احتراف اللاعبين السعوديين.. ليس هكذا تُدار الأمور يا تركي آل الشيخ

وحتى إذا افترضنا أن هنالك مبالغ مالية تم دفعها لإدارات هذه الأندية يتم بموجبها إتاحة دقائق لعب للاعبين السعوديين فهل سينتهز هؤلاء اللاعبون هذه الفرصة أم سيتأثرون بكم الجماهير الكبيرة التي ستتواجد في المدرجات والتي لا تتوانى عن إطلاق صافرات الاستهجان التي قد تؤثر على اللاعب بالسلب قد يظهر تأثيره في المنتخب إذا تم استدعاؤه.

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/23 الساعة 08:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/23 الساعة 08:05 بتوقيت غرينتش

حدث فريد وغريب في نفس الوقت، الدوري الإسباني ولأول مرة سيشهد توافد عدد من اللاعبين السعوديين على ملاعبها كمحترفين في آخر إبداعات اتحاد كرة القدم السعودي، ومن خلفها هيئة الرياضة والشباب، ممثلة في رئيسها الذي يحمل مرتبة وزير، والذي ينطلق بسرعة الصاروخ نحو أمر لا يعلمه ألا هو وهو تركي آل الشيخ.

عن هذا الرجل، فاسمه أصبح يتم تداوله بكثافة غير طبيعية على وسائل الإعلام العربية المرئية منها والمقروءة، في حركة مكشوفة تقول: إن هنالك حملة علاقات عامة تجري على قدمٍ وساق لتلميع الرجل على مستوى الوطن العربي؛ انتظاراً أو لطموح خاص من الرجل ربما للمنافسة على كرسي رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم من يدري؟! فمنذ ظهوره ظهرت معه عدة مناصب تقلدها في وقت قياسي، بالإضافة للمناصب الفخرية التي يحملها بجانب المناصب الرسمية في السعودية، فالرجل حتى الآن أصبح رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم، ورئيس الاتحاد الرياضي لألعاب التضامن الإسلامي، بالإضافة لرئاسته الشرفية لنادي الأهلي المصري، ولا ننسَ أن الرجل شاعر غنائي أيضاً وله دواوين مطبوعة.

المهم عندما تقرأ عن أمر ما غريب بعض الشيء يخص الرياضة السعودية أو الرياضة العربية، فابحث عن هذا الرجل وستجده بنسبة كبيرة يقف خلف الموضوع، وآخر ما تفتقت به عبقرية الرجل صاحب المناصب المتعددة، هو تصديره لبعض اللاعبين السعوديين للعب في الدوري الإسباني، بواقع تسعة لاعبين، ثلاثة منهم في أندية الدرجة الأولى التي يلعب فيها الريال وبرشلونة، وستة منهم في أندية الدرجة الثانية وفئات الشباب في بعض الأندية الأخرى.

تفاصيل الموضوع باختصار هو تكفل هيئة رعاية الشباب السعودية بكل مصاريفهم من مرتبات وحوافز وخلافه، بينما الجانب الإسباني عليه فقط استضافة هؤلاء الشباب في أنديتها حتى نهاية الموسم وقبل كأس العالم، أي تجربة لمدة 100 يوم حتى انطلاق كأس العالم المقبل، والهدف هو صقل اللاعبين لتجهيزهم للمنتخب الأول الذي يلعب في كأس العالم القادم في روسيا، في أغرب عقود الاحتراف التي يمكن أن تسمع عنها كمتابع لكرة القدم.

حقيقة الأمر برأيي موضوع إعلامي أُريد به التفاخر والتباهي فقط، واستعراض العضلات المالية لا غير، فماذا سيستفيد لاعب أساسي في ناديه ويلعب في الأسبوع مباراتين على الأقل بصفة أساسية؟ ماذا سيستفيد من التواجد في بيئة غريبة عليه وثقافة أغرب في هذه المدة الزمنية القصيرة التي لا تكفي حتى للاختبارات بصفة أساسية، ناهيك عن تشرب مبادئ الاحتراف واللعب في دوري شهير كالدوري الإسباني؟!

وأمر آخر هل هنالك ضمانات بأن يتأقلم اللاعب في هذه الفترة القصيرة على ما يتلقاه من تعليمات فنية خاصة أن حاجز اللغة ربما يكون عائقاً أول في الطريق؟ والأهم ما هي الضمانات الموجودة بأن اللاعب سيلعب أساسياً في المباريات المتبقية في الدوري، وحتى هذه الفرق باستثناء فياريال فإنها عادية جداً، ويوجد في الدوري السعودي فرق أفضل منها بكثير في المستوى الفني؟ وماذا عن فشلهم في هذه التجربة؟ كيف سينعكس على أدائهم على المنتخب في كأس العالم؟

الدوريات الأوروبية دخلت مرحلة الحسم، ووقت التجريب والمخاطرة بلاعبين جُدد قد ولى، فجميع الأندية والأندية الإسبانية ليست باستثناء بمجرد قدوم شهر فبراير/شباط تبحث عن النقاط لتثبيت أقدامها في الدوري أو التقدم أكثر في سلم الترتيب لحجز مقعد أوروبي، ولذلك المخاطرة بلاعبين لم ينصهروا بشكل كامل في منظومة الفريق وأتوا فجأة بدون سابق إنذار هي مخاطرة لن تقدم عليها إدارات هذه الأندية بكل تأكيد.

وحتى إذا افترضنا أن هنالك مبالغ مالية تم دفعها لإدارات هذه الأندية يتم بموجبها إتاحة دقائق لعب للاعبين السعوديين فهل سينتهز هؤلاء اللاعبون هذه الفرصة أم سيتأثرون بكم الجماهير الكبيرة التي ستتواجد في المدرجات والتي لا تتوانى عن إطلاق صافرات الاستهجان التي قد تؤثر على اللاعب بالسلب قد يظهر تأثيره في المنتخب إذا تم استدعاؤه.

بالتركيز على أعمار اللاعبين نجد أن اللاعبين خاصة لاعبي المنتخب الأول أعمارهم في منتصف العشرينات "26 -27" وهذا عمر – ربما – يكون متأخراً بعض الشيء بأعراف الاحتراف الأوروبي، فالأندية الأوروبية بشكل عام تبحث عن ذلك اللاعب الخام الذي يستطيع أن يستوعب التعليمات الفنية بشكل سريع، وهذا ما نجده في تركيز هذه الأندية، خاصة الإسبانية، في توقيع عقود مع لاعبين لم يبلغوا الحُلم بعد، ويتم حجزهم بشكل مبكر تمهيداً لانتقالهم عند استيفاء السن القانونية.

وبالنظر لمراكز اللاعبين المحترفين، خاصة لاعبي المنتخب الأول – اللاعبين الثلاثة – فإن مراكزهم التي يلعبون فيها هي وسط الميدان، وهذه من أكثر الخانات التي تشهد منافسة وسط اللاعبين وأكثر الخانات توليفاً للمدربين، ولا أعتقد أن هنالك لاعباً محترفاً في هذه الأندية سيتنازل طواعية عن مركزه لصالح محترف سيكون معه لمدة شهور فقط، خاصة أن باب الانتقالات الصيفية على الأبواب، وبالتأكيد سيبحث عن أفضل أداء له لتسويق نفسه لباقي الأندية، بعكس لاعب الستة شهور الذي أتى ويعرف تماماً أنه سيغادر بمجرد انتهاء الستة شهور، وبذلك الدافع لديه ليس كمثل الدافع الموجود لدى اللاعب المحترف الأساسي.

قد ينظر القائمون على الرياضة السعودية لهذا الأمر بمثابة المفتاح الذي يفتح الباب لباقي اللاعبين للاحتراف الخارجي؛ ليكون للأندية السعودية محترفون بحق وحقيقة في الأندية الأوروبية مستقبلاً، ولكن ليس بطريقة كهذه للتسويق قد تجلب السخرية أكثر من أن تكون ذات فائدة تُذكر، فالاحتراف ليس هكذا يُدار، ولديه أُسسه التي يعرفها حتى الطفل صغير السن، أما إذا أردتم أن يتم ذكر أسماء بعض لاعبيكم في المونديال متبوعاً بكلمة "احترف" في النادي الفلاني أسوة بباقي لاعبي المنتخبات الأخرى فقد نجحتم في هذا وبامتياز.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد