إنها بداية العام الجديد، التي نربطها دوماً بالآمال والأهداف المتعلقة بالعام المقبل. وربما يبدو الأمر مثيراً للسخرية، إذْ يتوصل العديد من الأزواج إلى قرار بإنهاء زواجهم أثناء موسم الإجازات، ولذا لا يجلب العام الجديد معه بدايات جديدة فحسب، بل يجلب أيضاً احتمالاً ببعض النهايات. ففي الواقع، تشير معظم ممارسات قانون الأسرة إلى شهر يناير/كانون الثاني على أنه الأكثر ازدحاماً، إذْ ينشغل الكثير من المحامين لدرجة لا يستطيعون معها مقابلة عملاء جدد لمدة أسابيع بعد العام الجديد.
يمكن للإجازات أن تكون مليئة بالتوتر نتيجة لانشغال الأسر باختيار وشراء وتغليف الهدايا، والالتزامات الاجتماعية المتزايدة، والأحداث المتعلقة بأقارب الزوجة فضلاً عن عوامل الإجهاد الأخرى خلال فترة زمنية محدودة. ويمكن لهذا التوتر أن يزيد من حدة المشاكل المرتبطة بالزواج إذْ يمكن أن يشعر أحد الشريكين بأن الآخر لا يتحمل نصيبه من عبء العمل، وأن الهدايا أبرزت قلة الاهتمام أو أن الزوجين لا يطيقان قضاء هذا الوقت الكبير معاً. كما يمكن للعام الجديد أيضاً أن يجلب معه رغبة في بداية جديدة.
وبغض النظر عن كيفية الوصول إلى قرار الانفصال، فإذا كان لديك أطفالٌ من قرينك الذي انفصلت عنه، فستحتاج إلى إعداد مخططات فورية للتأكد من حصول أطفالك على الدعم المناسب كي يتمكنوا من مواجهة التغييرات التي تنتظرهم. كما أن ردود الفعل غير المحسوبة يمكن في بعض الأحيان أن تمثل محاولة لتشكيل التفاصيل القانونية أولاً. ومع ذلك، في ضوء معضلة العام الجديد، ربما يكون من الأكثر عملية أن نعمل أولاً على التجهيزات اللوجستية للانفصال كأسرة- ربما من خلال توجيهات أحد المستشارين- بينما ننتظر موعد المستشار القانوني.
أولاً وقبل كل شيء، ستكون بحاجة إلى التأكد من الحفاظ على سلامة الأطفال العاطفية. فإذا لم تشارك بالفعل أنباء انفصالك مع الأطفال، فكر في أفضل طريقة للقيام بذلك. وأقترح دائماً أنه متى ما أمكن، أن يجتمع كلا الوالدين لإعلان الخبر من جبهة موحدة. وبالطبع، إذا كان هناك أي خطر يتعلق بنشوب أي عداء أو خصومة علنية بينك وبين شريكك، فمن الأفضل أن يقوم الشريك الأكثر هدوءاً بإبلاغ الأطفال.
وقد تتساءل عما يمكن قوله للأطفال لمساعدتهم على فهم ما يجري. وتبين للعديد من الآباء والأمهات أنه من المفيد توضيح الأمر من خلال شيء مثل: إنك تحب الشريك الآخر، وإنك ستحبهم دوماً، ولكنكم لن تكونوا سعداء بالعيش معاً. وجرى التوصل إلى هذا التغيير كي يمنح كل واحد منكما الآخر فرصة لكي يصبح سعيداً مرة أخرى. ويمكنك مواصلة هذا التوضيح برسالة مليئة بالأمل والأمان. قل أشياء مثل "سنظل دائماً أسرة" و"سيكون هناك بعض التغييرات التي سنعتاد عليها، ولكن سيكون كل شيء على ما يُرام" و"مهما حدث، لن ينتهي حبنا لكم أبداً!".
ومن الطبيعي جداً أن يطرح الأطفال نفس التساؤلات مراراً وتكراراً، أو أن يكونوا بحاجة إلى سماع تفسير ذلك مرات عديدة، إذْ إنهم بصدد معالجة تغيير بالإضافة إلى بدئهم في التوصل إلى فهم لذلك. فتحلى بالصبر واستعد للتحدث عن الأمر في كل مرة. وبما أن الأطفال مازالوا بصدد تنمية الشعور بالذات وكيفية التأقلم مع العالم، فهم يميلون بعض الشيء إلى الأنانية وغالباً ما يلومون أنفسهم على الأشياء التي تسير بشكل خاطئ، حتى ولو لم يكن لهم يد في ذلك. تأكد من أن أطفالك يتفهمون أنهم غير مسؤولين بأي شكل من الأشكال عن هذه الأحداث. ذكّرهم بذلك مراراً وتكراراً كلما تطلب الأمر.
يمكن القيام بكل الأمور التي تحتاج للمناقشة بعيداً عن مسامعهم
عندما يتعلق الأمر بالتواصل بينك وبين الشريك الذي انفصلت عنه، يجب الاتفاق على أنه عند المضي في ذلك، لن تتجادلا أو تتعاركا أمام أطفالكما. إذْ يمكن أن تزيد حدة التوترات بدرجة كبيرة للغاية في الأوقات الانتقالية؛ أضف إلى هذا الشعور بخيبة الأمل والألم كما يمكن أن يصبح من الصعب الإبقاء على ردود الأفعال تحت السيطرة. خصص بعض الوقت للتعامل مع بعض هذه المشاعر، بعيداً عن قرينك الذي انفصلت عنه والأطفال. كما تحتاج أيضاً إلى تنحية بعض الوقت لإجراء محادثات مع قرينك بشأن مخططات المضي قدماً في ذلك؛ إذْ أن تخصيص وقت محدد لإجراء مناقشات يقلل احتمالية الصراع الذي يغلي خلال الوقت المخصص للأسرة. ويمكن مناقشة كل الأمور التي تحتاج للمناقشة بعيداً عن مسامعهم، وفي حضور مستشار أسري أو وسيط إذا تطلب الأمر.
فكر في الكيفية التي ينبغي أن تبدو عليها الترتيبات المعيشية الجديدة. وهذا يتضمن الشخص الذي سيخرج منها ومتى سيحدث ذلك، وكيف أن الحضانة المؤقتة يمكن أن تؤتي ثمارها، وما إلى ذلك. وفكر في الخدمات اللوجستية المتعلقة بالمدرسة أو الرعاية النهارية أو الحيوانات الأليفة أو الأسرة الأكبر وكيف يمكن أن تكون أقل إخلالاً بتلك الأمور الروتينية الهامشية، ذات الأهمية الحيوية، في حياة أطفالك. وحاول جاهداً التفكير في كل الأمور المترتبة على هذا النموذج المتمثل في "المشاركة بين الوالدين أولاً، والشركاء السابقين ثانياً". فعندما نتسبب في أضرار عميقة، يمكن أن يصبح الأمر مغرياً (بشكل بدائي أو تلقائي تقريباً) حتى نرغب في الانتقام من الشخص الذي أضرّ بنا. وفي كثير من الأحيان، يصبح الأطفال ذخيرة يجري استغلالها دون معرفتهم في هذه المعركة. وقبل إبداء ردة فعل، توقف وفكر بعناية في مدى تأثير أي قرارات تتعلق بالأوضاع المعيشية أو الحضانة أو الزيارة أو الظروف الأخرى على أطفالك.
لقد أسست دورة مجانية على الإنترنت لمساعدة الأسر على تخطي هذا التغيير سوياً: وهي دعم الأطفال خلال الانفصال والطلاق Supporting Kids Through Separation & Divorce. وتساعد هذه الدورة التدريبية على التوصل إلى الكلمات المناسبة للتحدث مع الأطفال كما تقدم اقتراحات حول كيفية إنشاء علاقة فعالة قائمة على الاحترام بين الوالدين.
وبلا شك يعد القرار بإنهاء الزواج، واحداً من أصعب التحديات الحياتية، كما تبدو المخاطر أكبر عند وجود أطفال في الأسرة. ولكن تتمثل الأخبار الجيدة في أنه من خلال الحب والدعم، يمكن للأطفال التأقلم مع التغيرات التي تطرأ على الأسرة ويتطوروا ليصبحوا أشخاصاً يتمتعون بالمرونة والسعادة والصحة.
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الكندية لـ هاف بوست. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.