منذ فترة تقارب العشر سنوات بدأ كثير من العلماء في العديد من المجالات بعمل أبحاث عن المواد والعناصر في الأحجام الصغيرة جداً باستخدام كل من علم وتكنولوجيا النانو، كذلك بدأت الكثير من الشركات العالمية بدراسة تأثير هذا العلم الجديد نسبيا وكيفية الاستفادة منه.
دعونا أولاً نتعرف على نشأة النانو تكنولوجي وتاريخه، وأيضاً بعض من خصائصه ومميزاته بشكل موجز، التي تعني صغيراً جداً (nanos) اشتقت من الكلمة اليونانية Nano كلمة نانو.
النانو متر الواحد عبارة عن جزء من مليار جزء من المتر، يمكن فهمها بطريقة أبسط بأنه عند تقسيم واحد متر إلى مليار جزء، فإن كل جزء سوف يمثل واحد نانومتر.
ومن ذلك نستنتج أن النانو متر الواحد يساوي 10 مرفوعة لأس (-9)، ويمكن القول إن شيئاً ما في مدى مقياس النانو عندما يكون في المدى من 1 وحتى 100 نانو.
هناك فرق كبير بين مفهومين، هما علم النانو وتكنولوجيا النانو، أما عن علم النانو فهو لا يقتصر على فرع معين من فروع العلم، وإنما يمكن أن يكون في الفيزياء والكيمياء وعلوم الأحياء.
إذاً علم النانو هو دراسة الأشياء والمواد المختلفة في مدى النانو (1-100)، أما تكنولوجيا النانو فهي استخدام الخواص المميزة للمواد -والتي سنتعرف عليها لاحقاً- في تصميم وصناعة المنتجات المختلفة لتحسين الوظيفة التي تقوم بها.
بدأت فكرة علم النانو عندما قال الفيزيائي الشهير والحاصل على جائزة نوبل ريتشارد فاينمان، أثناء إلقائه إحدى المحاضرات: إنه لا يزال هناك الكثير من الاشياء لم تكتشف عن المادة لوجودها في الأحجام الصغيرة جداً.
وكان أول من استخدم مصطلح تكنولوجيا النانو العالم الياباني "نوريو تانيغوتشي" عام 1974، الكثير من العوامل ساعدت على التطور السريع في هذا العلم، منها ابتكار الميكروسكوب النافذ والماسح.
تتركز أهمية تكنولوجيا النانو في خاصيتين أساسيتين لمعظم المواد عند الوصول إلى مدى النانو، وهذه الخواص غير موجودة لنفس المواد في المدى الطبيعي لهذه المواد.
الخاصية الأولى وهي (الاحتجاز الكمي) -ببساطة هي اعتبار الإلكترون محجوزاً داخل مكعب صغير، ويمكن أن نفسرها في مقالة أخرى -إن شاء الله- هذه الخاصية تعمل على زيادة الفارق في الطاقة بين مستويات الطاقة في الذرة، مما يؤثر وبشكل جذري على الخواص البصرية – أي تأثرها وتفاعلها مع الضوء- والخواص الكهربية -أي انتقال الإلكترونات خلال مستوياتها- وبذلك تتغير خواص المادة في مقياس النانو عن خواصها عندما تتواجد في المقياس الطبيعي لها.
الخاصية الثانية في النانو تسمى (نسبة مساحة السطح /الحجم )، ويمكن فهمها بالشكل الآتي:
– إذا افترضنا وجود مكعب طول أحد جوانبه المتساوية يساوي وحدة واحدة من أي مقياس (1) فعند حساب المساحة السطحية للمكعب -مساحة سطح واحد * 6 أوجه للمكعب- سوف تساوي [ 1 ] 6 = 6 * (1)، وعند قياس الحجم سوف يساوي (1*1*1=1)، وعند قسمة المساحة السطحية /الحجم في هذه الحالة سيكون ناتج القسمة (6)، ولكن عند قياسهما لمكعب آخر أحد أبعاده المتساوية يساوي (2)، فإن كلاً من مساحته السطحية وحجمه سوف يكونا مساويين لـ(24) و(8) على الترتيب، وعند قسمة المساحة الكلية / الحجم نجد أن النسبة ستساوي (3)، أي أنه بزيادة أبعاد -حجم- المادة فإن النسبة تُزاد، هذه الخاصية تعمل على زيادة المساحة المعرضة للتفاعل من المادة مع الوسط وما يحتويه، وبالتالي تزداد فاعلية المادة وتعتبر السبب الرئيسي الذي جعل أغلب شركات الأدوية تقوم بعمل العديد من الدراسات والأبحاث لدراسة مدى قدرتهم على الاستفادة من هذا العلم في مجال تصنيع الأدوية والعقاقير المختلفة.
رغم أنه حتى وقتنا الحاضر لم تدخل تكنولوجيا النانو في المنتجات التي يتناولها الإنسان في انتظار إجراء الأبحاث الكافية للتأكد من عدم وجود تأثير سلبي على أعضاء الجسم المختلفة.
نجد تأثير النانو على الذهب، فعند تحضير جزيئات من الذهب في مدى يتراوح بين (1 و100) نانومتر، نجد أن لون الذهب يتغير بتغير المقياس، وهي ألوان تختلف عن لون الذهب الطبيعي الذي نعرفه جميعاً.
نتمنى أن يستطيع العلماء في السنوات القليلة القادمة الاستفادة من هذا العلم في خدمة الإنسان وعلاج كثير من الأمراض كالسرطان الذي يدأب العلماء على إنهاء وجوده الخبيث، وكذلك في تطوير الصناعات والمنتجات التي تسهم في خدمة البشرية جمعاء.
المراجع:
مرجع 1
مرجع 2
مرجع 3
مرجع 4
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.