عن إرادة عربية بلا سياسة

إذا حصلت الدول العربية على قادة يحملون مبادئهم في جيوبهم، ويجعلون اهتمامهم بأوطانهم أحد أسس حكمهم، فبهذا سيسقط عصر الظلم سقوطاً مدوياً، وتنهض بلداننا تاركة الحروب خلفها وهي تركض مسرعة نحو الازدهار.

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/28 الساعة 03:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/28 الساعة 03:05 بتوقيت غرينتش

خروجك من السياسة يعني أنك خرجت من متاهة طويلة إلى مكان طهور، لم تعد اليوم في الوطن العربي سياسة بل متاهة، ومن هذا المنطلق سميت نجاسة، لن تخرج بها إلى طريق صواب كأنك لاعب قمار مدمن، ولهذا كثرت السياسة في المنطقة العربية؛ لأننا أكثر جُبناً من أي أحد غيرنا، لاحظوا أننا أكثر شهرة، لكن شهرتنا مزرية جداً.

انظروا إلى البلدان النامية والثرية باقتصادها ومالها وعتادها، ستجدونها بلداناً لا تريد السياسة أو تجعلها من أولوياتها، ولو كانوا يتبعون السياسة لكانوا فاشلين، ولما رأينا الوزير يقدم استقالته هناك؛ لأنه تأخر في الدوام، ولا رأينا الموظف يذهب إلى عمله بدراجة هوائية.

فيما يمشي الوزير، خصوصاً في اليمن، بموكب ويشعر بفخر واعتزاز، وتسمعون في وقت من الأوقات عن أن محمد بن سلمان قام بشراء يخت، وشخصاً آخر يعتقد أنه مسؤول رفيع قام باقتناء قصر، وآخر فيلا على الساحل بباريس خارج البلاد؛ لأن فيصل القاسم إعلامي بيع بيته في سوريا بمليون دولار، وحيث كانت تبلغ قيمته الحقيقية ثلاثة ملايين.

أنا لا أتحدث أو أنتقدهم؛ لأنهم يمتلكون أموالاً، لكنني أنتقدهم؛ لأنهم يمتلكون أموالاً كثيرة ولا يُحسنون التصرف بها.

قال ترامب في مقابلته لمحمد بن سلمان: إن المملكة العربية السعودية تمتلك ثروة كثيرة وستعطينا جزءاً منها، ويكون ذلك على شكل صفقات.

في الانتخابات قالها بصريح العبارة: لن نحمي أي دولة ما لم تعطِنا المال.

يبدو أن الرجل يحب المال ويجيد التصرف فيه، ولهذا أصبح مليارديراً، ولكنه يبدو متواضعاً ذهب إلى المملكة بنفسه وزار عدة دول، وقد جلب من المملكة ودول الخليج مليارات ربما مقابل تحسين العلاقات أو تمرير أشياء، منها إيصال محمد بن سلمان للحكم، سيعمل المستحيل من أجل بلاده، وسيحاول رفع اقتصادها هذا ما قاله بنفسه.

في الخارج، تشعر من خلال أعمالهم المتواضعة بأنهم يعملون لوطن لا يعرفون ما معنى مصطلح "مطامع" شخصية، ولا يعرفون "غسيل الأموال" أو السرقة، ولكن يهتمون ببلدانهم فقط، ويريدون أن يروها على أحسن وجه، لا كما يعملون في بلداننا العربية يدمرون ما تم إنشاؤه، ويهدمون ما تم بناؤه؛ لأنهم تم بناؤهم على فكر واحد، وعقلية متخلفة واحدة هو التشبث بالسلطة والمقارعة على الحكم حتى أن كلف ذلك دمار البلد، ولو أن ذلك الفكر المتصلب لم يكن موجوداً لكانت بلداننا مزدهرة، ولكن ربما هذه هي حال العرب التي بنوا عليها جيلاً بعد جيل، وهم أكثر غجرية من بين العالم كله.

كان العرب هم المستحوذون على العالم بأسره يحكمونه طولاً وعرضاً وشرقاً وغرباً، وكانوا هُم الأصل والفصل، ولعلهم كانوا أساس الفحولة "أقحاح".

وفي غفلة من أمرهم طغى عليهم فكرهم المتصلب، ولو لم يكن ذلك إنما صحا الأوروبيون وغيرهم وأشغلوا عقولهم فيما لا يزال العرب كما كانوا يحكمون بالقوة، ويتعاملون مع المواقف بالقسوة، ويتمسكون بغجريتهم، ويرون ما ليس صواباً بنعم الصواب.

أحياناً قد يرجع الإنسان إلى صوابه، وقد يتغير قدر العرب، ويعلو نجمهم، لكن بشرط واحد هو إذا حصلت الدول العربية على قادة يحملون مبادئهم في جيوبهم، ويجعلون اهتمامهم بأوطانهم أحد أسس حكمهم، فبهذا سيسقط عصر الظلم سقوطاً مدوياً، وتنهض بلداننا تاركة الحروب خلفها وهي تركض مسرعة نحو الازدهار.

هذا ليس تكهناً ولا وهْماً بل هو حلم مع الإرادة سيتحول إلى حقيقة، لا شيء يصعب أمام الإرادة، وما تحتاجه شعوبنا العربية هي الإرادة، فحين تتواجد سيصنع المستحيل، ولمَ لا والله قد خلق الإنسان وجعل له العقل ومنه يفكر ويستعمل عقله صحيحاً فلن يختلف عن عقول الغير، فلا الأجانب عقولهم أكبر، ولا الغربيون هم أكثر ذكاءً منّا، ولكنهم استخدموا عقولهم جيداً، ونحن استخدمناها بشكل خاطئ.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد