ليس لوسامة “شاروخان” أو عيون “آيشواريا”.. لماذا أعشق السينما الهندية رغم “الأفورة”؟

عدد القراءات
3,435
عربي بوست
تم النشر: 2018/04/04 الساعة 09:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/12 الساعة 13:16 بتوقيت غرينتش


– يووووه يا بنتي! مش هتبطّلي الأفلام دي بقى؟!

– إيه ده؟! هندي تاني؟ إحنا مش هنخلص؟ ويا ترى البطل بيطير فوق السحاب ولا بيطلّع نار من عينه فيقتل الأشرار؟

– يا حبيبتي ارحمينا من الهندي ده، الشحتفة والرومانسية دي مش هتفيدك بحاجة، عودي يا هاميس إلى أرض الواقع.

– ناري نارين.. ناري من جماله.. الأفلام الهندي خيالو خيالو.

تعليقات ساخرة اعتدت سماعها خلال مشاهدة أي فيلم هندي ممن حولي، لكن "يا جبل ما يهزّك ريح"، ولا اتأثرت، وكان إفّيه علاء ولي الدين "اعمل نفسك ميت" في فيلم الناظر هو ردي الوحيد على أي شخص يحاول التأثير عليّ لسلب ريموت التليفزيون وتغيير الفيلم الذي أتابعه، أو التقليل من شأن السينما الهندية، التي يمكنني وصف حبّي لها بأنه لا نهائي.

ولكن أتستحق السينما الهندية ذلك؟ الحقيقة هي تستحق أكثر من ذلك، فعلى الرغم مما يبدو عليها من مبالغة مفتعلة في قلة قليلة من الأفلام التي تنتجها، لكن القيم والمعاني التي تقدمها بقية الأفلام تستحق أن نرفع لها القبّعة ثم ننحني لها احتراماً، فهي سينما تناقش قضايا المجتمع بكل جرأة بلا نقطة واحدة من الخوف، وتسعى لتقديم أفكار مجنونة و"مطرقعة" لجذب الجمهور، وأهم من ذلك بالنسبة لي أنا -العاطفية بزيادة- الحفاظ على معنى وقيمة الأسرة واحترام الآباء وتقديسهم.

فهؤلاء الذين يسخرون من الأفلام الهندية أو ينتقدونها، لم يروا السحر في تلك الرقصات التي تضج بمعاني الحياة في حركاتها والمصممة بعناية فائقة، أو شعروا بلمسات الربيع في "بالتة" الألوان المبهجة التي ترسم كل مشهد، سواء في الديكورات أو الملابس، أو الموسيقى التي تنقل من يسمعها إلى عالم رحب مليء بالحب والحرية والتسامح.

هل شاهد هؤلاء المنتقدون فيلم "pink" الذي يناقش قضية حق الفتاة في الحياة بحرية دون أن يحاكمها المجتمع على اختياراتها، وإلا تتعرض للتحرش والاغتصاب، أو فيلم "aarakashan" الذي يدور حول مفهوم التعليم الحديث ويسلّط الضوء على معنى "سبوبة التعليم" الذي انتشر في الجامعات، أو فيلم "ki&ka" الذي يتحدث عن أن الأعمال المنزلية ورعاية المرأة لمنزلها لم تعد تحظى بالتقدير أو العناية، أو حتى فيلم "YehJawaaniHaiDeewani" الذي يناقش أحلام الشباب في السفر والصداقة ومعاني الحب والانتماء؟ لا أعتقد ذلك، وهي أفلام كفيلة بتغيير وجهة نظرهم ولو قليلاً عن السينما الهندية.

فبحسب بعض المؤرخين بدأت السينما المصرية عام 1896 مع عرض أول فيلم صامت للأخوَين لوميير في مقهى "زوانا" بمدينة الإسكندرية، وهو يعتبر أول فيلم في العالم، فقد تم عرضه في باريس قبل وصوله إلى مصر بشهر واحد فقط، مما يدل على مكانة مصر السينمائية المهمة في ذلك التوقيت.

أما السينما الهندية فكان أول ظهور لها هو عام 1913 عندما عُرِض أول فيلم صامت "راجا هاريش تشاندرا" للمخرج دادا صاحب بهالكي، وعلى الرغم من أن الفرق بين السينما المصرية والهندية 16 عاماً في البداية، لكن التفوق كان لصالح السينما الهندية في النهاية التي صارت تنتج حالياً ما لا يقل عن 1000 فيلم سنوياً، تُوزَّع في كل أنحاء العالم بكل اللغات، حتى يمكننا أن نرى بعض الأفلام الهندية في دور العرض المصرية حالياً، مثل فيلم"tiger zindahai"، ومقارنة ذلك بالسينما المصرية التي تنتج 20 فيلماً "بالعافية" سنوياً، فيه ظلم للسينما الهندية.

هذا بالنسبة للإنتاج، فماذا عن القصص وحكايات الأفلام؟ لا تقدم الأفلام الهندية لوناً واحداً من الحبكات، كما يتصور البعض سواء في الرومانسية، أو الأكشن المبالغ فيه (الخيالي)، بل بالعكس، فالسينما الهندية تعكس جميع الأذواق، وعلى العكس من السينما المصرية، ففي أي فيلم سينمائي هندي سيجد المشاهد احتراماً يصل لحد التقديس لمعنى العائلة والأسرة والحفاظ على القيم الاجتماعية، مهما كان نوع الفيلم، وهو الأمر الذي بدأ يختفي تدريجياً من السينما المصرية.

وهناك تفصيلة صغيرة قد لا يهتم بها أحد، ولكن المتابع جيداً سيدرك أهميتها، هي أنه لا يوجد ممثل هندي، سواء كان مشهوراً أو مغموراً لا يجيد اللغة الإنكليزية بجانب اللغة الهندية الأم، والهدف هو ضمان تسويق تلك الأفلام، وأن تصل لأي جمهور في جميع أنحاء العالم. والممثلون هناك يعتبرون سفراء لبلدهم لدرجة ظهور البعض منهم في "تيدكس" (وهو مؤتمر سنوي لنشر الأفكار الجديدة والمتميزة في العالم) مثل شاروخان، للحديث عن الهند والسينما وتأثيرها.

لذا من أجل ذلك كله لا يستطيع أحد أن ينكر أهمية السينما الهندية وقوة تأثيرها في العالم كفنّ سابع، ومن أجل ذلك أيضاً أحب السينما الهندية وأعشقها كثيراً، وحتى لو اتهمنا البعض بأننا نُحبها من أجل رومانسية شاروخان، أو نفتن بها بسبب أفكار أمير خان، أو إعجاباً بأكشن سلمان خان، أو شقاوة رانبير كابور، أو بسبب جمال نسائها مثل كاترينا كيف، وكارينا كابور وكاجول وعليا بهات، ففي النهاية لا يقلل ذلك من قيمتها، أو يجعلنا نصفها بأنها مجرد أفلام هندي.

تم نشر هذا المقال في موقع نون

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
إنجي الطوخي
صحفية مصرية
كاتبة صحفية، تعمل حالياً بجريدة الوطن المصرية، وسابقاً في الشروق المصرية، حاصلة على بكالوريوس الإعلام من جامعة القاهرة. درست في الجامعة اللبنانية الأمريكية (دراسات إعلامية)، حصلت على العديد من الدورات التدريبية في رويترز، ومعهد جوته الألماني، والجامعة الأمريكية بالقاهرة. عملت في مؤسسة سمير قصير لحرية الصحافة خلال عام 2015، متخصصة في كتابة القصص الإنسانية، أؤمن بأن لبعض الكلمات تأثيراً يفوق الرصاص.
تحميل المزيد