قد يبدو عنوان هذا المقال غريبا ولكنك قادر تماما على صنع مصير طفلك والتنبؤ به. الاسم الرسمي لهذه النبوءة هو: نبوءة ذاتية التحقق! مثل سلسلة من التفاعلات الكيميائية، تعمل هذه النبوءة؛ تقول شيء ما بناء على إحساس أو حدث أو تصور ثم تكرر هذا القول ثم تبدأ في التعامل على أساس ما قلت حتى يصبح ما تنبأت به حقيقة.
المثال الأول
تقول الأم لطفلتها "ما حدش عدل هيرضى يتجوزك" كمحاولة منها لتحفيزها على تعلم الطبخ أو المشاركة في الأعمال المنزلية أو لأي سبب أخر.
تتكرر هذه الجملة في مناسبات مختلفة وفي كل مرة تطلق هذه النبوءة يتشكل مصير الطفلة.
تصدق الطفلة أنها غير جديرة بالحب أو أنها لا تستحق حياة زوجية مستقرة وتبدأ تتعامل مع الحياة على هذا الأساس … على أساس أن "ماحدش عدل هيرضى يتجوزك". إذا حاول شخص مناسب الارتباط بها ترفضه تلقائيا لأنها مدركة في أعماقها أنها لن تجذب شخص جيد. وينتهي الأمر بأنها لا تتزوج على الإطلاق أو أنها تختار كل من هو غير مناسب لترتبط به – وهكذا تتحقق النبوءة.
المثال الثاني
يقول الأب لابنه "أنت فاشل" أو "أنت غبي" أو "أنت خسارة فيك التعليم" أو "أنت ما فيش منك رجا". في البداية يشعر الطفل بالجرح والإهانة ويحاول إثبات عكس النبوءة ولكنه يعرف في أعماقه أن الأب لا يمكن أن يخطئ وأن المدرس أكبر وأكثر علما فلابد أن كلامهم عنه حقيقي! يصدق الطفل أنه غبي أو أنه فاشل ويبدأ في التصرف بغباء ويفشل دون حتى أن يحاول فيكبر ويصير بالفعل فاشل!
المثال الثالث
يقول رجل الدين للطفل "هتدخل النار" أو "ربنا مش بيحبك" أو "أنت شيطان" وتبدأ رحلة تحول الطفل من البراءة والطفولة والإيمان الفطري إلى التحدي والعند والتمرد واللا مبالاة.
في كتابها سر الطفولة، نهت ماريا مونتيسوري القائمين على رعاية الطفل عن توجيه الكلام السلبي له وضربت مثال لطفل يتسلق شجرة. إذا قالت له أمه "هتقع" سيقع ولكن إذا قالت له أمه كن حذرا حتى لا تقع سيكون حذرا حتى لا يقع. وقد رأت ماريا مونتيسوري طفل بالفعل يتسلق شجرة عالية ويقول في سره بصوت خافت "كن حذرا … كن حذرا".
للأسف الأشخاص المتحكمين بمصير الطفل هم البالغين الذين وثق بهم الطفل ثقة تامة مثل أمه وأبوه وجده وجدته ومعلميه ومدربيه. إذا كنت أحد هؤلاء الأشخاص أنصحك بأقصى درجات ضبط النفس عند التعامل مع الطفل لأن ما تقوله في لحظات الغضب أو من أجل تشجيعه أو تحفيزه قد يصيبه في مقتل ويقضي على فرصه في السعادة وتحقيق ذاته!
هذه التدوينة منشورة على موقع مصر العربية
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.