ليس كل ما نقرأه للعظماء يكون صحيحاً وأكبر من استيعابنا.. كيف أثبت أحمد خالد توفيق ذلك؟

هل أي رأي تقييمنا له يتغير 180 درجة حسب اسم قائله؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/06 الساعة 08:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/06 الساعة 08:51 بتوقيت غرينتش

ذكر الدكتور أحمد خالد توفيق في مقال له، أن بعض أعمال نجيب محفوظ كان يشعر بها أقل من غيرها، وأن قيمتها العالية مستمدة من اسم نجيب محفوظ صاحب القلم الذهبي الرائع.

وقتها قرر الكاتب خوض التجربة بنفسه، فاختار قصة من قصصه لم ينشرها بعد، وحذف اسمه من عليها، ثم أرسلها لموقع أدبي باسم مستعار على أنه كاتب مبتدئ، وانتظر التعليقات عليها.

فوجئ بانتقاد كبير من القراء للقصة وتفاصيلها، بل إن أحدهم نصحه بالقراءة لأحمد خالد توفيق؛ كي يتعلم منه ومن أسلوبه في الكتابة للقارئ المعاصر.

كانت هذه التجربة، حسب وصفه، مخيفة جداً بالنسبة له، ودعته ليتساءل: هل ما يكتبه من روايات وقصص فعلاً جميل، أم مستمد جماله من وجود اسم معروف لدى القراء؟
وهذا ما نسميه conformotional bias أو التحيز التوافقي.

في وقت سابق كنت أقرأ في أحد كتب مولانا مصطفى الرافعي، وهو بالنسبة لي كل كلمة يكتبها يكون مثقالها بالذهب، لكن هذا الكتاب تحديداً تعجبت كثيراً هل هو فعلاً للرافعي؟ فأنا لم أجد أي قيمة له، مجرد جمل لم تُشبعني فكرياً ولا حسياً، رأيته متكلفاً ولم أقدر على تكملة قراءته.

ولكن في هذا الموقف للحظات شككت في نفسي، هل الكتاب فعلاً جيد وأنا التي لم أفهم فحواه؟ أم إنه حقاً لا يحتوي على فكرة مفيدة أو مرضية لعقلي المدقق؟

قرأت أيضاً مقالاً للرافعي يتحدث فيه عن كتابات الإمام محمد عبده، يذكر فيه أن كتاباته في بداياتها لم تكن قوية، ومختلفة عن مستواه المعروف به، أعتقد لو كنا قرأنا هذا الرأي من كاتب آخر غير الرافعي لكان رد فعلنا سيكون مختلفاً.

هل فعلا العقل البشري أسير للمغالطات المنطقية؟
هل أي رأي تقييمنا له يتغير 180 درجة حسب اسم قائله؟

لاحظت إحدى المرات موقفاً من أستاذة جامعية أعرفها، كانت تعتبر أي إجابة أو جملة تأتي من وراء نقاب فهي خاطئة إلى أن يثبت العكس، عندما اقتربت منها لم أجدها سيئة، لكن كانت تفعل ذلك على مستوى اللاوعي عندها، فهي تفكيرها عن نفسها أنها محايدة، ولا تتدخل في شؤون الآخرين أو طريقة ملابسهم.

في فترة الستينيات عُرض للمخرج العالمي فيليني فيلم في عرض خاص للمثقفين والكتاب، وحدث خطأ من عامل السينما حينها، حيث إنه بدل الشرائط وقام بوضع الجزء الثاني من الفيلم قبل الأول، أي أن نهاية الفيلم عُرضت أولاً وتلتها البداية.

المفاجأة أنه لم ينتبه لذلك أحد من الحاضرين، وخرجوا من العرض مبهورين بعبقرية فيليني وتقنيته الجديدة في عرض الفيلم وتصوير أحداثه، خافوا أن يظهروا حقيقة أنهم لم يفهموا شيئاً، فيتم اتهامهم بالجهل وانحطاط الثقافة، وأنه ما دام اسم فيليني مكتوباً، فمؤكد أنهم هم الذين لم يفهموا عبقريته، وهم المخطئون في تقدير الأمر.

العقل البشري ودهاليزه ومتاهاته التي إذا لم تنتبه لها، ستأخذك لعالم كبير من المغالطات.

ربما وأنت تقرأ الآن تحاول تقييم جميع الأمور وفكرتك عنها وإحساسك وتقديرك لها، هل ما فهمته كله صحيح، أم عقلك أخذك لمتاهة كبيرة؟

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد