تنادي النساء في العالم أجمع بالمساواة، والحرية، والتحرر ورفض المقارنة مع الرجل والرفض التام لتصنيفها بأنها شخص يأتي في المرتبة الثانية بعد الرجال، وترفض النساء أن يحتل آدم المرتبة الأولى.
بسبب متلازمة الشعور بالظلم التي رافقتها واكتسبتها من المجتمع والبيئة المحيطة بها، حتى وإن كانت أكثر النساء تحرراً على جميع الأصعدة، فشعارها الدائم المرأة أولاً تمنح الحق لجنس حواء أن يتقدمن، بينما يتأخر آدم أو لا يكون لهُ وجود أصلاً، الأهم أن الثائرات من أجل حقوق المرأة المسلوبة يتقدمن.
بينما تأخذ الفكرة في تزايد مستمر وتصعيد دائم، وبالرغم من كل ما تواجهه حواء من الإقصاء والتهميش المجتمعي في شتى بقاع العالم، وبالرغم من الاستغلال الذي تتعرض لهُ بإرادتها في حين، ورغماً عنها في حين آخر، أو وجدت نفسها قد نشأت وعاشت حياة مبنية على الحرية المطلقة دون واعز أخلاقي أو ديني أو قانوني يحدد لها سقف الحرية ويمنعها مما تقوم بهِ وترتكبهُ بحق نفسها وبمسميات تسيء للنساء أجمع بسبب ظروف وحالات أو بيئة استثنائية، لكنها حققت غايات عكسية بدل إيجاد الحلول والبدائل لتصحيح المسار وتقويم ما هو خطأ، بات ذلك حرية تمارسها الأنثى بكل لا إنسانية.
كوني من جنس حواء فأنا بدوري أطالب ببعض الحريات:
مقاييس جمال الانستغرام:
الإنستغرام وما أدراك ما الإنستغرام؟! تلك القوالب المقولبة في وجوه وأجساد وملابس باذخة في كل شيء للحد الذي أصبح الجمال فيهِ ضرباً من الخيال!
ما كل هذهِ الألوان والأشكال والإكسسوارات المبالغ بها؟!
الرأسمالية باتت تقيم على عقول النساء أولاً قبل كل شيء، وتتغذى على جيوبهن بثروات هائلة لا نهاية لها.
أليس من الأجدر بنا -عزيزتي حواء- أن نقاطع هؤلاء النسوة اللواتي يتخذن من اللهو والتجميل والتقطيع والشفط والنفخ والجروح والمواد الكيميائية التي تحقن في عقل المرأة قبل أماكن أخرى من جسمها وتلوث كل الطبيعة التي خلقها الله عليها؟!
أليس من الأفضل لنا مقاطعتهن؛ لكي لا يسوّقن لمنتجات بأثمان باهظة وحتى وإن كانت رخيصة لكنها على حسابنا نحن وبناتنا مستقبلاً، نحن الهدف، والغاية هي أن نسير في الشارع ونشابه بعضنا البعض؟!
ألم تشردي للحظة واحدة وتنظري من حولكِ لتجدي أن الفتيات أصبحن شبيهات ببعض بشكل مثير للشفقة؟!
لمَ أرتدي ما يسوقون لهُ فقط؟ ولمَ أضع العطور التي يصدرونها بأسمائهم؟ ولمَ حتى أقرأ الكتب التي ينصحون بها؟!
لمَ أكون نسخةً من تجارب الآخرين ولا أكون أنا تجربتي الحرة الحية الطبيعية بما أرتاح لهُ ويروق لي فعلهُ؟!
المقهى الفلاني ليس هو أفضل مقهى؛ لأن تلك الجميلة تَرتادهُ وتصور فيه عشرات الصور برفقة كوب من القهوة ثم تنصرف دون أن تدفع ثمنها.
فالمتابعون لها ومن سوف يتوجهون نحو طاولتها في ذلك المقهى المواجهة نافذتهُ لأشعة الشمس كفيلة بأن تؤمّن لها ثمن خمس جلسات كهذهِ برفقة خمس نساء أخريات برفقتها!
ما الذي جرى لنا؟ أهذهِ الحريات التي تنادي بها الجمعيات النسوية وحقوق المرأة العربية والغربية؟!
كان الله مع تلك التي تقيم حياتها على أسس من تتابعهن وتسعى لتعيش حياتهن.
هي في الحقيقة لا تعرف كيف تبدو الحياة، وكاميرات هواتفهن متوقفة عن بث كواليس أيامهن.
بعيداً عن الرموش الصناعية والرتوش والتأثيرات الصورية والملابس غالية الثمن التي يتم تغييرها واستبدالها والسعي لتأمين كل جديد منها بصورة يومية!
ما رأيكن في هذهِ الحرية التي نرجو الحصول عليها؟!
وأين الرجل من كل هذا لا يد لهُ وقد يكون مغلوباً على أمرهُ يحاول أن يشرح لأخته أو زوجتهُ أنها جميلة دون أن تشع الإضاءة من خديها أو تلون بالأحمر وجنتيها، هي جميلة بعيونها العربية بالليل الذي يغفو على كتفها وبابتسامة بريئة ترتسم كل صباح على شفتَيها، هي جميلة لأنها لا تشبه الصور الأخرى المستنسخة من بعض، التي تقيم خلف شاشات الهواتف.
المرأة قادرة:
ثقافة المرأة.. لا تستطيع المرأة.. لا تقدر أنها ضعيفة هشة.. ولا تقوى على فعل ذلك.
لنتوقف عن تلقين أولادنا وبناتنا بالضعف الكامن لدى المرأة حتى يكبر الصبي ويرى أمه ضعيفة، دون أن يعي أن ألم الولادة هو ثاني أقسى ألم في العالم بعد الحرق حياً!
لك أن تتخيل ذلك الألم يا مَن تنسب الضعف للنساء، المرأة تمتلك شجاعة وقوة وإصراراً وصبراً وتحمّلاً يفوق الرجل، لكنها ثقافة الضعف التي نستمر في تلقينها للأطفال حتى يكبروا عليها.
هو يرى أخته ضعيفة، وهي ترى أن ليس بمقدورها السير بمفردها.
المرأة عندما تتحمل مسؤولية باستطاعة عقلها أن يبدع وينجز كل المهام بأقل وقت وجهد وعلى أكمل وجه.
لنمنح النساء المسؤولية ونجعلهن ينطلقن بقيادة طائرات ويحلقن بأحلامهن، لنجعل المرأة تتسلق الجبال، وتضع فوق قممها كل الإصرار الذي يحملنه بنات جنسها، وتثبت للعالم أجمع أنها في المقدمة برفقة أحلامها وطموحها وعزيمتها بثبات واستمرار.
الحرية هي عدم الاستهانة بقدراتكِ؛ لكي لا تقللي من شأن نفسكِ.
باستطاعتكِ فعل الكثير دون انتظار الضوء الأخضر للانطلاق.
بيدكِ القرار، وبعقلكِ المفتاح الذي يفتح لكِ أبواب الخوف الموصدة التي توارثها الناس من قبلكِ.
أنا ملكة:
أنا ملكة؛ لأنني أستطيع أن أخرج دون مساحيق تجميل، دون تغيير لون عيوني، سأكتفي بكحل جدتي وبعض مما يليق بي.
أنا ملكة؛ لأنني لست ملزمة بصرف مجهود شهر كامل من العمل على حساب راحتي والاهتمام بطفلي أو الجلوس برفقة والدي؛ لأنفق ثمن تلك اللحظات المقدسة التي لا تتكرر، من أجل شراء حقيبة أو معطف غالي الثمن.
أنا ملكة؛ لأنني لست مجرد دُمية تحت مشرط أطباء التجميل الذين وجدوا لجعل الناس أقل عرضة للنبذ، وتأثير ذلك على حياتهم بشكل سلبي؛ لكي يجملوا ما هو قبيح، وليس لتقبيح ما هو سويّ وما خلقهُ الله تعالى بأحسن تقويم.
الحريّة هي تقبلكِ لشكلكِ، لحجم أنفكِ، وامتلاء شفتيكِ.
الحرية ألا تستسلمي ولا تأبهي للإحباط الذي يقال عنكِ أو عن أي حواء أخرى غيركِ؛ ليوقفها ويفقدها الثقة بالنفس التي تتحلى بها.
فإن كنتِ تبحثين عن هدف أو تحاولين تحقيق غاية، عليكِ أن تتسلحي بطموح يلامس النجوم، عليكِ بعقلكِ ثم عقلكِ ثم شكلكِ.
العقل زينة، وروحكِ جوهر العقل، وشكلكِ الجميل يجعلكِ محط إعجاب الأنظار حولكِ ليس لجمال وجهكِ بل للتعلم منكِ، للفائدة منكِ.
زينة المرأة عقلها قبل كل شيء وهذا هو الأهم والمهم أولاً.
أنا ملكة؛ كوني أبتسم بتغيرات العمر والزمن التي تطرأ عليَّ دون توتر وخوف مما سيتجعد، ومما سيتلون بالأبيض.
هذا لا يعني ألا تجعلي من نفسكِ جميلة، بل اهتمي بنفسكِ وكوني أجمل الجميلات بما يلائمكِ ويليق بكِ دون تكلف وإسراف.
من دون الاستسلام والخضوع لتفاصيل التجميل والإضافات والمبالغة التي أخذت حيزاً أكثر مما ينبغي لتحويل المرأة إلى شيء يحمل تسعيرة معينة تختلف باختلاف مقدار التغييرات والإضافات والتعديلات التي تطرأ عليها وعلى كل تفاصيلها.
حريتكِ هي رفضكِ التام والقاطع في أن تكوني مجرد سلعة يتم تقييمها وتسويقها على أساس مظهرها الخارجي ليس إلا.
من هنا تبدأ حريتكِ، من حيث تقف وتنتهي وتتمحور حياة الكثير من الناس في أيامنا وزماننا هذا.
هذهِ الحرية والنسوية التي يجب أن ترفض تماماً الاستنساخ المستمر والأفكار الملوثة التي يتم حشوها يوماً بعد يوم في عقول بناتنا وعقولنا نحن.
الحرية لا تقتصر على ذلك الرجل السيء الذي يعامل الأنثى بلا ذوق.
حريتكِ تبدأ منكِ، من هنا حيث تتربى الأجيال بين يديكِ.
حريتكِ في هذا الوضوح وهذهِ الثقة والقوة التي تحافظ على كامل جمالكِ وأنوثتكِ، ولا تجعلكِ دُمية مزيفة في أعين من حولكِ.
جميلةٌ أنتِ، إن أحببتِ نفسكِ وتعلمت كيف تتعاملين بالشكل السليم مع كل المعطيات التي لديكِ، لكي لا تجدي من يقول لكِ: هنالك مقاييس جمال يجب أن تتبعيها، وأطباء يجب عليكِ زيارتهم لتعديل ما يناسبهم، وملابس يجب ارتداؤها لكي تحافظي على نسختكِ المشابهة لهن.
حريتكِ تبدأ من هنا، ولكِ مطلق الحرية في الاختيار والقرار لتعيشي الحياة بسحر أكبر وبالمزيد من التميز والجاذبية، حتى نكون أمام مجتمع يُقدر ويحترم دور المرأة ويعرف القيمة المعنوية لها، ليس المادية الظاهرة بسطحية، ويتعامل معها على أساس ذلك المبدأ.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.