نظراً لأن قضية التربية من أعظم الأمور في الحياة الأسرية، ولكن هل مجرد وضع الموانع والمحظورات كاف لتستقيم حياة أطفالنا؟ في السطور التالية سنحاول توضيح بعض المفاهيم التى نغفل عنها جميعاً ولها بالغ الأثر على مستقبل فلذات أكبادنا.
الحاجات الإنسانية
مثلما قسم العالم ماسلو هرم الاحتياجات لخمسة أقسام متضمنة الاحتياجات الأساسية وصولاً لتحقيق الذات والتقدير الاجتماعي؛ لذلك فعدم إشباع هذه الاحتياجات يتسبب في حدوث المشكلات السلوكية داخل المجتمعات.
احتياجات الطفل النفسية
تبدأ من الطمأنينة (والحد الأدنى منها هو الشعور بالأمان) وتتحقق بالعديد من الأفعال والمواقف التي تُبرز أهمية الطفل في حياتنا، وألا يكون مجرد رقم، كما أنه يجب علينا تقبُل أولادنا بدون أية شروط لنزع التوتر من نفسيتهم، وأخيراً مشاركة أطفالنا هواياتهم واهتماماتهم، مما يساعد على التقارب فيما بيننا وبينهم.
مفاهيم مختلطة
الحاجة هي المحرك والمولد للسلوك الإنساني، بينما المبادئ هي التي تعطي قيمة ومعنى للقيم في حياتنا مثل (الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة وأبيات الشعر وغيرها).
مصدر معتقدات الطفل
تساهم تربية الوالدين (كرسائل أنت المباشرة للطفل ووصف ذاته والحديث عنه أمام الآخرين) مع نمطية المجتمع (العادات والتقاليد) إلى جانب الجينات الوراثية في تشكيل معتقدات الطفل.
مرحلة غرس القيم
يُمكن القول بأن حوالي 90% من القيم تتشكل قبل نهاية السبع سنوات الأولى من حياة الطفل كالمبادرة والمسؤولية وزرع الثقة وغيرها.
كيفية غرس القيم للطفل
يتم ذلك ببساطة عن طريق ثلاثة أشياء:
* تعريف الطفل بالقيمة واستثارته وحثه على الإقدام عليها.
* التدريب العملي على القيمة في مواقف معينة.
* مدح سلوك الطفل عند إقدامه على فعل القيمة.
أنواع المُربين
يختلف باختلاف طريقة معالجته للأمور، فالنوع الإطفائي، وهو الذي يقتصر دوره على الحالات الطارئة فقط أما النوع المروض، وهو الذي يتعامل بالمعاقبة والضرب، وأفضلهم هو النوع الإيحائي الذي يتفاعل مع المشكلات كعرض وعلاقته جيدة بطفله، وجل حرصه على أن يُنمي شخصية قوية لطفله، أما تهذيب السلوك فسوف يأتي تباعاً.
المُربي مصدر للمشكلات
يُعد المربي مصدر المشكلة إذا كان ما يعاني من حساسية تجاه تصرفات الطفل التي تكون مزعجة في بعض الأحيان، ولكنها تصرفات عادية كما أن عدم معرفة المُربي بطبيعة النمو يجعله سيئ الظن بخصوص تصرفات الطفل، أضف لذلك حاجات الطفل النفسية التي لها دور كبير على المشكلات السلوكية لدى الأطفال، واستجابته لرد الفعل القاسي من قبل الأهل، مما قد يُبرز أسلوب الانتقام على نفسه أو على من حوله تعويضاً لما يُجابه من أسلوب سيئ في التربية.
الطفل مصدر للمشكلات
بعكس ما سبق فلو صدر من الطفل الأشياء التالية يقع اللوم عليه كأن يتسبب فعله فى إحداث خطورة لنفسه أو للآخرين، أو أن يقوم الطفل بتدمير الممتلكات أو يخرق النظام والذوق العام، أو يتصرف بصورة مقززة أو يقوم بتصرفات غير ملائمة لمرحلة نموه.
الحل عند المُربي
يجب على المربي أن يبدأ بنفسه أولاً قبل الشروع في تعديل شخصية ابنه عن طرق التخلص من الصفات الآتية: القمع، الصراخ، التأنيب، اللوم، التهديد، السخرية، الشتم، المقارنة، المبالغة في الوعظ، الاتهام، سوء الظن، العقاب، الانتقاد المستمر، والتحذير.
بعد ذلك يقوم بتحديد نوع السلوك ويتبين مصدر السلوك هل هو من المربي أو من الطفل ويُعين حدته، وينظُر إليه بموضوعية، فأنت تحب طفلك، ولكن تُنكر السلوك فقط، ولا تنجرف لصراع مع الطفل، ثم أخيراً فتش عن أسلوب هادئ للتعامل مع السلوك.
استراتيجيات التدخل مع مشكلات السلوك
لتتغلب على المشكلات السلوكية، فإن توطيد علاقتك بطفلك ستُسهل لك الكثير من الأمور فيجب عليك أن تتواصل معهم وتشاركهم اهتماماتهم واللعب وغيرها من الأمور، واطلب منهم أن يدنو منك عند الحديث إليهم وقم بسؤالهم برفق عن سبب السلوك المرفوض أو غيرها من الأمور، مما يحفز من الفكر ويُثير فضولهم وقم بالإنصات إليهم جيداً، ووضح لهم أن عواقب السلوك غير المرغوب فيه وخيمة.
ومن أمثلة تقنيات حل المشكلات ما يلي:
تقنية (4 + توقع)
ابتسم، اقترب من طفلك، قم بمناداته باسمه المفضل لديه، قم بمدحه لذاته، وافتخر بسلوك إيجابي لديه، ثم اطلب منه ما تريد، وأخيراً توقع منه أن يقوم بفعل ما تريد خلال 20 دقيقة.
تقنية "حينما بإمكانك"
وتقوم بدفع الطفل لفعل ما لا يرغب مع عدم استخدام أي أسلوب عقابي، بل هو من يحدد شكل التعامل مثل (لو لم تُفرش أسنانك لن تلعب)، ويكون في الأمور المتكررة يومياً.
تقنية "أتفهم، أبُلغ، اطرح بديلاً"
تتم عن طريق أنك مُتفهم لمشاعر طفلك ثم تقوم بإبلاغه بأن السلوك مرفوض، وفي النهاية تختار معه بديلاً آخر مثل الكتابة على الجدران، فتقوم بتوفير ورقة للرسم عليها من قبل الطفل.
معيار محبة الطفل
يظن الجميع أنهم يحبون أطفالهم، ولكن في حال قيامك بواحد من هذه الأشياء، فأنت تحتاج لإعادة النظر في علاقتك بطفلك:
* الإرغام والإجبار (تُخبر طفلك بأن كل ما تقوله صحيح).
* المحاباة (توفير كل ما يشتهيه الطفل والأولى هو توفير ما يحتاجه).
* الحرية المطلقة.
* المبالغة في النُصح (تحدث مع طفلك كصديق).
* الانتقاد الزائد (رصد المخالفات فقط).
خطة علاج للمشكلات
في حال وجود مشكلات مضاعفة يكون اللجوء للمعالج النفسي الذي قد يوصي بما يلي:
1- التخلص من الصفات التي تدمر علاقة الآباء بالأبناء كالصراخ وغيره.
2- القيام بعمل حوار إيجابي مع الطفل لمدة 20 دقيقة يومياً.
3- القيام بمدح السلوكيات المرغوبة للطفل خمس مرات يومياً بالمنزل ومرة واحدة أسبوعياً أمام الآخرين لتعزيز ثقته بنفسه.
4- القيام بالتعليق بشكل إيجابي على مظهر الطفل الخارجي خمس مرات يومياً.
5- القيام بالخروج في رحلة خلوية مع الطفل وتنصيبه قائداً ليتحمل المسؤولية.
6- مشاركة الطفل الهوايات التي يستمتع بها.
7- تكرار عبارات المدح والثناء قدر الإمكان (من خلال رسائل أنت).
وختاماً.. تذكر بأن النفس البشرية تستقيم مع التعامل الطيب فعامل أبنائك برفق ولين؛ لتحصد شخصيات سوية ومحبوبة من قبل الجميع.
المصدر: دورة تدريبية بعنوان "المشكلات السلوكية للأطفال والمراهقين" للمدرب سليمان بن نيف بن محمد النيف بجمعية حياة بمحافظة الرس بالسعودية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.