50 خطوة حتى يصل للانتحار.. ما هي لعبة الحوت الأزرق؟ وكيف تؤثّر على المراهقين؟

عدد القراءات
15,207
عربي بوست
تم النشر: 2018/04/08 الساعة 11:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/08 الساعة 11:01 بتوقيت غرينتش

المرة التي سمعت فيها عن لعبة الحوت الأزرق، كان وقت اعتقال مخترعها ومصممها الروسي، الذي أعلن وقتها عن أن هدف اللعبة هو التخلّص من حثالة الجنس البشري ومن النفايات البشرية عديمة الفائدة، ومن وقتها وأنا مهتم جداً بمتابعة أخبار هذه اللعبة وتجذب انتباهي كثيراً.

لعبة الحوت الأزرق هي لعبة تتم ممارستها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتستهدف شريحة الأطفال والمراهقين من سن 10 سنوات إلى 20 سنة، خصوصاً المراهقين الذين يشعرون بعزلة عن المجتمع وعدم قبول من المحيطين بهم.

اللعبة لا تعلن عن نفسها، المشتركون هم من يبحثون عنها، وهذا مهم لفهم طبيعة اللعبة واستراتيجياتها النفسية.

المراهقون عندهم نظام المكافأة في الدماغ المسؤول عن المغامرة والإدمان متطور جداً، بينما القشرة المخية المسؤولة عن القرارات العقلانية تكون في مرحلة الاكتمال، ولذلك فإن فكرة التحدي والإثارة التي تقوم عليها لعبة الحوت الأزرق تكون مثيرة جداً لهم.

اللعبة تتكون من 50 خطوة على مدار 50 يوماً، كل يوم يشمل تحدياً جديداً، كل لاعب له أحد المنظّمين يكون مسؤولاً عنه ومتابعاً له ولتنفيذه لكل خطوات اللعبة، ويكون مثل مرشد وأب روحي للمراهق.

يستيقظ المشترك يومياً من الساعة الرابعة والثلث فجراً، يخبر أحد المقربين منه في رسالة أنه يكرهه، يشاهد أفلام رعب ويسمع أنواعاً معينة من الموسيقى يرسلها له المرشد الذي يتابعه، ثم بعد ذلك ينفذ خطوة اليوم التي تكون في الغالب عبارة عن جرح على هيئة حوت أو أرقام يرسمها المشترك على يده أو في جزء من جسده، ويصوره ويرسلها للمرشد الذي يتابعه.

إذا أراد المشترك أن ينسحب من اللعبة، يتم إخباره من قِبل المرشد أن الانسحاب غير مسموح به، ويتم تهديده بصور ومعلومات عنه وعن عائلته يكون هذا المرشد عرفها من المشترك خلال فترة متابعته.

لعبة الحوت الأزرق تستخدم بعض النظريات النفسية التي تجبر المراهق على الاستمرار فيها حتى النهاية.

أولاً: نظرية طاعة السلطة obedience theory، مثل ما ظهر في تجربة ستانلي ميلغرام الشهيرة، فالبشر عندهم قابلية شديدة جداً لطاعة السلطة تصل إلى حد قتل الغير إذا تم أمرهم بذلك من شخص يمثل سلطة ما.

طبعاً رأينا ذلك بأنفسنا، البشر قادرون على صنع أشنع الجرائم في سبيل طاعة رمز السلطة، المرشد في لعبة الحوت الأزرق يأخذ دور السلطة، وبالتالي يشعر المراهق أنه مضطر لتنفيذ أوامره وينصاع له تماماً.

ثانياً: لعبة الحوت الأزرق تستخدم ما يعرف بالـconformity theory، حاجة الشخص أن يكون جزءاً من مجموعة ومقبولاً فيها وخوفه من التعرض للرفض منها، هكذا توفر اللعبة للمراهق مجموعة مشابهة له تشجعه على كل خطوة يمر منها في اللعبة وتحمسه وتدفعه بكل قوة للمواصلة، حتى يظل جزءاً منها.

بينما محاولات الانسحاب تقابل بكل عنف ورفض وتهديد من المشاركين الذي يمثلون للمراهق مجتمعه الجديد.

ثالثاً: لعبة الحوت الأزرق تستخدم مبادئ الإدمان، جرح الإنسان لنفسه من الممكن جداً أن يكون عادة إدمانية؛ لأنها تقلل من الضغط النفسي وترفع من هرمونات الطاقة والسعادة الإدمانية (الدوبامين بالذات)، وبالتالي مع الوقت ومع تتالي الخطوات يجد المراهق صعوبة في التوقف عن إيذاء نفسه حتى مع زيادة صعوبة الجروح المطلوبة، إيذاء النفس يتحول عند المراهق لعادة إدمانية ويزداد سهولة كل يوم.

مع الوقت ينعزل المشترك تماماً عن مجتمعه، ويزداد ارتباطاً بمجموعة الحوت الأزرق، يحدد المراهق مع المرشد يوم وطريقة تنفيذ الخطوة الأخيرة للعبة، ويتم تشجيعه بشدة من باقي المشتركين وتحذيره من الجبن وعدم التنفيذ.

يشعر أنه تحت الطاعة الكاملة للمرشد، ويتحول الانتحار إلى النشوة الكبرى، جرعة الهروين المميتة للمدمن، يصور المراهق آخر صورة له من موقع الحدث ويرسلها للمرشد ولباقي المشتركين، ثم ينفذ ما يظن أنه أصبح مصيره المحتوم.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عمر عادل
طبيب بشري
تحميل المزيد