التغييرات الديموغرافية القسرية في سوريا

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/17 الساعة 12:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/17 الساعة 12:22 بتوقيت غرينتش
Soldier in military uniform stands on the ruins of the destroyed house. Hot spots on the planet. The concept of the fight against terrorism.

– في ظل غياب مؤسسات سياسية راسخة، استخدم القادة البعثيون الروابط الطائفية، والاستمالة الأيديولوجية، وقيادة القوات المسلحة لبسط سُلطتهم، ومنعوا بفاعلية تشكيل هُوية وطنية سورية شاملة.

– وظَّف حافظ الأسد الانقسامات الطائفية للتلاعب بالطوائف المحلية عن طريق التصرف باعتباره الحكم الفعلي بينها. وعلى نحوٍ مماثل، أجَّج الصراعات العِرقية والدينية في البلدان المجاورة، لتشتيت خصومه وأعدائه الإقليميين.

– ظهرت أزمة ديموغرافية قبل الانتفاضة الشعبية في عام 2011، جزئياً كنتيجة للسلطوية التحديثية والتحرر الاقتصادي الذي انتُهِج تحت حكم بشار الأسد، بالإضافة إلى الجفاف في عام 2009.

– كان للصراع السوري أثر كارثي على سكان سوريا كما أظهرت المؤشرات: تراجع معدل النمو السنوي لسكان سوريا من 2.5% في عام 2010 إلى 0.3% في عام 2016، في حين تضاعف معدل الوفيات السنوي على مدار السنوات الخمس الماضية، وتراجع إجمالي السكان من 21 مليون نسمة إلى 14 مليون نسمة على مدار نفس الفترة.

– تكشف مقارنة المؤشرات الديموغرافية بين عامَي 2010 و2016 أنَّه من بين سكان سوريا، كانت الأغلبية العربية السُنّيّة هي أكثر الطوائف تضرراً من جرَّاء الحرب الدائرة. ووفقاً لبياناتٍ من وكالات الأمم المتحدة، يُشكِّل هؤلاء قرابة 70% من اللاجئين والنازحين داخلياً، وكانت المناطق التي يعيشون فيها من بين الأكثر تضرراً من جراء الحرب.

– مارَس النظام السوري عقاباً جماعياً ضد المناطق المُعارِضة، وهجَّر المدنيين بصورةٍ واسعة من المناطق الاستراتيجية الرئيسية حول دمشق وحمص ومنطقة الساحل وحلب. وشنَّ عمليات قصفٍ جوي ومدفعي عشوائية، وفرض قيوداً أمنية على حركة المدنيين، وحاصر المناطق الداعمة للمعارضة، وأبرم اتفاقات إجلاء لهؤلاء السكان بتسهيلٍ من الأمم المتحدة وتشجيعٍ من الجيش الروسي والحرس الثوري الإيراني. وأشارت تقارير سابقة إلى أنَّ قوات النظام هجَّرت على الأقل 400 ألف مدني قسرياً على مدار السنوات الخمس الماضية، وهذا الرقم لا يشمل عدد النازحين داخلياً الذين فرّوا طوعاً من مناطق القتال.

– وفي سوريا، ارتكب تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) جرائم حرب ضد العِرقية الكردية والعرب السُنَّة المعارضين له؛ إذ اضطهد التنظيم الإرهابي القبائل العربية التي لم ترضخ لحكمه في دير الزور، وهجَّر الأكراد قسرياً من مدنهم في محافظات الرقة والحسكة وحلب.

ولا تُميِّز أدبيات "داعش" ضد الأشخاص على أساس الانتماء العِرقي أو الإثني، بل على أساس الدين والولاء للخلافة.
ومع ذلك، أدَّى القتال بين "داعش" ووحدات حماية الشعب الكردية في سوريا إلى انتهاج "داعش" سياسة خاصة تجاه الأكراد، لا سيما بعد تدخُّل التحالف الدولي.

– وجدت منظمة هيومان رايتس ووتش والشبكة السورية لحقوق الإنسان أدلةً تثبت انخراط وحدات حماية الشعب الكردية في جرائم تطهيرٍ عِرقي ضد العرب والتركمان في منطقة تل أبيض بمحافظة الرقة، ووادي الخابور بمحافظة الحسكة.

وتُظهر تقارير أخرى تصرفاتٍ شبيهة نُفِّذت ضد مجموعاتٍ عِرقية غير كردية في مدينة القامشلي ووادي الخابور.
واتُّهِمت وحدات حماية الشعب الكردية وقوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) بإجراء اعتقالاتٍ تعسفية غير قانونية استناداً إلى اتهاماتٍ زائفة بالإرهاب، ومصادرة وتدمير ممتلكات المعارضين، والتهديد بضرباتٍ جوية من التحالف الدولي.

ومع ذلك، تُظهِر البيانات العملية أنَّ سياسة وحدات حماية الشعب الكردية المتعلِّقة بالتهجير القسري محدودةٌ في نطاقها الجغرافي، وتقتصر على المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية لمشروع وحدات حماية الشعب التوسعي.

– اتهم النظام السوري ومنظماتٌ حقوقية مجموعات المعارضة المسلحة بارتكاب جرائم حرب ضد الأقليات الدينية والعِرقية، بما في ذلك القصف العشوائي والتهجير القسري. وتشير هذه المزاعم أساساً إلى أحداثٍ جرت بين عامَي 2013 و2016 في اللاذقية، وحماة، وحمص، ودمشق، وإدلب، والحسكة، والرقة.
ولا توجد أدلة عملية كافية لإثبات وجود سياسة تطهيرٍ عِرقي لدى المعارضة.

ومع ذلك، يمكن إلقاء اللائمة على مجموعات المعارضة المسلحة بسبب فشلها في إرساء سيادة القانون، أو منع أعمال الإرهاب، أو تقديم الجناة إلى العدالة.
وفي الواقع، بالرغم من رفض التيار السائد في المعارضة أعمال الإرهاب والتمييز، فإنَّه أخفق في منع تطرّف الأشخاص الذين انضموا لاحقاً إلى تنظيمَي "القاعدة" و"داعش".

– هذا الموضوع مترجم عن منتدى الشرق. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
سينان هتاهت
دكتور باحث في الشأن التركي والسوري
تحميل المزيد