بعد الغياب.. نسأل السؤال: “كيف لم نعرفهم؟”

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/12 الساعة 10:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/12 الساعة 10:49 بتوقيت غرينتش

تركت الوفاة المفاجئة للكاتب الروائي الدكتور أحمد خالد توفيق أكثر من علامة استفهام جعلتنا نستعيد الذاكرة ونتوقف قليلاً لدراسة أسباب العزوف، أو الغياب الذى كنا نصف به جيل الشباب، ونتعجب أو نكيل الاتهامات لهم بحالة العزوف عن المشاركة في العمل العام.

وقد كانت الانتخابات هي أقرب المناسبات التي عاشها المجتمع، وتميزت بظاهرة واضحة وملموسة، وهي أننا لم نبدِ ولو اهتماماً قليلاً بمحاولة الوصول إلى أسباب مقنعة، علّنا بذلك نتصدى لعلاج الكثير من المشكلات والتحديات التي تواجه مجتمعنا.

كانت وفاة الروائي الدكتور أحمد خالد توفيق وما تلازم معها من حضور غير عادي في رثائه على صفحات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والحضور القوي واللافت للنظر من جماهير المشيعين الذين توافدوا من معظم أنحاء مصر، ووصلوا إلى طنطا، مشاركين في وداع الراحل إلى مثواه الأخير، ظاهرة تستحق أن نقف عندها بالدراسة التحليلية.

بالتأكيد فإن غالبية هذه الجموع الشابة لم تكن تعرف الأديب الراحل بصفة شخصية أو عن قرب، ولكن التواصل كان من خلال الفكر؛ حيث كانت كتاباته وإسهاماته هي التي جعلت منه أحد الكتاب المقربين من جيل الشباب بشكل كبير.

وتحدث الإعلامى عمرو أديب، في برنامجه التلفزيوني، عن الأديب الراحل د. توفيق، وأبدى أسفه الشديد أنه لم يكن يعرفه.. وهذا أيضاً كان حال كاتب هذا المقال!! ومن هنا كان الدافع من أجل أن نفوق وتكون عندنا نوبة صحيان.

فمنذ عدة سنوات رحل أيضاً رجل الأعمال المعروف صلاح عطية، والملقّب برجل الغلابة؛ حيث كتبوا عنه وعن أعماله فقط بتوسع بعد رحيله، وذكروا أنه كان إنساناً بسيطاً في بداية حياته، وأنه كعادة كل المجتهدين والمخلصين والمتميزين فتحت العناية الإلهية له أبواب الخير من أجل إسعاد الآخرين.

فقد عددوا الكثير من أعمال الخير التي قدمها للمجتمع المحلي الذي عاش فيه بإحدى قرى محافظة الدقهلية، ومنها أنه أنشا مبنى سكنياً للطلاب وآخر للطالبات بسعة ألف طالب وألف طالبة، وطلب من هيئة السكك الحديدية أن يتوقف القطار بهذا المكان من أجل راحة وسلامة الطلاب، فطلبوا منه أن يتكفل بمصاريف تلك المحطة، وفعلاً قام بإنشاء الرصيف والمحطة التي بدأ القطار يتوقف عندها، وغير ذلك من أعمال خير كثيرة قدمها لأهل بلده لن تتسع مساحتنا هنا لذكرها.

كعادتنا، فنحن نستيقظ دائماً متأخرين! كيف لا يكون عندنا اهتمام عام بمثل هذه النماذج إن كانت عندنا كل هذه الإمكانات الإعلامية والعديد من البرامج؟! إننا نود أن يكون لدينا  في وقت قريب برنامج أو مجموعة برامج تسعى لتقديم هذه النماذج للمجتمع، وتسليط الضوء عليها حال حياتهم.

فذلك أقل حق لأصحابها الذين يعملون لبلدهم في صمت، فضلاً عن كون ذلك نوعاً من التحفيز والتشجيع للشباب الذي يحتاج دائماً إلى أن يكون أمامه قدوة ونموذج متميز يُحتَذَى به.

نحزن كثيراً.. ونخسر أكثر.. عندما لا يعرف المجتمع هذه النماذج المتميزة.. ويظل السؤال قائماً: كيف لا نعرفهم حال حياتهم؟! ولعل هذا المقال مما يندرج تحت مقالي السابق المتعلق بـ"الجلوس على دكة الاحتياط".

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
أحمد محارم
كاتب صحفي
تحميل المزيد