فقط في الدوري السعودي… المدرب هو الضحية

بعيداً عن نظرية المؤامرة وبالعودة لمسلسل الإقالات في الدوري السعودي، نجد أن هذا الأمر تخطى كونه استثناء، بل أصبح ظاهرة وعُرفاً بين الأندية في التسابق بينهم والتفاخر ونيل لقب أسرع وأكثر ناد يقيل المدربين، بدلاً من التركيز في تحليل المشكلة من جميع الجوانب، ولكن كالعادة "الحيطة القصيرة" هو المدرب.

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/01 الساعة 03:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/01 الساعة 03:15 بتوقيت غرينتش

"بدأت أشك أن دياز يريد الاستمرار" تغريدة من تركي آل الشيخ مساء الثلاثاء تمت ترجمتها كفرمان وضوء أخضر لإقالة المدير الفني لنادي الهلال وقد كان، فريق متصدر على بعد خمس جولات فقط من نهاية الموسم يقيل مدربه في سابقة لا تحدث إلا في الملاعب العربية والخليجية والسعودية على وجه الخصوص، في حالة أصبحت شبه إدمان إقالة مدربين للأندية السعودية التي تلعب في الدرجة الممتازة، أو ما يسمى برابطة المحترفين.

قبل الخوض أكثر في تحليل هذه الظاهرة "المزعجة" في الدوري السعودي ومسلسل إقالات المدربين، نعود بالذاكرة للوراء قليلاً وتحديداً ذهاب وإياب نهائي دوري أبطال آسيا أمام فريق أوراوا الياباني، في المباراة الأولى استطاع الفريق الياباني أن يخطف تعادلاً إيجابياً (1-1) بطعم الانتصار من داخل الأراضي السعودية، عندها تحركت الآلة الإعلامية لإبراز دور رئيس الهيئة في مساندة الفريق السعودي في مباراة الإياب وحالة "الشو" المرافقة لدعمه ووعده لتحفيز اللاعبين ومساندته لهم، والصور التي تأتي تباعاً من بلاد الشمس المحرقة، للتذكير أيام ظهور رئيس الهيئة على المشهد الإعلامي والرياضي كان في بدايته وأصبح يبحث عن أي انتصار بأي شكل لرفع أسهمه، وللتذكير أيضاً "دياز" كان هو مدرب الهلال في ذلك النهائي، فهل هنالك نظرية مؤامرة وأن هنالك رغبة للانتقام من المدرب؟! الإجابة متروكة لك عزيزي القارئ، عن نفسي أعود وأذكر بأن الدوري لم يتبق له سوى خمس جولات و"دياز" مرشح فوق العادة لاقتناص لقب الدوري، وإضافته في سجل إنجازاته التدريبية.

بعيداً عن نظرية المؤامرة وبالعودة لمسلسل الإقالات في الدوري السعودي، نجد أن هذا الأمر تخطى كونه استثناء، بل أصبح ظاهرة وعُرفاً بين الأندية في التسابق بينهم والتفاخر ونيل لقب أسرع وأكثر ناد يقيل المدربين، بدلاً من التركيز في تحليل المشكلة من جميع الجوانب، ولكن كالعادة "الحيطة القصيرة" هو المدرب.

بإقالة "دياز" أصبح الموسم الحالي "بعبع" ومصدر رُعب للمدربين، 13 إقالة من أصل 14 نادياً مجموع أندية النُخبة في دوري المحترفين السعودي، أولها بعد ثلاث جولات فقط "سامي الجابر – الشباب" وآخرها بعد 21 جولة "دياز – الهلال"، وما بين الأولى والأخيرة هنالك اثنتا عشرة إقالة على مدار الموسم الذي لم ينته بعد، وهذا العدد مرشح للزيادة "ريبروف – الأهلى" والذي بالمناسبة يبدو أن فرمان إقالته أصبح جاهزاً هو الآخر بعد تغريدة رئيس هيئة الرياضة على حسابه في تويتر قائلاً: "مدرب الأهلي غريب"، وليس من المستبعد أن يكون المدرب قد حزم حقائبه ويتفاوض على باقي مستحقاته المالية وربما أدخل جواز سفره لدى السلطات لختم تأشيرة المغادرة النهائية لأرض الحرمين.

حقيقة الأمر أجد أن الأندية السعودية أصبحت "تتدلع" بعد المبالغ المالية الكبيرة التي تُضخ في خزائنها من الدولة، فطالما الأموال موجودة فأين المشكلة؟! فلسان حال رؤساء الأندية يقول: لا يهمنا مقدار ما "يقبضه" المدرب وكم مبلغ الشرط الجزائي في عقده، فالدولة موجودة ورئيس هيئة الرياضة موجود وهو من يقيل المدربين ويأتي بالمدربين أيضاً، ونحن ما علينا سوى متابعة تغريداته على تويتر واعتبار تلميحاته أوامر يجب تنفيذها على الوجه الأكمل وإلا…

أما عن المدربين خاصة "العاطلين" منهم، فما عليهم سوى متابعة أخبار الإقالات في الدوري السعودي، وتمني النفس بتدريب أنديتها، ولم لا والتدريب في الدوري السعودي يعتبر بمثابة "ليلة القدر" لبعضهم، فجولة وجولتان مع الفريق الذي يدربه ثم إقالته والخروج بمبلغ يسيل له اللعاب تجعله لا يفقر بعدها، ولكن الأهم هو تحديث السيرة الذاتية في الموسوعة العالمية "ويكيبيديا" بأسرع فرصة، والذي يبدو أنه المرجع الأساسي لبعض رؤساء الأندية في عملية اختيار المدربين.

وبنظرة أكثر جدية لا أعتقد أن ما يجري حالياً في الدوري السعودي سيشجع أي مدرب له اسمه وتاريخه وإنجازاته في القدوم للتدريب في هذا الدوري، لما اكتسبه من سمعة "سيئة" في التضحية بالمدربين بمجرد خسارة مباراة أو مباراتين أو بتلميح من رئيس الهيئة، فهذا الأمر سيكون ضرره مزعجاً في المستقبل بهروب المدربين أصحاب الأسماء الكبيرة من القدوم، وحتى إن تم إغراؤه بالمال "وهو المتوقع" فإن شرطه الجزائي لن يقل عن مبلغ يتكون من ستة أصفار.

فأخبار على شاكلة إقالة مدرب بعد ثلاث جولات من انطلاق الدوري وحتى قبل أن تتضح معالم المنافسة، وإقالة مدرب على بُعد خمس جولات من إحراز اللقب، وتسليط سيف الإقالة على مدرب قبل انتهاء البطولة رسمياً، مثل هذه الأخبار وما أكثرها فيما يخص المدربين في الدوري السعودي كفيلة بتغيير قناعة أي مدرب يريد إضافة إنجاز لسيرته الذاتية، وسيظل توافد أنصاف المدربين والعاطلين للدوري هو السائد وإقالتهم هو ما سيتصدر عناوين الصحف والمواقع، وفي هذا إن كنتم تعلمون يا رؤساء الأندية ورئيس هيئة الرياضة سيتسبب بأكبر ضرر لدوريكم وستظلون تدورون في حلقة واحدة، وهي إقالة المدربين حتى تفيقوا على خبر صادم وهو أن ليس كُل إخفاق لناد ضحيته المدرب، فكرة القدم منظومة متكاملة "الكُل للواحد والواحد للكُل".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد