هذهِ الحَيَاة الَتِي اخترناها

تذكر دائماً في كل مرة تشعر أنك على حافة الاستسلام، أنت وحدك من قررت أن تترك عائلتك وتغترب وتمضي طريقك وحيداً، وربما يقول عنك البعض تعاني من الوحدة والاكتئاب!

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/01 الساعة 00:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/01 الساعة 00:11 بتوقيت غرينتش

لا تشكو إن كانت نهاية الأسبوع بالنسبةِ لك ما هي حَصيلة إرهاق أيام متتالية قضيتها بين عملك ودراستك وعائلتك ومسؤوليات أخرى تتبعها، لا تتذمر إن كان الصداع رفيقاً لك يمنعك من سهر ليلة الخميس أو الخروج برفقة الأصدقاء لتنال بعضاً من الوقت تستمتع فيه بعيداً عن الروتين اليومي الذي تغرق فيه طوال الأسبوع.

في وقتٍ كهذا تجد أنك كل ما تريد فعلهُ هو ببساطة أن لا تفعل شيئاً، أن تنعم ببعض الصفاء والهدوء والكسل!

نعم إنه الكسل، لا شيء سواه، حتى هذهِ الصفة التي تعتبر غير محمودة أغلب الأوقات بالنسبة لنا جميعاً، لكن قد تتحول إلى نعمة لهؤلاء الذين تكون أيامهم مكتظة بالمشاغل التي لا تنتهي خلال أيام الأسبوع، سوف يلمسون ويشعرون بمعنى الراحة التامة دون التزام واحد لمدة يوم واحد من بين الأيام.

البعض قد يعتبر أن هذهِ الحياة قائمة على نوع من أنواع التعب والضجيج الذي لا خلاص منهُ، لكن أرغب أن أخبرهم بأن الحياة قائمة على أساس عدم الرضا، عدم الاكتفاء، الفضول والشغف والقابلية على تحمل المشاق، وتكبد العناء لحياة أفضل.

أن نعمل ونجتهد ونسعى في سبيل أن نكون أفضل، وأن نجعل الغد أفضل من اليوم، على نحو شخصي وعلى صعيد العالم الذي أنت تشكل جزءاً من سلسلة من البشر يعيشون كمنظومة مستمرة تحاول اغتنام الفرص لإرضاء رغبتها وفضولها لاكتشاف الجديد والمجهول.

كل مجهودك وتعبك وأوقاتك التي كنت تستطيع أن تعيشها براحة أكبر ستنال جزاءها راحة وفخراً ونجاحاً غداً، فتعبك اليوم هو راحتك غداً لا محالة.

قد يقول البعض: وما فائدة كل هذا العناء؟!
لأعيش وأكتفي بالقليل بحياة لا تتجاوز العمل المحدود والروتين اليومي والراحة والمتعة، لكن هنا يكمن السر الجميل في هذا الإرهاق عندما يجتمع ليكون حصيلة مجهود واحد يصب لصالحك يجعلك مُنبهراً بما حققت، وكيف استطعت أن تحقق أهدافاً وتبدأ بأهداف جديدة، وأين هؤلاء الذين قالوا لك لن تصل؟ لكنك بالرغم من كل ذلك قد وصلت.

لا تحاول أن تشرح لأحد حصيلة عملك وسبل نجاحك، دعهم منبهرين بإرادتك وعزيمتك في السعي؛ لتكون أفضل دائماً، لا تبين لهم أن كل هذا النجاح ما كان ليتحقق بالقليل من الجهد، إنه حصيلة مجهود ووقت وساعات من الضغط المتواصل، لكن على الرغم من كل ذلك أنت تجد أن الحياة وجدت لعيش تلك المصاعب والضغوط، لكسر كل سدود الاكتفاء والطموح نحو الأفضل دائماً.

المتعة التي تجدها وأنت تقوم بعملك بأمانة وتنجزه على أكمل وجه، تبدع في تحريره وكتابته، ونحته وتطريزه، التفكير فيهِ وتطويره تعليمه، والتعلم من الآخرين من أجل اكتساب خبرات، وتحقيق إبداع لا سابق له.

تذكر دائماً في كل مرة تشعر أنك على حافة الاستسلام، أنت وحدك من قررت أن تترك عائلتك وتغترب وتمضي طريقك وحيداً، وربما يقول عنك البعض تعاني من الوحدة والاكتئاب!

أنت وحدك من سارعت نحو الجري بكل قوة صوب أصعب الطرق وأخطرها.

أنت وحدك من اخترت أن تمضي الصباح حتى المساء خلف شاشة الحاسوب؛ لتساعد في ابتكار جديد يساعد على تطوير عِلم جديد.

أنت وحدك من قررت أن تبدأ بخوض مضمار صعب من التحديات؛ لتطلب العِلم وتمضي صوب هدفك بثباتٍ وإدراكِ وفهم.

أنت وحدك من عرضت حياتك للخطر؛ كون مهنتك تتطلب السير وسط النار والقفز من بين الرصاص!

أنت وحدك من تشعر بمتعة العمل، فالانغماس فيه حد التعب يشعرك بنشوة الإنجاز والفوز على نحو يصل بك لبر الأمان والرضا لدرجة أنك تنسى وتتناسى كل ما يدور في العالم الخارجي.

حاول التمسك بشعورك على نحو أفضل بأن الصباح قادم يزيل كل تعب المساء وضجيجهُ، والأهم ألا تنسى أن هذه الحياة أنت الذي اخترتها..كان بوسعك أن تنعم بالراحة لوقتٍ طويل؛ لكنك فضلت كل ذلك، واخترت الأصعب والأجمل الذي يليق بك ويرضي طموحك، ويجعل منك إنساناً مؤثراً يترك شيئاً ما في الحياة يُذكر..فلا تجزع، ولا تمل، ولا تتهور.. تمسك بأحلامك وطموحك وأهدافك، مهما اشتدت عليك الظروف لا بد لها أن تزهر غداً وتثمر.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد