تحت أبيب.. الوجه الآخر للمدينة العبرية الأولى!

يغوص فيلم "تحت ابيب" في تاريخ تل ابيب، ويكشف بداية كيف أن تل الربيع هي مُجرد ترجمة لاسم مستعمرة "تل ابيب" التي يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1906، أي قبل النكبة بحوالي 40 عاما!

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/18 الساعة 05:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/18 الساعة 05:31 بتوقيت غرينتش

تُعتبر تل أبيب المدينة العبرية الأولى، وكثيرا ما يُضرب بها المثل كمدينة مُتقدمة وسريعة النهوض والتطوّر، إلا أن غالبية المُهتمين بتل ابيب يجهلون تاريخها تماما أو لرُبما يتجاهلونه، ومن بينهم العرب الذين يعتقدون أنها كانت قرية فلسطينية تُدعى "تل الربيع" وهو أمر خاطئ بالطبع، وأما المُعجبون بها فينشغلون بالمظاهر دُون التعمق في تاريخها الشنيع، وهو ما يُحاول هذا الفيلم الوثائقي تسليط الضوء عليه بشكل لم يُعرض من قبل باللغة العربية!

يغوص فيلم "تحت ابيب" في تاريخ تل ابيب، ويكشف بداية كيف أن تل الربيع هي مُجرد ترجمة لاسم مستعمرة "تل ابيب" التي يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1906، أي قبل النكبة بحوالي 40 عاما! وقد جاءت فكرة التسمية من وحي رواية للزعيم الصهيوني ثيودور هرتزل تدعى "التنويلاند" (AltNeuLand) كُتبت بالألمانية، ولقيت رواجا بين الصهاينة حينها، وتعني بالعربية: "الأرض الجديدة القديمة".

ثم يأخذنا في جولة إلى بعض المعالم الفلسطينية الباقية في قلب تل أبيب اليوم، فيبدأ بالشيخ مونس حيث جامعة تل ابيب اليوم وحيث لا يزال بيت المختار قائما ويستخدم من قبل الطاقم الأكاديمي في الجامعة كمكان للمناسبات، فالمكان فاخر جدا ويُدعى "البيت الأخضر".. ومن الشيخ مونّس ينقلنا إلى قرية جريشة القريبة حيث متنزهات مدينة تل ابيب "جني يهوشاع"، وحيث لا تزال بعض الآثار الفلسطينية قائمة عند نهر العوجاء أو نهر فُطرس كما سماه العرب قديما..

هذا غير مقبرة عبد النبي حيث كان يُدفن أهالي قرية صُميل التي تقع في "قلب تل ابيب" وغيرها من الأماكن الباقية التي تنفي أشهر النظريّات التي روّج لها ثيودور هرتزل في كلامه: "فلسطين هي أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، كما أن هذه الأماكن تؤكد أن تل أبيب لم تكن "تل الربيع" بل بُنيت على أنقاض قرى فلسطينية كثيرة مثل الشيخ مونس وجماسين وجريشة وصُميل والقائمة تطول، ومعها يُذكرنا الفيلم بحكايات بعض من هُجّروا من هذه القرى.

المثير أكثر، في هذا الفيلم، أنه يتناول حكاية "سارونا" وهي مستعمرة ألمانيّة لا تزال آثارها باقية، بل وتم الاحتفاظ بالكثير من مبانيها وتم تحويلها إلى مجمع تجاري فخم، وفي سارونا تكمن الإجابة عن سؤال: "كيف استطاعت تل ابيب أن تتطور بهذه السرعة العجيبة؟"، حيث كانت المستعمرات الألمانية متقدمة جدا من الناحية التقنية حينها، واستفادت تل أبيب من تقدمها وذلك باعتراف الصهاينة أنفسهم، علما بأنهم قاموا بطردهم لاحقا، حين طُرد الفلسطينيون من أراضيهم.

ينتهي الفيلم في مقبرة عبد النبي، حيث تم بناء فندق هيلتون في تل ابيب فوق مُعظم أراضي المقبرة، مع مشاهد تمثيلية من وحي مذكرات يوسف هيكل، فقد عاش في يافا وكثيرا ما كان ينظر لتل أبيب من نافذة القطار بعين الاستغراب والشفقة، ثم دفن أخته "فاطمة" في مقبرة عبد النبي واليوم لم يبق من المقبرة إلا المقام وبضعة قبور متهالكة، والبقية الباقية صارت تحت فندق الهيلتون، حيث يقضي زوّار تل أبيب أوقاتهم بسلام.. في بلد يتفنن في محو الذاكرة وصناعة النسيان!

المؤسف أكثر، من ناحيتي، أن نجد الكثير من الأفلام الوثائقية التي تتناول القضية الفلسطينية تُكرر الكثير من المضامين دُون محاولة لإضافة بُعد جديد، وبما أنني أؤمن بالأفلام الوثائقية قُمت بعرض فكرة هذا الفيلم على أكثر من مخرج ومنتج عربي.. وما كان منهم إلا الإهمال، فلديهم أعمال أهم بكثير.. واليوم أعرض هذه الفكرة على الملأ.. عسى يكون بينكم من يُخرجها إلى النور!

هذه التدوينة منشورة على موقع مدونات الجزيرة

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد