معظمنا يفترض أن رشاقة حركات جسمه ولياقته البدنية أمرٌ مسلمٌ به مهما تقدم في السن، ونعتقد في قرار أنفسنا أننا قادرون على القيام غداً من دون أي جهد بكل ما نقوم به اليوم، أو ننظر إلى أجسامنا كما كانت قبل 10 سنوات، وليس كما هي الآن، ولستُ استثناءً أو محصنة من هذه الظاهرة، إذ أشعر بضرورة تذكير نفسي باستمرار أنني لم أعد أستعيد عافيتي بعد بذل الجهود، بذات السهولة التي كنت من قبل.
في العشرينات من عمري، وأشعر الآن بحاجة إلى مزيدٍ من الوقت لالتقاط نفَسي بين فترات التدريب، وأحتاج الكثير من "الرعاية الذاتية"، مثل التمدد والتدليك، للحفاظ على نفس كثافة التمارين.
سواء أعجبك الأمر أم لا، فإن أجسامنا تتغير مع مرور الوقت. ومع تقدمنا في السن، سنشهد تضاؤل كتلة عضلاتنا وعظامنا، وتمثيلنا الغذائي، وتتراجع رشاقة حركاتنا وقدرتنا على التحمل وقوانا، بشكل طبيعي، ما لم نبذل جهداً واعياً للتخفيف من هذه التغييرات الطبيعية. وغالباً ما نتصور أن اعتماد نمط حياة صحي، معناه أن نزداد قوة، لكن مع تقدمنا في السن، ندرك أن أول خطوة على هذا المسار، تصبو إلى تحقيق هدف أبسط، يتمثل في عدم التقهقر وعدم الاستسلام لمزيد من الضعف.
سيكون وضعك الصحي في المستقبل أقل إيلاماً وتصلباً وأقل تعرضاً للإصابات والأوضاع المجهدة – بل سيكون في حالة أحسن صحياً وسعادة- في حالة مباشرتك التمارين المناسبة الروتينية الآن، دون انتظار. لقد اخترتُ أربعة أنواعٍ من التمارين الرياضية التي، وإن كانت مناسبة للجميع، ينبغي اعتبارها "غير قابلة للنقاش" بعد سن 35، وهي قادرة على التخفيف من آثار التغييرات المعهودة التي تحدث مع التقدم في السن.
ولمن يسأل لماذا سنة 35؟ الجواب هو في الواقع، أن سن البدء هو السن الذي يوجد فيه المرء الآن، إذا كان عمرك 30، ابدأ الآن، إذا كان 40، فابدأ الآن، وحتى إذا كان عمرك 70، ابدأ الآن! لقد اقترحتُ 35 لأن هذه الأنواع من التمارين (التوازن، والتدريب على الحركة، وما إلى ذلك) غالباً ما يُعتقد أنها حتمية فقط بعد سن ربما 45 أو 50 سنة؛ ولكن عليك أن تتذكر أنه من الأسهل دائماً "مواكبة الحركة بدلاً من اللحاق بها".
وفي حالة البدء في وقتٍ مبكرٍ، فإنك تهيئ نفسك للنجاح صحياً، إذ تدعم كتلة العظام والعضلات قبل حتى أن تبدأ في الاضمحلال، وتنشئ "مصرفاً" يمكنك أن تعززه أو تستمد منه ما تحتاج إليه إذا لزم الأمر مع تقدمك في السن. ومن الخطأ أن تعتقد أنك غير معني بهذه التمارين؛ لأنك عداء أو دراج، أو أنك تمارس الرياضة يومياً، لأن التمارين الرياضية تشكل نوعاً من الإجهاد الإيجابي، إذا مُنِح الجسم الأدوات المناسبة لاسترداد طاقاته والقوة الكافية لإنتاج الحركات بشكل صحيح.
فلا تؤجل إلى الغد ما يمكنك القيام به اليوم.
التدريبات الأربعة
1. جلسة القرفصاء
يُعَد الحفاظ على القدرة، من قوة وحركة، التي تُمكننا من جلوس القرفصاء أمراً حتمياً. إننا نجلس القرفصاء مرات لا حصر لها كل يوم، فلا بد إذن من التفكير في الأمر، إننا نجلس القرفصاء للذهاب إلى الحمام، وعند الجلوس ثم القيام منه، وعند دخول السيارة والخروج منها، وحتى عندما نجلس على السرير.
يكاد يستحيل التحرك إذا كنا لا نستطيع جلوس القرفصاء، غير أن أداء نمط هذه الحركة، يحتاج إلى تحريك مفاصل الورك والركبة، والكاحل، وكذلك إلى قوة الجزء السفلي من الجسم والعلوي منه أيضاً.
إن دمج حركة القرفصاء باعتبارها جزءاً غير قابلٍ للنقاش، ضمن التمارين الروتينية، من شأنه أن يساعدك على الحفاظ على هذه الحركية والقوة.
تعتبر القرفصاء، من وجهة نظري، من جملة تمارين القوة الأكثر أساسية، لكن يجب أن تكون تمارين القوة الحقيقية بشكل عام، غير قابلة للنقاش. التدريب على القوة ينمي كتلة العضلات الهزيلة، ويساعد على تقليل خطر هشاشة العظام، ويحافظ على سلامة المفاصل، ويخفف من انخفاض كتلة العظام والعضلات، لكن عليك ألا تقتصر في تمارينك الرياضية على القرفصاء، أضف إليها مجموعة من التمارين الوظيفية متعددة المفاصل. حاول على سبيل المثال، رفع أشياء في وضعية الاستقامة ومن دون مساعدة، وقم كذلك بحركات التجديف.
نصائح حول القرفصاء: ابدأ بوضع قدميك على نفس مستوى وركك. قمْ بثني ركبتيك ووركيك وكاحليك بحيث يمكنك أن تجلس إلى الوراء، كما لو كنت جالساً على كرسي، وأثناء الجلوس، تخيل عظام مقعدك، تتمدد إلى الخلف. راقبْ ركبتيك وتأكد من أنها تتبع اتجاه الأصابع الوسطى من القدم. استعن بأردافك والجزء العلوي من جسمك للوقوف.
2. تمارين تستعمل ساقاً واحدة
يتطلب المشي والجري استقراراً أحادي الساق. وبما أن المشي يعتبر أساسياً بالنسبة للياقة البدنية والاستقلال الوظيفي، أقترحُ لتجنب الإصابة، تدريب العضلات لكي تتحمل وزن وتوازن جسمك على ساق واحدة. تسهم التدريبات على الساق الواحدة، في تمرين الجسم على التوازن، وتوزيع القوى بالتكافؤ، وإمداد الدماغ بالمعلومات حول وضعية الجسم (وتسمى هذه الحلقة من ردود الفعل استقبال الحس العميق).
حاول الوقوف على ساق واحدة. وبعد أن تألف الحركة وتشعر بسهولة الأداء، أغمض عينيك و/ أو قم بحركة مفصلية بساق واحدة: قِف على ساقك اليمنى، صدرك إلى الأمام ثم قم بحركة مفصلية إلى الأمام مع الحفاظ على ظهرك مسطحاً. حاول إبقاء وركك الأيسر أسفل الأرض، أثناء توجيه صدرك إلى الأمام. استخدام عضلات أردفك الأيمن للوقوف. كرر التمرين خمس مراتٍ أو أكثر. انتقل إلى الساق الأخرى.
3. تمارين القوة متعددة الاتجاهات والحركة
لسنا روبوتات، لكن مع التقدم في السن، غالباً ما نبدأ بالشعور أن أجسامنا تتصلب وتتحول لتُشبه الحركة الروبوتية، ويصير الجسم أقل مرونة وطواعية، نفقد القدرة على الاستدارة بسهولة، والانحناء، والتقدم بالخطوات أو الميل جانباً، والتفاعل مع الحركات متعددة الاتجاهات.
ومثل هذا النقص في الرشاقة لا يرعبنا فحسب، بل قد يسهم في تعريضنا لإصابات، لمجرد القيام بمهام بسيطة مثل الحركة الدورية للحصول على شيء من المقعد الخلفي، أو الوصول إلى شيء يوجد في موضع غير ملائم.
ما العمل في هذه الحالة؟ حاول ممارسة أنشطة مثل الرقص، والرياضة التي تتطلب حركة متعددة الاتجاهات مثل لعبة التنس، و/ أو تمارين القوة المتعددة الاتجاهات، مثل حركة الساقين الجانبية.
حركة الساقين الجانبية: اخطُ خطوة جانبية بساقك اليمنى، ثم اجلس على ساقك، كما لو أن عضلات ردفك الأيمن تجلس القرفصاء في كرسي. حافظ على ساقك اليسرى مستقيمة، مع إبقاء صدرك وكتفيك إلى الخلف، واستعن بعضلات ردفك الأيمن لتعزيز وضعية ظهرك لمساعدتك على الوقوف.
4. القلب – تمارين التناوب عالية الكثافة
يُحَسِن التدريب بالتناوب من الوضعية الصحية للقلب والأوعية الدموية، ويتطلب من الجسم مستوى أيضياً مرتفعاً، ويحرق الكثير من السعرات الحرارية في فترة قصيرة من الزمن، ويزيد من استهلاك الأكسجين ما بعد التمارين أو ما يعرف باسم EPOC (ما بعد حرق السعرات الحرارية)، ويزيد من نمو الميتوكوندريا (تساعد الميتوكوندريا على حرق الدهون)، فضلاً عن تحسين مستوى اللياقة البدنية.
حاول من خلال استعمال أي آلة من آلات تمارين القلب، القيام بتمارين التداول: بعد فترة من المواءمة والتسخين، تمرن لفترات بالتناوب، لمدة دقيقة واحدة بوتيرة يسيرة، تليها دقيقة واحدة معتدلة، ثم دقيقة واحدة مكثفة، وذلك لفترة تتراوح بين 9 و15 دقيقة.
وعن طريق التناوب، قم بالقفز على حبل أو بتمارين القلب عالية الكثافة، مثل تمارين ضغط الصدر (burpees) أو تمارين القفز باستعمال حركات الذراعين والساقين (ٍ jumping jacks).
بغض النظر عن عامل السن، كنْ ممن يتبنون شعار "اليوم وليس غداً". وعليك أن تدرك أن جسمك لن يحافظ إلى الأبد على قوته الحالية، وعلى قدرة تحمله، وحركته دون جهد واع. وإذا كنت ترغب في أشكال أخرى من التمارين الرياضية، لا تتردد، مارس كل ما تشاء من تمارين، لكن تأكد من أن تدمج معها أيضاً الصنف الذي نعتبر أنه "غير قابل للنقاش… ابتداءً من اليوم!".
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الجنوب إفريقية لـ"هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.