ياسر مرتجى.. الشاب الذي جسد نضال سكان غزة – يائسون لكنهم متحدون

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/13 الساعة 14:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/05 الساعة 07:33 بتوقيت غرينتش

على مدى السنوات الـ11 الماضية، تصدرت غزة بانتظامٍ عناوين الصحف، باعتبارها هدفاً لـ3 هجمات عسكرية، وحصار مستمر وكارثة إنسانية. نالت صرخة جيل كامل ، يتوسل الحصول على المساعدة، اهتماماً أقل، وكان صراخهم  يذهب مهب الريح.

ياسر مرتجى، صحفي في غزة، كان واحداً من هذا الجيل، جيل كان محاصَراً داخل الأسوار العسكرية المحصنة التي تحيط بغزة من جميع الجهات، جيل لا يزال حقه في السفر بِحُرية خيالاً بعيداً.

أصيب ياسر برصاص قناص إسرائيلي يوم الجمعة، بينما كان يغطي مسيرة "العودة الكبرى" الثانية. أصابته الرصاصة في البطن، المنطقة الوحيدة التي لا تغطيها سترة "الصحافة" الواضحة. وتوفي بعد بضع ساعات.

قبل أسبوعين من وفاته، كتب ياسر على صفحته على موقع فيسبوك: "أحلم باليوم الذي أستطيع فيه التقاط هذه الصورة من السماء، وليس من الأرض. اسمي ياسر مرتجى، عمري 30 سنة، أعيش في غزة. لم أسافر أبداً!".

حاول ياسر، مراراً وتكراراً، التقدم بطلب للحصول على حق السفر خارج غزة، لكن كل محاولاته باءت بالفشل. رثاه الكثير من أصدقائه وزملائه، وكانت الغالبية العظمى منهم  مثله تماماً.. لم يسافروا طيلة حياتهم خارج غزة. لقد وُلد جيله في الانتفاضة الأولى، وشهد الانتفاضة الثانية، ونجا من 3 هجمات عسكرية إسرائيلية رئيسية على قطاع غزة، وما زال يعيش تحت الحصار.

وعلاوة على ذلك، من بين المليونين الذين يعيشون في غزة، فإن الثلثين هم أحفاد لاجئين من المدن والقرى المجاورة التي دُمرت عند إنشاء إسرائيل عام 1948، وجميعهم ضحايا للحصار الإسرائيلي المستمر الذي حوّل غزة إلى أكبر سجن مفتوح في العالم.

حضر يوم الجمعة الذي صادف اليوم الأول من المسيرة، المستوحاة من حق عودة هؤلاء اللاجئين، أكثرُ من 30.000 من المدنيين العزل، الذين نصبوا الخيام على طول الحدود وشاركوا في وسائل بديلة للمقاومة، مثل القراءة والغناء والرقص، في مشهد يذكِّرنا بالأيام الأولى من ميدان التحرير.

الطبيعة اللاعنفية للمسيرة لم تمنع القناصة الإسرائيليين، الذين اصطفوا خلف السياج الأمني، من قتل ما لا يقل عن 16 متظاهراً وإصابة أكثر من 750. ومع ذلك، على الرغم من العدد الكبير من الضحايا، سار الآلاف إلى الحدود يوم الجمعة التالية، في مشهد مؤثر للشجاعة. وقُتل ما لا يقل عن 9 آخرين، ولكن من غير المرجح أن يثني هذا الناسَ عن الذهاب مرة أخرى يوم الجمعة المقبلة.

قال وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الأسبوع الماضي، إنه لا يوجد "أناس أبرياء" في غزة، مبرراً إطلاق النار الإسرائيلي على المدنيين غير المسلحين.

ببساطة، الفلسطينيون في غزة لا يملكون شيئاً يخسرونه. لقد حولت عقود من الحياة تحت الحصار والاحتلال الأرض إلى منطقة كوارث. فكل جانب من جوانب الوضع الذي لا يطاق في غزة، والذي غذّى هذا الاحتجاج، كان يمكن تجنُّبه لو أجبر العالم إسرائيل على احترام حقوق الفلسطينيين والامتثال للقانون الدولي. ومع ذلك، لم تفعل الحكومات الأخرى الكثير للتعريف بأن الأبرياء يُعاقَبون بشكل جماعي في غزة.

لقد حان الوقت بالتأكيد ليسيِّر شعب غزة الأمور بنفسه، والمسيرة المستمرة هي تمثيل قوي لتلك الإرادة. منظِّموها هم نشطاء غير منتسبين إلى أي مجموعة سياسية. حضر الآلاف من الناس من جميع الطبقات، ولم يحملوا سوى العَلم الفلسطيني. إنهم متحدون، ليس فقط بسبب إحباطهم واليأس وفقدان الأمل، ولكن أيضاً بسبب رغبتهم القوية في عيش حياة كريمة. رغبة قوية لدرجة أن الخوف من الموت لا يردعها.

أما ياسر، فقد تحقق حلمه الذي دام 30 عاماً في مغادرة غزة؛ لقد تركها إلى الأبد، ولكن دون رؤية أي مكان آخر بالعالم. لقد ترك وراءه مليوني شخص يواصلون مشاركة حلمه، لكن إلى متى..؟

  • هذه التدوينة مترجمة عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
ياسمين الخضري
باحثة وكاتبة فلسطينية
تحميل المزيد