15 معلومة لكي تتمكن من التعامل مع الشخصية الحساسة

عدد القراءات
2,962
عربي بوست
تم النشر: 2018/04/13 الساعة 13:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/03 الساعة 13:44 بتوقيت غرينتش
Thoughtful woman at home looking through the window

عندما يبدأ الشخص في التعرف على نفسه وهو في أواخر العشرينات من عمره، فإن الأمر يعد بمثابة التنقيب عن الآثار!

نعم، لا تندهش؛ فهذا ليس وقت الاندهاش على الإطلاق، استعدَّ واستجمع مُعداتك للخوض في تلك الأعماق، فسوف نستخرج تلك الحفرية حتى نعيدها إلى الحياة. ولكن.. لا بد أن تستخرج تلك الحفرية دون حدوث كسور أو شروخ بها وإلا فقدت قيمتها تماماً.

تنويه هام: إن كنت تتخيل أن هذه المقالات ستعطيك الحلول السحرية وأنها من نوعية المقالات التي تقول "طريقك للوصول إلى شخصيتك الحقيقية"، أو "10 طرق لتتعرف على نفسك وتنير طريقك"، وما إلى ذلك من هذه المقالات التي تختزل عقلنا البشري إلى مجرد آلة لتنفيذ الخطوات فقط- فأرجوك لا تكمل قراءة المقال؛ فهو غير مفيد بالنسبة لك.

وأما إذا كنت ممن يؤمنون بأن الله قد حبانا هذا العقل لنحلل ونفكر ونستخلص الدروس والعبر من بين الكلمات والأسطر، فمرحباً بك في عالم إعمال العقل، فهذه المقالات موجهة إليك. فقط، استمتع بالرحلة، فلن أضيع عليك متعة اكتشاف نفسك بنفسك.. فتلك متعة لا يضاهيها شيء،

ستحتاج خلال رحلتك داخل أعماقك إلى: القراءة بكثرة، الصبر، التأمل أو على الأقل لحظات تفكير خاصة جداً، التسامح، مراقبة تصرفاتك وردود فعلك.

وستحتاج أيضاً إلى مضاد للصدمات (لا أدري بالنسبة لشخصيتك، ماذا سيكون بالضبط مضاد الصدمات الأفضل. ولكِّن فكر في أكثر شيء ممكن أن يجعلك تتقبل الصدمات بصدر رحب؛ فستحتاج إليه بالفعل خلال هذه الرحلة).

عشت طوال حياتي أعتقد -ولأكونَ أكثر دقة سأقول: جعلني المجتمع أعتقد- أنني شخص اجتماعي جداً؛ وذلك للباقتي العالية عند التحدث، فتمَّ إلقاء الحكم عليَّ وعشت طوال حياتي السابقة بهذه البصمة.

في المدرسة، يجب أن أكون اجتماعية وأشترك في جميع الأنشطة المدرسية؛ فهكذا الشخص الاجتماعي.

في الفصل، يجب أن أكون اجتماعية وأتفاعل مع كل زميلاتي وأكوِّن أكبر عدد من الصداقات، ويجب أن أكون صديقة للكل ومعروفة جداً لدى جميع المدرسين؛ فهذا من سمات التلميذ النجيب.. وهكذا يجب أن أكون!

بعدما قررت أن أتعرف على نفسي وعلى ابنتي أكثر، بدأت بالعودة إلى القراءة، فقد تذكرت أنني كنت من هواة القراءة وأعشق جلوسي مع الكتاب في حالة استفراد تام به وأنسى العالم المحيط كأنه لم يكن (يتبلور ذلك في تلك الكتب القصصية التي يضعها محبو القراءة داخل الكتاب المدرسي في أوقات المذاكرة).

بدأت بالقراءة عن أنماط الشخصية المختلفة، وكيف يمكن أن يتعرف الشخص على ماهيته من خلال المؤشرات التي تظهر عليه وردود فعله.

قمت بعدة اختبارات موجودة على الإنترنت (إن قمت فقط بكتابة الكلمة التي تودُّ البحث عنها في محرك البحث، فستجد الكثير من هذه الاختبارات).

عندها اكتشفت أولى صدماتي، بأنني لست اجتماعية على الإطلاق! وبدأت أتعرف على شخصيتي الحقيقية وأنني أحد هؤلاء الذين يعانون في الأرض؛ لأنهم من هؤلاء الأشخاص الحساسين للغاية-Highly Sensitive People، وأن هناك كتباً ومقالات قد أفردت صفحاتها لشرح سماتهم للمجتمع، يمكنني أن ألخص أهمها فيما يلي:

– يستمعون غالباً إلى هذه الجمل:

(إنت حساس أوي- بطل حساسية بقا- الموضوع مش شخصي مش كل حاجة تاخدها على نفسك..) إلى آخره من تلك الجمل التي توضح أنك تستجيب للمؤثرات الخارجية بشكل كبير.

– القدرة على الشعور بعمقٍ أكثر من أقرانهم والتعبير بشكل عاطفي أكثر:

يشعرون بكل المواقف التي حولهم بشكل أعمق بكثير من غيرهم، يأخذهم الموقف إلى عالم آخر يدخلون في أعماقه ويعيشونه دون وعي منهم؛ فيفرحون ويغضبون ويحزنون بشكل استثنائي، ويطلق عليهم المجتمع لقب "مأفورين".

أتذكر أن إحدى صديقاتي ذات مرة كتبت لي في أجندة الذكريات الخاصة بي "هل أنت فتاة استعراض؟"

ظلت هذه الجملة تحزنني وترنُّ في عقلي طوال سنوات إلى أن عرفت أنني أستقبل المواقف وأقوم بردِّ فعل بشكل أعمق؛ ولذلك التصق بي لقب "مأفورة".

– أكثر اهتماماً ووعياً بتفاصيل الأمور المستقبلية:

فهم يركزون في كل التفاصيل التي يمكن أن تحدث قبل أن تحدث، فيمكنهم جيداً معرفة إلام سيؤول الأمر؛ لأنهم أدركوه في عقولهم قبل الآخرين، وغالباً ما تصيب نظرتهم المستقبلية.

– يحتاجون وقتاً في دراسة الأمور واتخاذ القرار:

من الأفضل لهؤلاء الأشخاص أن يأخذوا وقتاًأكبر في اتخاذ القرار؛ لأن عقولهم مركَّبة بطريقة تدريجية تراكمية، لا بد أن تُنظَّم الأمور داخلها أولاً؛ حتى تشعر بالراحة عند اتخاذ القرار.

وإذا حدث واتخذوا قراراً سريعاً، فهم غالباً ما يندمون عليه؛ لأنه لم تتم دراسته جيداً من وجهة نظرهم، رغم أن هذا القرار الذي اتخذوه تواً قد يبهر مَن أمامهم، إلا أنهم لا يشعرون بأنهم فكروا جيداً قبل اتخاذه ولا يعنيهم انبهار الآخرين به، ولا يتعارض ذلك مع كون أغلبهم مباردين.

– من السهل جداً أن يتبنُّوا مواقف الآخرين:

إذا لم يكن لديهم وعي بشخصيتهم فسينساقون إلى الانغمار في مشاكل الأصدقاء والأقارب والجيران… إلخ؛ لأنهم يعيشون المواقف بشكل أعمق ويشعرونها ويتبنُّونها كما لو كانت مشاكلهم الخاصة، وهذا يجلب عليهم الكثير من المشاكل واللعنات.

– يفضلون العزلة ولكن ليسوا بالضرورة انطوائيين:

نحو 30% من الأشخاص الحساسين للغاية منفتحين-extroverts، والباقي انطوائيون-introverts.

تزداد تلك النسبة وتقلُّ بالوعي، ويصل البعض إلى التحكم فيها في الأوقات المختلفة، ويتبنى عنهم المجتمع فكرة (واخد مقلب في نفسه- متكبر- تِنِك)، ولا يفهمون أنهم لا يندمجون في المواقف الجديدة بسهولة ويحتاجون إلى وقت لكي يسمحوا لك بالدخول إلى منطقة أمانهم.

فمثلاً، ذُهلت عندما علمت أنني شخص غير اجتماعي، أفضل العزلة والمجموعات الحميمية الصغيرة، وأشعر بالتوتر والغرابة داخل المجموعات الكبيرة. ولكن اجتماعيتي فقط تظهر وقت العمل؛ فعندما أقف في قاعة التدريب وألقي محاضرة تفاعلية، فإنك سوف تشعر بأنني أكثر شخص اجتماعي قابلتَه في حياتك.

– تستجيب أجسامهم لهم بدرجة مذهلة:

ولأنهم يشعرون بدرجة عميقة للغاية، فإن أجسادهم تستجيب لذلك العمق مباشرةً، فإذا توتروا يبدأون في الشعور بالمغص أو الدوار فوراً، ويتضخم القولون ما إن يغضبوا أو يحزنوا بشكل عميق.

تستطيع أن تعرفهم، فهم أولئك الأشخاص المريضون دائماً دونما سبب عضوي واضح! وهم أولئك الذين يحتار فيهم الأطباء ويُرجعون مرضهم غالباً إلى "حالة نفسية"؛ لأنهم لا يجدون سبباً عضوياً واضحاً لذلك المرض.

ومن ضمن المضحكات المبكيات لحالهم، أنهم أحياناً لا يستطيعون أن يرتدوا ملابس الخروج إذا كانوا غير مهيَّئين نفسياً للخروج. فحرفياً، يشعرون بأنهم لا يستطيعون أن يضعوا هذه الملابس على هذا الجسد؛ فهو كالشوك بالنسبة لهم، وممكن أن يصلوا إلى مرحلة انهيار تام إذا اضطروا إلى فعل ذلك رغماً عنهم.

– من أكثر الشخصيات عرضة لأمراض القلق والاكتئاب:

نتيجةً لتجاربهم السيئة الماضية التي شعروا بها بعمقٍ، فهم كثيرو الاكتئاب والقلق، ويشعرون أكثر من غيرهم بعدم الأمان في المجتمع أو المنزل، فدائماً ما يغلقون الترابيس في أثناء وجودهم بالمنزل مثلاً. بالطبع، يمكن التغلب على ذلك بالوعي بالحالة وتوفير بيئة آمنة مناسبة لهم.

– الفوضى ترهقهم والضوضاء تستنزفهم:

إذا كنت تستمع إلى صوت عالٍ ويخبرك عقلك بأنه مزعج، فهو بالنسبة إليهم ليس فقط مزعجاً وإنما مؤلم!

فهم لا يستطيعون تحمُّل الأصوات المزعجة؛ لأنهم يسمعونها بعمق، وأيضاً لا يستطيعون أن ينظروا إلى الأماكن الفوضوية؛ لأنها ترهق أعينهم وحواسهم جداً. فهم يعشقون النظام والأماكن المنظمة؛ كالمكتبات أو المحلات التجارية المقسمة إلى وحدات وألوان متناسقة ذات الرفوف المنظمة والمرقمة، فهي بالنسبة إليهم أفضل الأماكن التي تجلب لهم الهدوء النفسي.

ولا أبالغ إن ذكرتُ أنك من الممكن أن تسمع منهم في لحظات الفوضى أو الضوضاء جملاً مثل "مش قادر أتحمل هيجيلي انهيار عصبي".

– أفلام الرعب أسوأ ما يمكنك أن تفعله بهم:

فهم لا ينسون المواقف، وتظل الصور عالقة في ذاكرتهم سنواتٍ طوالاً، فهي تعذبهم دائماً، وتَظهر أمامهم بشكل مستمر، فلا يستطيعون النوم أو مواصلة الحياة بشكل سليم، وأغلبهم يعانون صعوبة النوم ليلاً في أوقات مختلفة من حياتهم.

المنشورات العامة التي تتحدث عن الجرائم والقتل والمجازر هي أسوأ ما يحدث لهم في الحياة.

– ناقِشهم بموضوعية ولا تنتقد بشكل صريح:

هؤلاء الأشخاص، مع أنهم أصدقاء جيدون للغاية ومستمعون رائعون، ملتزمون إلى أقصى حد في العمل والمواعيد، متفانون فيما يفعلون حتى النهاية، ولكنهم لا يستطيعون تقبُّل الانتقاد الشخصي المباشر الحاد الذي يُشعرهم بأنهم بأنهم مضطهدون.

عندما تريد مناقشة الأمر معهم تجنَّب توجيه الانتقاد المباشر إليهم؛ فهذا عدوهم اللدود، ويهربون منه غالباً بطريقتين:

1- يظل بعضهم ينتقد نفسه ويسترضي الناس قبل أن ينتقدوه، فهو دائماً ما يخاف من الانتقاد.

2- البعض الآخر يتحول من دور المناقشة إلى الهجوم مباشرة فور سماعه أولى كلمات الانتقاد.

– يفضلون التمرن وحدهم:

لأنهم لا يتحملون فكرة المقارنة، ولا يتحملون أن يكونوا تحت أعين الآخرين في كل شيء يفعلونه، فهم يفضلون دائماً أن يتمرنوا أو يذاكروا فرادي تحت سيطرة كاملة على البيئة والأمان المحيط بهم.

– أماكن العمل المفضلة لديهم:

أماكن العمل المفتوحة كصالة كبيرة للعمل مقسمة إلى أجزاء مفتوحة، تجلس وظهرك إلى العراء، هو أسوأ مكان عمل بالنسبة لهم.

أما المكتب الخاص أو المربع المقسَّم إلى أجزاء والذي يعطي شعوراً بالخصوصية، فهو المكان المثالي للعمل والإبداع لديهم، ولا يتنافى هذا مع عدم تحمُّلهم الأبواب والشبابيك المغلقة بشكل دائم، فهم يعشقون تنسُّم الهواء؛ فهو كالحرية بالنسبة لهم.

– 10 % منهم يصبحون أفضل متحدثين عامّين عالميين-international public speakers:

لأنهم يفضلون العزلة، فهم يتحدثون إلى أعماقهم بشكل إيجابي ومستمر، متواصلين مع ذاتهم بشكل فائق للعادة، وعندما يقفون على خشبة المسرح أمام الجموع يخرجون أروع الكلمات التي تلهب الحماسة وتشعل الطاقات، فلديهم طاقة لا تنضب أبداً طالما يتاح لهم الفرصة للاختلاء بأنفسهم دائماً.

– الطبيعة هي مكانهم المثالي لكل شيء:

يسمعون أصوات العصافير بصوت أعمق يدغدغ حواسهم، يستطيعون الشعور جسدياً بحفيف الأشجار وكأنهم يتحركون معها، يتفاعلون مع البيئة بشكل استثنائي، ويعشقون المشي حفاة؛ حتى يشعروا بما يلامس أقدامهم.

هؤلاء هم المعذَّبون في الأرض، لا يفهمهم الكثيرون، أصدقاؤهم الحقيقيون نادرون؛ لأن الكثير منهم لا يستطيع أن يتفهم احتياجاتهم ويحكم عليهم، فهم يتفهّمون احتياجات الناس، ولكن لا يفهمهم إلا القليلون؛ بل النادرون.

الأشخاص ذوو الحساسية العالية مختلفون فيما بينهم اختلافات كبيرة؛ فقد يكون بهم بعض هذه العلامات بطريقة واضحة، وبعضها مغمور أو تم التغلب عليه، وبعضهم يصل إلى مرحلة عميقة من الوعي يستطيع أن يُظهر ويُخفي من شخصيته ما يشاء أمام الناس، ويتقبل نفسه لدرجة تجعله يعيش حياته كما يريد ولا يأبه بما يقولون عنه.

إذا كنت قرأت المقال بعين الشخص البالغ وتبحث داخله عن علامات لشخصيتك، فاقرأه مرة أخرى بعين الوالد الذي يبحث عن هذه العلامات داخل طفله، فكلما اكتشفت شخصية طفلك مبكراً وفَّرت عليه الآلام مبكراً.

لأن هذا النوع من الأطفال يتلقى من العذاب النفسي يومياً ما لا يمكن وصفه، فهو يؤدي دوراً في الحياة غير المنوط به فعله، يتم دفعه دفعاً لأن يعيش حياة مختلفة بعيدة كل البعد عن حياته الحقيقية وعن نقاط قوته وإبداعه؛ فقط لأنه يجب أن يكون -كذا- بمعايير المجتمع!

هذا الطفل مبتكر ومبدع جداً إلى أقصى حد، وهو من الشخصيات المؤثرة في المجتمع إن سنحت لهم الفرصة. ولكن لن يتم اكتشاف ذلك إلا إذا عاش حياته الطبيعية حسب شخصيته الحقيقية وتمت تهيئة البيئة المحيطة حوله لتكون له دعماً وأماناً من هذا المجتمع المدمر الذي يغتال هؤلاء الأطفال ذوي الحساسية العالية.

ينتظر منه المجتمع أشياء لا يستطيع فعلها، وينظر إليه والداه على أنه غير طبيعي؛ فهو إما يبتعد تماماً عن الكل وينعزل، فيظنون أن به مشكلة نفسية، وإما يقرر أن يفعل ما يودون منه فيعيش طوال حياته في آلام وعذابات نفسية، ولن يكتشف ذلك إلا بعد أن يقضي نحو نصف عمره مشتتاً وتائهاً لا يعرف من هو.

تعرفوا على شخصيات أطفالكم من قرب، وارحموهم من متطلبات المجتمع الظالمة، فكل طفل لديه شخصية مميزة جداً قد أهداه الله إياها دون غيره، فلا تطالبوهم بأن يكونوا نسخاً بعضهم من بعض، وتقبُّلوهم واحتوهم كما هم.. فهم يستحقون.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أميرة سعد
حاصلة على دبلومة دولية في المنتسوري
تحميل المزيد