لا تكتمل مسيرة التعلم لدى الطفل من دون الحركة، فهي تشكل الركيزة الأساسيه للتعلم.
وفي الواقع، تشير الأبحاث إلى أن الأطفال بطبيعتهم يميلون إلى اللعب واللهو، فهذا سبيلهم للتعلم والاستكشاف؛ إذ يحصلون على المعلومات من خلال الجهاز الحسي الحركي كما يسميه حقل العلوم العصبية.
فكلنا كآباء وأمهات بلا استثناء نعاني من شعور أطفالنا بالملل، خصوصاً خارج المنزل، وفجأة تنتابهم نوبة غضب وبعضهم يلقون بأنفسهم على الأرض، وهناك مَن يستمر بالبكاء والصراخ، وهناك العديد من التعبيرات الأخرى التي يستخدمها الأطفال لتعبيرهم عن الغضب والملل، ونحن نقف مكتوفي الأيدي لا نعلم ماذا يجب علينا أن نفعل.
وهم أيضاً معهم أعذارهم، فقد يطول عليهم المشوار أو يختنقون من ازدحام السيارات أو يملون من مجرد مكوثهم داخل السيارة دون فعل أي شيء.
فكل ما نفعله هو إعطاء الطفل الأجهزة الإلكترونية من التاب أو المحمول، وما شابه لإسكاته وإلهائه، واليوم سنتعرف كيفية إلهاء الطفل فيما يفيد؛ لذلك لا بد من:
أولاً: إخبار الطفل إلى أين ومتى سنعود، وكل التفاصيل الهامة بالنسبة له؛ حيث إن مجرد شعورهم بالمجهول يبني في مخيلتهم أفكاراً وتوقعات كثيرة، قد تكون بسيطة وسهلة التنفيذ فقط لو عرفناها.
ثانياً: أن نهتم بالطفل بأن نتحدث معه ويكون هو محور اهتمامنا، وأن نأخذ رأيه دوماً، وأن نعطيه اختيارات طوال مشوارنا في الخارج؛ ليشعر بأهميته.
ثالثاً: استغلال كل شيء حولنا في الخارج لإفادة الطفل، وهذا ما جئنا لنتحدث عنه في هذا المقال.
أبسط شيء يمكن استغلاله حولنا هي الطبيعة من حيث الأرض والهواء والماء، وكل ما خلقه الله حولنا، فهي أفضل بيئة مناسبه للطفل، فهو يراها حوله بعينيه ويلمسها بيديه ويشعر بوجودها حوله، وخير التعلم هو البدء باكتشاف ما يراه فهي الفطرة التي خلقنا الله عليها.
الأشجار والنباتات
حيث يمكن أن نلفت انتباهه لها ونحن في طريقنا، أو أثناء التنزه في الحدائق.
– "هل ترى يا صغيري كيف هذه الشجرة ضخمة؟ هل تعلم كيف تثبت في الأرض؟".
– "نعم إنها الجذور".
ومن هنا يمكن أن نعلم الطفل أجزاء النبات (الجذر، الساق، الأوراق، الزهور)، كما يمكن أن نعلمه الألوان واختلافها من خلال الأزهار، وأيضاً من خلال تساقط الأشجار يمكننا تعليمه فصول السنة.
– "هل تعلم يا صغيري متى تتساقط الأوراق؟ في أي فصل من فصول السنة؟".
– "هل تعلم ما هو الفصل الذي تتفتح فيه الأزهار؟".
الشمس
من أحد أبسط موارد الطبيعة؛ حيث إنها متوافرة في جميع بلادنا العربية، ويمكن من خلالها تعريف الطفل الضوء والظل، والفرق بينهما، كما يمكن أيضاً أن نعرفه ما هي الشمس وما هي فائدتها لنا؟ بأنها نجم كبير يشع طاقة وضوءاً، وبذلك تعطينا الضوء والدفء، ويمكن عمل أنشطة باستخدام ضوء الشمس كانكسار الضوء داخل منشور ثلاثي ومعرفة ألوان الطيف أو الخروج بعد هطول المطر مباشرة، ورؤية قوس قزح في السماء، وأيضاً تجربة انعكاس الضوء باستخدام المرايا وكيف يمكن لضوء الشمس تغيير مساره باستخدام المرآة.
كما يمكن استخدام الطبشور لرسم ظلالنا على الأرض، أو ظلال ألعاب الطفل على ورقة بيضاء، وبذلك نعلمه أن الضوء لا ينفذ من خلال الأجسام المعتمة كأجسادنا، لكنه يستطيع النفاذ من زجاج السيارة؛ لأنه جسم شفاف، فهذا يزيد من التركيز والإبداع، فيمكننا بناء مستكشف حقيقي باستخدام الطبيعة حوله فقط.
كما يمكننا من استخدام الساعة التي تعمل بالطاقة الشمسية كتجربة مصغرة للخلايا الشمسية التي تستخدم لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وهي توفر الكثير للدول التي تستخدمها.
النجوم
إذا كنا في الخارج في ليلة صافية، علينا أن نلفت انتباه الطفل الي النجوم وكيف كانت تستخدم في قديم الزمان لمعرفة الاتجاهات، وأن هناك عدداً لا حصر له من النجوم تسبح في الفضاء، بعكس الكواكب التي منها كوكب الأرض فهي محددة العدد والأسماء، وتدور حول الشمس في نظام يسمى بالمجموعة الشمسية.
القمر
ضوء القمر ليلاً يلفت انتباه أغلب الأطفال ويغمرهم بالسعادة عند النظر إليه فقط؛ لذلك يمكن استغلال هذا أحسن استغلال، لتعريف الطفل كيف يضيء القمر ليلاً، وأنه يستمد ضوءه من الشمس وأنه فقط سطح لامع كالمرآة يعكس ضوءها.
والجدير بالذكر أن للأرض قمراً واحداً بعكس بعض الكواكب التي لها قمران أو أكثر، ومن المهم أن يعرف الطفل فائدة القمر بالنسبة لنا في معرفة الأشهر الهجرية كاستطلاع هلال شهر رمضان المبارك أو استطلاع هلال العيد.
كما أن عدم اكتمال القمر على شكل بدر طوال العام يثير اهتمام الطفل، وكيف يصبح هلالاً وبدراً، وهذا ما يمكننا تعليم الطفل دورة القمر دورة كاملة مروراً بمراحله خلال الشهر.
الرياح
يمكننا استغلال الهواء القوي في تحريك الألعاب التي تدور بفعل الهواء، واستخدام الطائرات الورقية التي تعتبر من أمتع الألعاب للأطفال، وأيضاً لعبة فقاعات الصابون وتوجيه الفقاعات حسب اتجاه الهواء، كما يمكن اللعب بالبالون وإحكام السيطرة عليه وعدم هروبه من الطفل بفعل الهواء والقفز وراءه للحاق به، وهذه التجارب على بساطتها فهي تعلم الطفل اتجاه الهواء وكيفية الاستفادة من قوة الرياح في تحريك طواحين الهواء لتوليد الطاقة الكهربائية، كما تعتمد عليها بعض الدول في العالم.
السحاب
بالنظر إلى السماء نرى كميى السحب البيضاء أو الغيمات المحملة بالأمطار، فنستفيد منها في تعريف الطفل كيفية تكون السحب من تبخر المسطحات المائية، وكيف تهطل علينا الأمطار، ومتى تصبح الغيمة جاهزة لهطول الأمطار منها ونشرح له دورة المياه في الطبيعة، كما يمكن معرفة كيفية اصطدام السحب معاً بفعل الرياح وحدوث البرق والرعد أيضاً.
المسطحات المائية
يمكننا تعليم الطفل كل شيء عن البيئة المائية كالبحار والأنهار، وما يعيش بها من كائنات حية وكيفية تنفسها وطريقة حياتها تحت سطح الماء، وأيضاً معرفه الفرق بين البيئة المائية والبيئة الأرضية والبيئة الجوية (أنواع البيئات)، وأيضاً الفرق بين البحار والأنهار (المياه العذبة والمالحة)، ويمكن التعرف على البرمائيات، وأنها تستطيع العيش في الماء، وأيضاً تتنفس الهواء.
كما يمكننا تعليم الطفل كيف نظرية الطفو عند ركوب مركب، بسؤاله: هل تعلم يا أيها المستكشف الصغير كيف تطفو المركب رغم وجود هذا العدد من الأفراد على سطحها، وكيف تحملنا الماء.
كما نلفت انتباهه إلى توجيه الدفة وكيف تدفع الماء لنتحرك في الاتجاه الآخر تماماً، كما تفعل الأسماك في المياه، فكل هذا يثير الاهتمام ويحرك عبقرية طفلك وميوله للاستكشاف.
وبالطبع كل هذه التجارب والاستكشافات يجب عمل واحدة أو اثنتين منها فقط في كل مرة، حتى يستطيع الطفل الانتباه والتركيز بها، حيث يتطور دماغ طفلك عندما يتعرض لمختلف التجارب البدنية والحسية، ويستفيد بشكل أكبر عندما يمارس ألعاباً وتجارب مختلفة كالسابق ذكرها.
ومع أنها قد تبدو بسيطة إلا أنها تعود بالمنفعة على الطفل، فيكتسب منها دروساً هامة تسهم في تنمية مهاراته وتطوير عقله ونضج تفكيره واختلاف نظرته لما حوله.
وليس غرضنا الوحيد هو إلهاء الطفل في الخارج وأن يكن مجرد دمية نحركها بخيوط بين يدينا بل يجب علينا الاستمرار حتى يصبح هذا أسلوب حياة كما يجب اختيار وقت مناسب يكون به الطفل يقظ الذهن مستعداً للاستكشاف، ويجب إشعار الطفل أننا نستكشف معه بأن نطرح عليه الأسئله وننتظر منه الإجابة وننتظر أيضاً أسئلته واستفساراته، فليس عيباً أن نذهب ونبحث على محرك البحث بعد العودة إلى المنزل، فيجب البحث حولها ومشاهدة الطفل لصور أو أفلام بحثية توضح ما شاهدناه عملياً في الخارج، فهذا يصقل العملية التعليمية للطفل مهما كان عمره، فأنت بذلك تبني شخصاً عالماً مستكشفاً من صغره قد تدرب على فهم كل شيء، والنظر لما حوله بشكل مختلف وليس مجرد طفل عادي يلعب ويلهو فقط، بل يبحث ويستكشف كل ما حوله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتظروني في الجزء الثاني من ابني مستكشف| في الخارج "2"
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.