واصبح لشؤون المرأة وزير في لبنان… ما هي قصة النجاحات؟

أوغسبيان ترك كل شيء؛ شركاته، أشغاله، مشاريعه الخاصة، وخصص وقته للمرأة، ليتابع خبرات النجاح هذه، ويعمل على إيصال أكبر عدد من النساء إلى مراتب علمية عالمية أكان عبر جمعيات خيرية

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/11 الساعة 03:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/11 الساعة 03:12 بتوقيت غرينتش

مطلقة، تعود إلى منزل أهلها.. تشاجرت مع أهلها قد تُرمى في الشارع.. منظومة اتخاذ القرارات لا تشملها بما يشركها في مسار العطاء. الطريق إلى البرلمان طويل. صناعة رأي عام قد يحدث إذا ما دخلت من باب الإعلام من منطق الاستهلاك.

حال المرأة في لبنان والعالم ليس بأقل سوء من حال الرجل الذي يعاني كذلك الأمرّين من البطالة التي تعاني أيضاً منها شريكته، أو ربما تنافسه في الإرهاق نتيجة عدم المساواة في الأجور.

حياتها معلَّقة برجل، وهذا أمر لا بد منه، كما هو حال الرجل معلَّق بالمرأة؛ لأنه يولد منها، ويكبر معها، ويتزوج واحدة ويخلق أخرى لو بجسد أنثوي. خبرات نجاح المرأة حتى في تخطي هذه الصعوبات المنتشرة شرقاً وغرباً تستحق مؤتمرات، لا يتعب منها وزير الدولة لشؤون المرأة في لبنان جان أوغسبيان، هذه الوزارة التي أنشئت مؤخراً، وأصبح لها بنية تحتية بوقت قياسي، تجذب إليها تمويلاً ودعماً دولياً، بشكل يمركز هموم المرأة بإطار يعمل على حل مشكلاتها، قدر الإمكان ويفكر معها في بديهياتها.

يتنقل الوزير بين هموم النساء، ومجتمعاتهن، يفكر معهن، كيف يمكن تأمين هذا المبلغ، كيف تعيش هذه المرأة وتؤمّن قوتها. أوغسبيان ترك كل شيء؛ شركاته، أشغاله، مشاريعه الخاصة، وخصص وقته للمرأة، ليتابع خبرات النجاح هذه، ويعمل على إيصال أكبر عدد من النساء إلى مراتب علمية عالمية أكان عبر جمعيات خيرية، وغير حكومية، ليدفع شأن السيدات اللبنانيات، اللاتي ناضلن فترات طويلة إلى تنفيذ مشاريع قوانين في هيكلية الوزارة القادرة على ذلك.

بالنسبة للوزير، فإن "المستقبل لا يميز بين ذكر أو أنثى. فكلما أبدع الإنسان وأعطى أصبح للرجل والمرأة مسؤوليات"، وبرعايته حصل مؤتمر "خبرات النجاح: سيدات صانعي القرار وتفاعل المرأة مع السياسة " بمناسبة أسبوع المرأة العالمي، تنظمه جمعية "ويمن إن باور Vvip" التي تترأسها كارول حبيقة.

وهي جمعية مؤلفة من سيدات ناجحات في مجال الأعمال والشركات، وعدة مجالات على الصعيد المحلي في لبنان والعالم وتقوم بالتواصل بشكل دائم لزيادة المهارات والمعرفة للمرأة لتكسب ثقافة جديدة تمكّنها من الوصول إلى مراكز أعلى؛ إذ تعتبر كارول أن ذلك يساهم في بناء مجتمع أفضل. تنسق هذه الجمعية مع جهات مانحة وجمعيات دولية وتتعاون مع شركاء وممولين لمشاريع تعليمية توجيهية وإنمائية وتهدف إلى تفعيل دور المرأة في المجتمع.

أي قصص نجاح للمرأة؟

روى هذا المؤتمر -كما غيره- هذا الأسبوع، قصص نجاحات المرأة، إضافة إلى معاناتها في شتى المجالات، دون التغاضي عن الجو العام الاقتصادي الذي ينغص عيش المرأة والرجل على حد سواء، ومن هذه الإنجازات شخصية شغلت الرأي العام، أكان على مواقع التواصل الاجتماعي أو الأحاديث الخاصة؛ وهي القاضي جوسلين متى، التي كان لها مسار طويل لتعدّ نفسها بمنزلة "صانعة قرارات".

الحكم الذكي الذي تم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي، والقاضي بإلزام شبان بحفظ سورة قرآنية تُكرَّم فيها السيدة العذراء؛ لقيامهم بتصرف ينتهك هالتها. لتصدر هذه المرأة هذا الحكم احتاجت إلى سيرة ذاتية طويلة، بدأتها عن عمر الـ23، حيث قدمت لها مهنتها التشجيع، فعندما تخرجت كانوا 11 قاضياً وقاضية، يومها كانت تخجل من صنع القرارات ومتردِّدة في ذلك، تخبر، باعتبار أن بعض القضايا كانت مخصصة للرجال وفق نظرة المجتمع، إلا أنها تباعاً انتقلت إلى طرابلس، حيث سلكت المسافات والاختلافات، وكان عليها التشبث والاستمرار إلى النهاية لا الخجل والبقاء بحالها.

المهنة هذه بالنسبة لها يجب أن تسهم في بناء المجتمع وليس فقط إصلاحه؛ لذا عملت على أن يكون القضاء رسالة، فكبر الهم والمسؤولية معها. تقصّ بفخر كيف أصدرت الحكم في فبراير/شباط 2018، عندما حضر أمامها شبان في ربيع العمر، وذنبهم أنهم لا يدرون ما يفعلون، وشعرت بحالة الجهل التي هم فيها بعد استجوابهم. لذا تابعت المسألة من ناحية بنّاءة ومفيدة، فعادت للقانون بأصول المحاكمات الجزائية رقم 111 منه، والتي تسمح لقاضي التحقيق بأن يستعيض بالحكم على المدَّعى عليه -مهما كانت طبيعة الجرم- بموجب أو أكثر من الموجبات.

وهذا المنحى سنح لها الاعتماد على الفكر التربوي وليس الجزائي، فكان أمامها عدة خيارات، منها انطلقت من فكرة أن القرآن يشمل الدين المسيحي فيه، فلا يمكن أن يكون مسلماً حقيقياً دون أن يطبق تعاليم القرآن الكريم، مستندة إلى النصوص القرآنية التي تكرِّم السيدة العذراء وسورة آل عمران، وهكذا أصدرت الحكم وتمكنت من بناء جسور والقيام بتدابير إنسانية.

للقاضية بصيرة، كما لمارلين جدعون أستاذة اللغة العربية في المدرسة اللبنانية للضرير والأصم فاقدة البصر. مارلين ضريرة إلا أنها تعلمت لغة ليست بالسهل تعلُّمها وعدم سهولة فك الحرف، وبناء عبارات وفق قواعد عربية، النابغةُ يعجز عنها، تثبت بالفعل أن لا اختلاف في القدرات العقلية بينها وبين الذي يبصر وقد يكون فاقد البصيرة أحياناً.

رغم أنها فاقدةٌ القدرة على البصر، تعملت مثل كل الطلاب من أوائل الصفوف، تقول إنها كانت في هذه المدرسة التي تعمل بها حالياً، فتعلمت أن تفرض نفسها وتجعل الجميع يتأقلم مع وضعها، لا هي تتأقلم مع نظرة المجتمع أحياناً.

كلام كثير حول القدرات "المهنية" للمرأة، بالإضافة إلى أخلاقياتها في العمل، وقدرتها على بلورة الواقع بما يتناسب مع جو الانفتاح العام الذي يدور به كوكب الأرض، لكن على الرغم من الصعوبات التي تفرض نفسها، هناك 600 امرأة مرشحة للنيابة في لبنان، حتى لو أن أكثريتهن يشكين من تغيُّبهن أحيانا عن منظومة صنع القرارات في الحزب، أو في هذه اللائحة أو تلك، والتعتيم على المعطيات.

لكن في نهاية المطاف، ستبين اللعبة الديمقراطية الكفء من غير الكفء، عكس قصة رولا حطيط، أول كابتن طائرة، حيث بدأت مسيرتها برهان؛ إذ اشترط أحد زملائها في الصف أنها لن تقتحم الفضاء، وفعلت، حيث كان شعورها في كل مرة تقود فيها الطائرة كأنها خبرة جديدة عليها.

رولا استطاعت تحقيق المستحيل بكفاءتها العلمية، التي بدأت كتلميذة رياضيات في الجامعة الأميركية، ليقترع لها بعد امتحان وتُعيَّن كأول امرأة تقتحم هذا المجال في لبنان. فمن ستكون ربّان الطائرة اللبنانية في السياسة؟

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد