احتل مسلسل "أنا شهيرة.. أنا الخائن" الذي يعرض حالياً على بعض القنوات العربية، حيزاً كبيراً من الاهتمام بين المتابعين، خاصة أن المسلسل مقتبس عن ثنائية للكاتبة نور عبد المجيد.
تتحدث الرواية بعد غوص كبير في التفاصيل، عن نموذج لخيانة الرجل وآخر لخيانة المرأة. وتعرض الكاتبة أنواعاً مختلفة للرجال والنساء، منها الطيب والشرير. ولكن نموذج الخيانة الذي تحدثت عنه يفتقد المنطقية ولا يستطيع العقل أن يستوعبه.
متى يبيح الرجل لنفسه الخيانة؟ ومتى يمكن للمرأة أن تتسامح وتقبل أو تغفر؟ متى ترفض وتثأر؟
هل يمكن لرجل يعشق زوجته عشقاً فوق الوصف، ويحاصرها بكل مظاهر الحب، ويبتكر المفاجآت والهدايا لإرضائها، ويبحث عن كل سبيل ليجعلها سعيدة، رجل بهذه المثالية هل يمكن له أن يسقط فجأة في مستنقع الخيانة؟ هل يمكن له أن يقيم علاقة مع امرأة انتهت من حياته منذ زمن ولا تربطه بها سوى ذكرى مؤلمة؟ هل تعاطفه مع مرضها مبرر كافٍ يجعله يمنحها علاقة دون أن يشعر كيف حدثت هذه العلاقة؟ رجل يرتكب الخطيئة في حق نفسه وزوجته ولا يدري إن كان يشعر بالندم أو أن الأمر لا يشكل فارقاً، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟
هل تستحق زوجة وقفت بجانب زوجها في كل مصيبة وألم وتعثّر أن يكون جزاؤها الخيانة من دون مبرر؟ هل تستطيع زوجة أن تغفر ذلك مهما كان الدافع؟
وعلى الجانب الآخر، لا يمكن لزوجة تحترم نفسها أن تخون لمجرد أنها تريد أن تجرب كيف يشعر الخائن عندما يرتكب هذا الفعل؟ لا يمكن أن ترضى أن ينتهك جسدَها أي شخص حتى ولو بدافع الانتقام من الرجل الذي تحبه وتسبّب في ألمها؟
صحيح أن الخيال قد يجعل الكاتب يدخل إلى مناطق مسموح فيها بسيناريوهات خارجة عن المألوف، ولكن الخروج عن المنطق وما يمكن أن يقبله العقل قد يكون نقطة ضعف في حق الكاتب.
الخيانة جريمة لا تُغتفر أياً كان الدافع، ولكن كيف تنهار امرأة ظلت على مدى أحداث الرواية قادرة على الصمود بقوة في وجه كل ما تعرضت له من مصائب في حياتها، وتنهار فجأة وتسقط في الرذيلة مع أول صدمة في شريك حياتها! هذا الفعل لا يصدر إلا عن شخصية هشة عكس ما صورتها الأحداث في البداية.
وكيف لرجل أن يتهاوى فجأة وبهذه السرعة لمجرد لقاء غير محسوب بامرأة من الماضي، برغم مثاليته الشديدة وترفّعه عن الخطأ مع الجميع حتى من تسبب في تدمير حياته؟
إذا عشق الرجل بحق، فلن يستبدل حبيبته بامرأة أخرى حتى ولو كانت أجمل نساء الأرض، ولن يلتفت إلى نظرة أو كلمة، أو يطأ أخرى تحت أي ظرف.
وكذلك المرأة؛ لأنها حرة ولأنها قوية، ولأنها واثقة بنفسها، لن تسلم جسدها لآخر، خاصة إذا كانت تحب زوجها، وحتى لو ارتكب فعل الخيانة بحقها!
ما تصوره الرواية، أن الحب قيمة يمكن إهدارها والتخلي عنها مع أي نزوة عابرة، وأن المبادئ قد تنهار مع أي هزة ريح، وأنه لا ثوابت ما دامت المبررات موجودة.
الحب الصادق أقوى من أي زلل، والعاشق لا يقبل بالسقوط، والمشاعر الحقيقية بتجربة كثيرين قد تصمد العمر بكامله دون أدنى تغيير، ولكنكم لا تصدقون.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.