تحتاج بعض المواصفات، على رأسها التركيز والإرادة، وهي لا تقتصر إطلاقاً على كتابة بعض الشيفرات كما فهم البعض، فهناك أبعاد أخرى يجب الحذر منها وإعطاء قيمتها، فبرمجة برامج الهواتف البسيطة لا تُقارن ببرمجة السيارات الذكية، ولا حتى مواقع التواصل الاجتماعي الذكية.

علينا إدراك عواقب توصيل مفهوم البرمجة بهذا الشكل الوهن يسلب من المتعلم بعض العناصر الضرورية، مثل اتخاذ الأمر بجدية، والالتزام، وتحمّل المسؤولية، وهذا ما ينعكس عليه بالنقص لاحقاً بعد الاندماج مع المتخصصين أو العمل في فريق؛ لأن أغلب الأخطاء هنا لا تُغفَر، ففكرة توصيل مفهوم البرمجة بهذه السهولة طريقة توجيهية رديئة غير نافعة، يسخر منها الدهر كما منه سيفعل، فيتخذ الموضوع بالبساطة المُفرطة ويضرب بكل ما يخالفها -لا شعورياً- عرض الحائط، وانما الأصح هو التوجيه، استناداً إلى الأعمال المطلوبة، وشرح أن هناك بُعداً معقداً يجب فيه الالتزام.. وننتهي إلى هنا.

منشر

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
محمد عوض
مبرمج، مطور أنظمة حماية ومختبر اختراق
تحميل المزيد