مكالمة من مونتريال

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/30 الساعة 20:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/30 الساعة 20:28 بتوقيت غرينتش

توصلت برسالة على حسابي على لينكد.إن، من شخص يقول إنه كندي يدير مكتباً للاستشارات حول الهجرة خاصاً بـ"هجرة المستثمرين"، ذكر في رسالته أنه وجد اسمي في بحثه على لينكد.إن عن أصحاب مقاولات، وأنه يريد أن يعرض عليّ فرصة للهجرة إلى كندا. كتبت له أخبره أني قد حصلت منذ سبع سنوات خلت على بطاقة الإقامة الكندية، وأن السفر الدائم جعلني لا أستطيع البقاء في كندا المدة المطلوبة؛ لذلك لم تتسنّ لي ظروف تجديد بطاقة الإقامة. اعتقدت أن ردي هذا سيجعله يفهم أنني لست بالصيد المطلوب، لكنه أصرّ على الحديث إليّ هاتفيا.

رنّ هاتفي، أجبته قائلة: أهلاً صامويل كيف حالك؟

– أنا بخير، شكراً مدام درشول أتمنى أن تكوني بألف خير، تحدث صامويل بفرنسية أهل الكيبيك، فكان عليّ أن أتمعن جيداً في كلماته حتى أفهم جيداً ما يقوله، كان صامويل فرنكوفونياً جيداً لدرجة أنه طوال حديثنا كان يناديني بـ"مدام درشول"، في الوقت الذي كنت أناديه فيه على طريقة الأميركان… باسمه الشخصي.

سألني صامويل عن بطاقة إقامتي الكندية، وحين أخبرته أنني لم أجددها بعد، ولم أكمل المدة المطلوبة، قفز على هذه الفرصة؛ ليقول لي: "يبدو أن المحامي الذي تعاملت معه مدام درشول لم يخدمك بشكل جيد، ولم يخبرك أنه عليك أن تقيمي في كندا أكثر من سنتين لتتمكني من تجديد بطاقتك، ويؤسفني أن أخبرك أن الحل الوحيد أمامك هو أن تعيدي التقديم على ملف الهجرة من جديد، لكن هذه المرة كـ"مستثمرة".

كتمت بصعوبة ضحكتي وأنا أنصت لصامويل، فالخمس سنوات التي قضيتها أنتظر بطاقة الإقامة الكندية جعلتني أفقه الكثير عن قانون الهجرة الكندية، وكيف يتلاعب محامو ومستشارو الهجرة بالقانون؛ ليقنعوك بالوضعية المناسبة لك، في الوقت الذي تناسبهم هم، لكني أُعجبت بطريقته في استدراجي، فتجاوبت معه من دون أن أعترض على كلامه، كان يهمني أن أكتشف أكثر كيف سيقدم خدماته، وكان يهمني أن أفقه الكثير عن قوانين هجرة المستثمرين التي لم أكن أعلم عنها شيئاً.

قال لي صامويل: "مدام درشول، كندا بلد رائع، وهو مناسب جداً للمستثمرين، وأنتِ فيك كل المميزات التي تجعلك قادرة على الحصول على بطاقة إقامة كندية دائمة، فأنت لك خبرة في مجال التسيير، ومن بلد فرانكفوني، وتتحدثين الفرنسية، وهي كلها شروط مناسبة لتقدمي على ملف هجرة المستثمرين الذي سيفتح في فاتح يونيو/حزيران، يكفي أن تكون شركتك برأسمال يقدّر بمائتي ألف دولار، وقادرة على دفع مصاريف مكتبنا والتي تقدر بعشرين ألف دولار، زائد مصاريف للحكومة الكندية تقدر بثلاثة آلاف دولار، وفور أن تقدمي هذا الملف ستتم دعوتك لإجراء مقابلة للموافقة على طلبك في الحصول على بطاقة إقامة كندية دائمة، مدة الإجراءات ليست طويلة، تدوم فقط ثلاث سنوات، وهكذا سوف تحصلين على امتياز البطاقة، وإن كان لديك أطفال، ستكسبين تعليماً جيداً ومجانياً لأطفالك، وأيضاً خدمات صحية جيدة ومجانية، إضافة إلى جواز سفر كندي".

قاومت بشدة أن أناقش صامويل، وأن أقول له: "إذا كان عندي مائتا ألف دولار لماذا سأترك بلاد الشمس وأذهب إلى بلاد البرد؟".

قاومت بشدة أن أناقش صامويل وأقول له: "أنا حصلت على بطاقة الإقامة الدائمة في أربع سنوات وكلّفني الأمر ثلاثة آلاف دولار، ما الامتياز في أن أقدم كمستثمرة وأحول مبلغاً مالياً مهماً لأحصل على بطاقة الإقامة بعد ثلاث سنوات، وأنا بإمكاني الحصول على نفس الامتيازات فقط بمبلغ ثلاثة آلاف دولار؟".

أسئلة كثيرة كانت تدور في ذهني قاومت أن أشاركها مع صامويل، فقد كان مجرد محامي هجرة آخر يريد إقناعك بأن تصبح زبوناً له، وأن يحصل من خلال خدمته الاستشارية لك على عشرين ألف دولار عمولة.

أسئلة كثيرة دارت في ذهني وأنا أُنصت لصامويل، كيف يحاول أن يبيع "الحلم الكندي"، في تعليم مجاني، وخدمات صحية مجانية، وجواز سفر كندي يفتح لك أبواب العالم، ولا يسجنك في مكان معين، فقط لأنك وُلدت في مكان جوار سفرك فيه لونه أخضر.

أسئلة كثيرة دارت في ذهني وأنا أنصت لصامويل، وأتذكر ذاك اليوم الذي ذهبت فيه إلى السفارة الكندية بالرباط لأحصل على فيزا الإقامة الدائمة بكندا بعد خمس سنوات من الانتظار، كان يجب أن تكون أربعاً فقط، لكن لأنني كنت مراسلة متعاونة مع "الجزيرة" تطلّب الأمر تحقيقاً مطوّلاً في عدم وجود نوايا تخريبية.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
شامة درشول
مستشارة في تطوير الإعلام
تحميل المزيد