الحب أعذب ما في الحياة، ورمز لكل جميل، وأسمى أشكال الحب هو حب الله والإقبال عليه بالعمل بالطاعات، وإعمار الكون والإحسان لكل ما خلق الله، فنحن نحبه بالعطف على خلقه، ونتقرب إليه من خلالهم بكلمة طيبة وبسمة، برعاية شجرة والرفق بالحيوان، وبالإقبال بكل نافع في هذه الحياة.
وتتنوع صور وأشكال الحب، ويبقى أسماها البعيدة عن المكاسب فقط غايتها الرضا، وتبدأ برضا الله، ثم الحصول إما على رضا النفس أو رضا الآخرين.
لكن في حياتنا حصرنا الحب في قالب ضيق، وهو بين رجل والمرأة، واجتهد الكثير في الكتابة عن الحب، ولعل أسمى ما كتب عن الحب هو ما كتبه الإمام ابن حزم الأندلسي في كتابه طوق الحمامة، الذي قدم أروع وأنبل وأنقى ما يمكن أن يكتب عن الحب، ولكن مهما كتب عن الحب.. أعراضه أسبابه وحصر علاماته، يبقى لكل منا خصوصية في طريقة حبه، فلكل منا بصمة حب لا تشبه غيره، فكل يحب على هواه وبطريقته المميزة.
لكن إذا أردنا أن نقول ما هو الحب الحقيقي؟ فهو الرضا؛ لأن الرضا هو القبول، نعم فقبولك الآخر بكل سلبياته وإيجابياته تستقبل الخطأ بروح الإشفاق عليه، فهو في عينك كطفل يفعلها ببراءة، وعليك أن ترحم هفواته، ورضا يقودك إلى الاحترام الذي يدفعك إلى أن تراعي مواقف الفرح والحزن والاهتمام أثناء التعامل، أن ترتكب أي خطأ.
والاحترام هو أسمى شعور ممكن أن تجود به على من تحب؛ لأنك تشعره أنه محور حياتك، وأنه ذو قيمه كبيرة.
والتقدير هو أن تشعره بمدى أهميته في حياتك، والقوي فعلاً هو مَن يعلنها ويشعر الآخر بمدى أهميته، كثيرون ندموا على عدم الإعلان عن أهمية الآخر، ففات عليهم أن يشكروا نعمه وجوده معهم، فحرموا فضلها وفاتهم حب عظيم.
والحب ليس كلمات أو أعياداً أو هدايا، الحب معاملة وتقدير وثناء، فتحصد سعادة ويكون كل يوم عيداً، أما ما نراه من صور يرافقها كلمات أخاذة وتعابير براقة، فليس هو هذا الحب فقط، وإنما جانب من جوانبه وهو مؤقت.
والحب أسمى من البوح وأسمى من أن يراه الناس، فهو كالجوهرة كلما صانها زاد بريقها، وكلما أبرزها قلّ بريقها.
ولكل منا قصة حب سيعيشها، ولن تكون لسواه فلا تبحث عنها في قصص الآخرين أو في توقعاتهم، فلكل سيخدعك أحدهم سوف يختار لك صورة جميلة عن الحب ليسعدك، والآخر حتى يوهمك ليخدعك.
مشاعر الحب لها ضوابط، وأنا أعتبر الحب أمانة نؤديها ولا نعطيها لمن هب ودب، والحب مواقف أخلاقية نجود بها على من نحب، ابتسامة طاعة، عون ورفق، هي أفعال وليست أقوالاً، هي أشياء نكرم بها من نحب، مثل الوفاء والإيثار والدعم وتقديمه على الذات، هي الوقوف بالخلف ودفع من نحب للإمام، معاملة طيبة، هي مشوار حياة فيه عقبات ومِحن وساعات ابتهاج.
الحب هو كل فصول الحياة، تشاهد أثره في الحزن والفرح والكرب والضيق أو سعة الحال، لا يتغير ولا يتبدل.
عندما نحب نحب أنفسنا في الآخر فما نهبه إياه من رعاية ومودة وإكرام نهبه لأنفسنا خلاله، ويبقى الحب هبة الله في الأرض وسِرّه الكوني.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.