كيف تتعايش مع إحساسك بالنقص في شيء ما؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/27 الساعة 11:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/27 الساعة 11:08 بتوقيت غرينتش
A Caucasian woman is indoors in her living room. There is a Christmas tree in the background. The woman is wearing warm clothing. She is sitting on the couch and looking sad because she is alone on Christmas day.

مهما كنتَ سعيداً في هذه الحياة فمن المؤكد أن لديك أمراً ما أو مجموعةً من الأمور تنقصك، وهذا أمر بديهي، فلا يوجد مخلوق كامل أو ليس لديه نقص في هذه الحياة، لكن في نفس الوقت وجود النقص لا يؤثر على نجاح الشخص أو تميزه.

قد يجد الشخص أن لديه نقائص مادية أو اجتماعية أو صحية، أو في أي مجال أو أمر يمثله، لكن هذه النقائص ليست مرتبطة بمدى تميزه أو قلة شأنه في المجتمع، ولا هي سبب في فشله، بل تغلبه على نقصه بالإرادة أو الاجتهاد أو القناعة يجعل منه شخصاً مميزاً وناجحاً في حياته، ودليل ذلك أنه يوجد عدة أشخاص لديهم نقص كبير في حياتهم، وهناك حتى مَن لديه نقص يجعل منه شخصاً ضعيفاً أو دائم المرض أو لديه تشوهات جسدية، لكنه متميز، وكل الأنظار تتجه له وناجح في حياته.

نقصان شيء ما في حياتك لا يدلُّ على أنك شخص به عيب؛ لأنه ما من شخص إلا وله نقص ما، لكن إذا كان الشخص يحس أن نقصان ذلك الشيء في حياته سيؤثر عليه سلباً أو يوقعه في المشاكل فعليه محاولة نزع ذلك النقص من حياته، كأن يعالج مرضه إن كان مريضاً، أو يحاول كسب المال إذا كان فقيراً، وغيرها من الأمور التي نستطيع تعديلها مادياً أو بجهدنا، وإن كان الأمر الناقص عبارة عن شيء معنوي يمكننا تعويضه بشيء آخر ينوب عنه أو يعوض مكانه.

هناك أمور تنقصنا تتجسد في فقد شخص عزيز علينا أو عدم وجود شخص قريب منا في حياتنا، وفي الغالب هذا النوع من النقص ليس له حل؛ لأنه مرتبط بالقلب والمشاعر، ويؤثر على الإنسان كثيراً؛ لذا على الشخص أن يحاول الصبر على هذا النقص وأن يتحلى بالقناعة، وأن يؤمن بالقدر، أو أن يبحث عن شخص يحبه ينوب مكان غيره في قلبه، ويحاول معه استرجاع ما نقص من حياته سابقاً من جديد.

وفي الحقيقة بعض الأشخاص لا يعوَّضون لكن على الشخص أن يصبر، وأن يبحث عن شخص يحبه حقاً؛ لكي يحاول سد فجوة هذا النقص قليلاً، لكي لا تتأثر نفسيته بحزنه كثيراً.

هناك أشخاص كثر عندما يسمعون غيرهم يمدح لأخلاقه، أو عندما يقرأون موضوعاً عن شخص متخلق يحسون بالنقص، مع أن الأخلاق ليس لها دخل بالنقائص؛ لأنها من المكتسبات وليست مثل باقي الأمور التي تفرض علينا منذ ولادتنا، ولا من الأمور التي يتحكم بها القضاء والقدر، بل هي أمور يستطيع أي شخص التحلي بها إلا إذا أبى هو ذلك.

من الممكن أن نقول: إن ضعف شخصية الإنسان التي هي من النقائص كان سبباً في تهوره أو انسياقه دون تفكير وراء التفاهات أو الأمور التي تجلب له سوء السمعة أو المشاكل، لكن الأخلاق ليس لها دخل بذلك، فالشخص هنا كان يستطيع حماية نفسه من الوقوع في المشاكل والتفاهات بواسطة الأخلاق، لكنه أبى ذلك من ذاته، وبالتحديد بسبب عدم تفكيره بالموضوع بتعقّل، وهذا ناجم عن ضعف شخصيته.

إن كنتَ تجد نقصاً ما في حياتك ولم يكن ظاهراً، فليس بضرورة أن تبوح به لغيرك، وخاصة للأشخاص الذين يجعلون من النقائص عيباً؛ لأنك بعد هذا ستجد نفسك تتأثر سلباً بنقصك، ومن ثمَّ قد تجعل من نفسك شخصاً غير مرغوب فيه بسبب أمر قد يكون تافهاً، أو تستطيع إصلاحه إن وثقت بنفسك قليلاً، وإن وجدت شخصاً سعيداً في حياته فلا تقارن نفسك به، ولا تبحث عن نقائصه؛ لكي تُرضي نفسك بل انشغل بنفسك، وحاول أن تكون مثله، فكل ما في الأمر أنه شخص استطاع التغلب على نقائصه، أو اقتنع بحياته، أو بما وُلد عليه، أو أنه شخص لا يبوح بتفاصيل حياته، أو أنه شخص اجتهد وحارب نقائصه واستبدلها بأمور جميلة أكسبته مميزات جعلته ينسى نقائصه، أو ألغاها من حياته، وفقط المميزون والأذكياء توصلهم عقولهم لهذا المستوى المميز من التفكير والنتائج.

اجتهاد الشخص لمحاولة إسعاد نفسه في أي مجال من المجالات في هذه الحياة أفضل من أن يبقى جامداً في مكانه يعد محاسن غيره، أو يلوم نفسه على أمور خُلق مجبراً فيها أو يستطيع تغييرها، ولا يريد ذلك، بسبب تفكيره المحدود، فالأولى توصل الشخص لدرجة التميز أو السعادة، لكن الثانية تتعب الشخص نفسياً أو ترميه في نفق الضياع، ولعل من أسرار هذا الكون أننا نعيش لكي نجتهد في كسب ما ينقصنا.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
مريم باجي
كاتبة جزائرية
تحميل المزيد