نحن مَن نصنع التافهين

هناك الكثير من مشاهير السوشيال ميديا يتحدثون عن النجاح، وهم فاشلون بكل شيء، حتى في ترتيب غرفهم، وهؤلاء الفتيات اللاتي يتحدثن عن النجاح الأسري، وقواعد الأسرة الناجحة، وللمفاجأة هي لا تتحدث حتى مع أسرتها.

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/27 الساعة 09:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/27 الساعة 09:45 بتوقيت غرينتش

كيف لشخصٍ فاشلٍ أن يُحدِّثنا عن النجاح في الحياة؟! كانت هذه بداية النقاش الذي بدأنا به أنا وصديقي محمد، عن هؤلاء الذين يدَّعون النجاح على السوشيال ميديا، وكيف لنا أن نتابعهم؟!

فأخبرته: يا صديقي أنت تعلم جيداً أن هؤلاء الأشخاص هم فارغون، فهم يتفاخرون بعدد المتابعين الذين لديهم، أو هناك من ضَحِك عليهم وأخبرهم: "إنكم لديكم ظهور إعلامي جميل أمام الكاميرا". فقال: نعم، قد يكون كلامك صحيحاً في أغلبه، ولكن ربما هم قد ينقلون المعرفة إلى الآخرين. فأجبته: يا صديقي بهذه الطريقة نحن نُسهم في صناعة الفارغين، فنُنتج أشخاصاً منتفخين من الداخل يقعون بأول مطب.

ربما المشكلة لا تقف عند هؤلاء الأشخاص التافهين الذين صنعناهم، ولكن كيف لنا أن نسمح لأنفسنا بأن ننخدع بهؤلاء الأشخاص، فهم فارغون من الداخل، ولكن السوشيال ميديا هي من تسمح لهم بأن يظهروا ويخدعوا جمهورهم.

الكثيرون منهم سقطوا بحثاً عن الشهرة المنشودة، وبايزيد ليس بعيداً عنهم، فهو أيضاً ممن سقطوا بحثاً عن الشهرة المنشودة.

وكان صديقي عبدالرحمن يحدثني حول أحد الأشخاص، الذي يدَّعي هو أنه مشهور على مستوى السوشيال ميديا، وكيف أنه نجح في جمع المتابعين، فأخبرته أنه يخادع الواقع، فهو شخصيته مهزوزة، فهو يخادع الواقع، فكلامه أمام الكاميرات شيء والواقع شيء آخر، بعبارة أخرى هو يضحك على جمهوره الذي يتابعه.

هناك الكثير من مشاهير السوشيال ميديا يتحدثون عن النجاح، وهم فاشلون بكل شيء، حتى في ترتيب غرفهم، وهؤلاء الفتيات اللاتي يتحدثن عن النجاح الأسري، وقواعد الأسرة الناجحة، وللمفاجأة هي لا تتحدث حتى مع أسرتها.

شبيه بذلك الذي يتحدث عن الثراء وهو لا يمتلك حتى دولاراً واحداً.

فإذا أردنا أن نسأل السؤال من وجهة نظر الجمهور، يا ترى ما الذي يجعل الناس ينخدعون بهم؟! كيف يمكن لشخص لا تعرف عنه شيئاً وتتخذه أحد القدوات لديك، وبعد أيام تتفاجأ بأنه شخصية مخالفة للحقيقة، ومتنصّل عن كل المبادئ التي يدّعيها!!

أحدهم أخبرني أنه يجب أن نحافظ على نسبة الجهل في المجتمع، حتى نستطيع أن نحركهم كما نريد، فكما يدعي أن تحشيد الجمهور الجاهل هو أسهل من تحريك الجمهور الواعي، ويضرب مثلاً بقطيع الغنم، على الرغم من كثرتها يحركها كلب ويجمعها في الحظيرة.

ويضيف آخر: يجب أن يبقى المتابعون منخدعين، لكي تسهل قيادتهم.

هم لم يصنعوا أنفسهم، وإنما نحن من أسهمنا بصناعتهم، وبالتالي هم صدَّقوا أنفسهم، وبدأوا يعرفون أنفسهم أنهم ناشطون مجتَمَعيون مؤثرون في المجتمع، فيا ترى كيف لهذا المجتمع أن يتغير بجهود هؤلاء المشهورين الفضائيين.

نحن لسنا ضد أن تصبح مشهوراً ولديك المتابعون، ولكن كن أنت أمام الناس وخلفهم شخصيةً واحدةً، فلذلك لا تدّعي شيئاً أنت لا تفعله، وتُصدِّع رؤوسنا ببطولاتك الفيسبوكية.

رسالة إلينا نحن جميعاً، رجاء "لا تصنعوا الأغبياء".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد