أوباما “الفلسطيني” في غزة

نهار العم رفيق لا يشبه بالطبع نهارات الرئيس باراك أوباما وعائلته السعيدة، لكنّه وعلى الرغم من ذلك يُحبّه وينتظره طوال أيّام الأسبوع.

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/01 الساعة 00:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/01 الساعة 00:12 بتوقيت غرينتش

بعد 20 عاماً أمضاها في حراسة عمارة تعجّ بالمؤسسات الدوليّة، في مقابل راتب لا يتعدّى الـ200 دولار، ابتسم الحظ له أخيراً، وناداه ممازحاً أحد الموظفين هناك بـ"أوباما". مفارقة عجيبة ترسم الضحكة على وجه العم رفيق، لكنّها لم ولن تُبدّل أبداً من فقره.

"يغرق" العم رفيق (50 سنة) بالضحك حتى الرّكب نظراً للفرق الشاسع بينه وبين حارس الإمبراطورية الأميركية بعزّ جلالها! بالطبع هذا الشبه لم يأتِ من فراغ، بل هي سماته الشخصية مثل سمرة البشرة والطول الفارع وقصر طول الشعر؛ ما جعل الموظف خفيف الظل يطلق عليه ذاك اللقب، وأصبح يشتهر به.

وكلمّا نودي به ردّ الحضور: "هذا الرجل منيح "أي أوباما"، لولاه ما كانت لا في كوبونات (قسائم) ولا يحزنون"، ربما لأنّ المساعدات الغذائية هي محور التقاطع الوحيد بين أميركا والعم رفيق.

وشتّان بين من ينتظر موعد تسلّم القسيمة وبين من يمنحه إيّاها، فيما لا يُلقي بالاً هو لضرب الشهرة والمشاهير وخلافه، بل يجد من السخافة التوقف عند مسألة الشبه هذه، مردداً: "الله يخلق من الشبه أربعين"، ويسير متوجّهاً لفتح باب العمارة، وبينهما "عِشرة عمل وعمر" بلغت 20 عاماً.

كيف لا؟ وهو يعرفها شقةً شقةً، باباً باباً، السرّي منها والمكشوف، مفاتيحها ومخارجها ومداخلها، موظفيها وموظفاتها، خصوصاً الأوروبيات الشقراوات منهن، بل يحفظ شكل ابتساماتهن لحظة خروجهن من باب العمارة، وكثيراً ما يتفاخر بعلاقاته مع العاملين فيها.

حين دعا العم رفيق بعض أولئك الموظفين لحضور حفلة زفافه بعدما قرر الزواج وقد بلغ الـ50 من عمره، شاركوه فعلاً فرحته المتأخرة. وجهه حينها كان يتقن التعبير أكثر بكثير من حديثه المطوّل عن "خطوته الاجتماعية" وإكماله نصف دينه.

ومضى يوم حلو وحيد من حياته يُحسد عليه، مقارنة بأيّام شقائه التي يعيشها، بين الوقوف على قدمَيه طوال النهار، إلى تنظيف أرضيات شقق، سلالم، سيارات موظفي العمارة الفارهة، وغيره غيره الكثير، إلى أن يأتي يوم المنى.. يوم الجمعة، وكيف لا وهو يوم إجازته الذي ينتظره أسبوعياً؟!

يتناول الإفطار برفقة عائلته الصغيرة، ثم يتبضّع للغداء من السوق، وعصراً يُلاعب طفله الصغير حتى يغالبه النعاس، وفي الليل تغني له زوجته بصوتها لا بصوت فيروز: "رفيق يا رفيق وينك يا رفيق؟"؛ لتكتشف أخيراً أنّ رفيقها خلد للنوم!

نهار العم رفيق لا يشبه بالطبع نهارات الرئيس باراك أوباما وعائلته السعيدة، لكنّه وعلى الرغم من ذلك يُحبّه وينتظره طوال أيّام الأسبوع.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد