ليبقى الوطن وإن ذهبت الدولة

من يؤهل هؤلاء الأفراد هو المعلم/المعلمة، الذين أخلصوا لقضيتهم وفهموا ووعوا رسالتهم. ولكن حتى يستطيع المعلم/المعلمة النهوض بالأجيال

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/14 الساعة 04:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/14 الساعة 04:10 بتوقيت غرينتش

بات من المؤكد لنا اليوم أن حجم المؤامرات التي تستهدف القضية الفلسطينية أكبر من قدرتنا، هذه المؤامرات التي شارك فيها القريب والبعيد؛ لحماية المصالح وتحقيق المكاسب، وصمت أمامها الحليف والصديق، وعجزت القيادة الفلسطينية عن ردّها لغياب المشروع الوطني وعدم امتلاكها أدوات المواجهة.

لا سبيل اليوم أمام هذه التحديات التي نواجهها كأصحاب قضية عادلة، ناضل أبناؤها وبناتها سنين طوالاً في سبيل نصرتها ونزع اعتراف العالم بأسره بعدالتها، إلا أن نرجع خطوات للوراء؛ لنعيد التفكير بجدية في السبيل لمواجهة التحديات؟ ومتى نواجه؟ ومن نواجه؟

لا أدَّعي امتلاك أجوبة أو مشاريع تساعد الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات، ولا أدَّعي أن هناك مشروعاً متكاملاً ممكنٌ البدء فيه بشكل آني، لكن التاريخ يذكر شعوباً صنعت أقدارها وواجهت مستعمرها وانتصرت عليه.

ثمة فرق كبير بيننا وبين محتلِّنا في القوة؛ فالمحتل يملك إمكانات كبيرة وقدرات هائلة تجعل منه محتلاً صعباً وصُلباً، لكنّ ثمة فرقاً أعظم بيننا وبينه في الحق، القوة عامل متغير، أما الحق ثابت لا يتغير إلا بتغير صاحبه منه.

لقد سخّرت قيادة الشعب الفلسطيني كل إمكاناتها وقدراتها وبرامجها وجهودها في بناء مؤسسات وطنية، في محاولة بائسة للوصول إلى الدولة على حساب الوطن، بشكل أغفلت فيه الإنسان وأسقطته من برامجها واستثماراتها.

اليوم يمكن إعادة النظر في المسألة إذا قدِّر للقيادة التفكير بشكل مختلف، الاستثمار الفاعل والحقيقي يجب أن يكون في الإنسان ولا شيء آخر، ليصبح الهدف الأسمى للقيادة تنشئة جيل يقدر على حمل عبء الوطن.

في هذا المقام، لا بد أن نؤكد أن الوطن لا يٌبنى إلا بسواعد أبنائه وبناته المخلصين، ولن يَبني الوطن إلا من يحمل رسالة سامية لا تقبل الشك والوهم، من يحمل حلماً يرى فيه أبناءه وبناته منتصرين على محتلِّهم ومتفوقين عليه أخلاقياً وعلمياً وأدبياً واجتماعياً وثقافياً وإقتصادياً.

تجدر الإشارة الى أن من يؤهل هؤلاء الأفراد هو المعلم/المعلمة، الذين أخلصوا لقضيتهم وفهموا ووعوا رسالتهم. ولكن حتى يستطيع المعلم/المعلمة النهوض بالأجيال، يجب على القيادة الفلسطينية العمل على:
1- الطلب من المعلمين/ المعلمات ذلك، رجائهم وتقبيل أيديهم لقبول المهمة ومساعدتهم للتحول من مدرسين الى معلمين الى رسل يبعثوا الأمل من جديد ويحيوا رسالة لا تموت.

2- رفع مخصصات المعلمين/المعلمات المالية، لتكفل لهم حياة كريمة لا عوز وحرمان فيها.

3- رفع وتعزيز المكانة الاجتماعية للمعلمين/المعلمات في المجتمع، عبر تبني سياسات جديدة تكفل ذلك؛ منها اشتراط الجامعات الفلسطينية لقبول الطالب رسالة توصية من مدرسته، واشتراط أن يكون المعلم شاهداً على عقد الزواج، والإيعاز للقطاع الخاص/الحكومي بأن يقدم راتب الموظف الأول لمعلّم يختاره الموظف لتكريمه ومشاركته الإنجاز والنجاح.

إن كنا اليوم غير جاهزين للمواجهة وغير قادرين على تغيير الواقع المفروض، فلنصمت قليلاً ونعمل كثيراً، بهدف تنشئة جيل جديد يحمل حلمنا ويعمل على تحقيقه بشكل جماعي وليس فردي دون كلل أو ملل، جيل يرى في نفسه نداً لكل العالم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد