تشير العديد من الدراسات والأبحاث الحديثة إلى أن العقل البشري لا يستطيع تنفيذ أكثر من مهمة في الوقت ذاته، وإنما يقوم بها بطريقة متسلسة، وإن بدا هذا غريباً للأشخاص الذين يعتقدون أنهم يقومون بمهام متعددة في الوقت ذاته Multitaskers.
بالرغم من السرعة الهائلة التي تنتقل بها الإشارات إلى مراكز الدماغ، إلا أن الدماغ يحتاج إلى بعض الوقت ليدرك هذه الإشارات ويستجيب لردود الفعل.
الدماغ يعمل بطريقة متسلسلة، ولهذا فإن تنفيذ مهام متعددة في ذات الوقت كإجراء مكالمة هاتفية وإرسال إيميل سيكون أكثر عرضة للأخطاء، وسيستغرق وقتاً أطول في إنجاز المهمة، مقارنة بما لو تم إنجازها كلاً على حدة.
الترجمة الفورية مثلاً تعتبر من أكثر الوظائف عرضة للخطأ، وتحتاج إلى الكثير من التركيز وتستنزف مجهوداً ذهنياً كبيراً.
من جهة أخرى، فإن ممارسة بعض المهام بطريقة روتينية كقيادة السيارة كل يوم على نفس الطريق تؤدي إلى إصابة الشخص بالملل، وبالتالي انخفاض في مستوى الطاقة في جسمه، سماع الموسيقى على سبيل المثال يرفع من مستويات الطاقة ويجعل الشخص أكثر تركيزاً.
يشير دانيال ليفيتين Daniel Levitin، صاحب كتاب The organized mind، إلى أنه يمكننا زيادة كفاءة أدمغتنا من خلال Brain extenders، وهي ممارسات بسيطة، لكنها مهمة تتمثل في تفريغ الدماغ من كل ما لا تحتاج إلى تذكره كل يوم، وتوفير طاقة يمكن الاستفادة منها في قرارات أهم.
Don't load up your brain with stuff that doesn't need to be there.
مثلا إذا كنت شخصاً يضيع مفاتيح سيارته كثيراً، يمكنك تخصيص مكان لتعليقها عليه بدلاً من أن تقوم كل مرة بالبحث عنها، وتذكر أين وضعتها… لا داعي لأن تتذكر كل يوم أنّ عليك حمل الشمسية معك، فقط قم بتعليقها في مكان قريب من الباب بطريقة تمكنك من رؤيتها كلما غادرت المنزل.. دوّن مهامك على ورقة، لن تحتاج بعد الآن للاحتفاظ بها في ذاكرتك، هذه الممارسات ستساعدك في زيادة كفاءة وإنتاجية دماغك واستغلاله بطريقة أمثل.
في الحقيقة مهما كان القرار الذي تفكر به صغيراً أو كبيراً، فإن الخلايا العصبية تحتاج إلى الجلوكوز دائماً لتؤدي وظائفها، الدماغ لا يفرق بين هذا القرار أو ذاك؛ لذلك من الأهمية بمكان الانتباه للأفكار التي تسيطر علينا دائماً، والتخلص من الأفكار التي لا طائل من التفكير بها سوى استنزاف مخزون الجلوكوز الذي يمكن توفيره للقرارات الأكثر أهمية.
يمكننا الاستغناء عن الكثير من الجدالات والمهاترات التي لا فائدة منها، يمكننا الاستعانة بالكتابة لتفريغ أدمغتنا، الحلول للمشاكل المعقدة غالباً ما تأتي في الفترات التي يكون فيها الدماغ هادئاً، ولا يمارس نشاطات ذهنية كثيرة (Day dreaming mode) أو كما في فترات القيلولة.
من المهم فهم آلية عمل أدمغتنا للمحافظة على كفاءتها في استقبال وفهم آلاف المعلومات التي تزداد تدفقاً كل يوم وكل ثانية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر ش تحرير الموقع.