لا يمكن أن تقوم علاقة جيدة بين طرفين بدون تواصل جيد بين هذين الطرفين ومع ذلك، "فإن التواصل الضعيف بين الآباء وأطفالهم لا يزال إحدى أكثر الشكاوى التي أسمعها من خلال عملي في الإرشاد الأسري".
أليس من السخرية أن نتعلم الكلام حين بلوغنا 18-24 شهراً من العمر، في حين أننا قد لا نتعلم أبداً أياً من مهارات التواصل "الفعالة"؟ اللهم إلا أن يكون أحد الآباء أو كلاهما من ذوي المهارات العالية في التواصل وهو الأمر الذي أكاد أجزم بأنه نادر الحدوث، وبذلك ننشأ مفتقدين لإحدى المهارات الأكثر أهمية في هذه الحياة.
الجانب المشرق هنا هو أن أوان التعلُّم أبداً لم يفُت. وهنا ست نصائح لأولئك الذين غاب عنهم التدريب المبكر على تلك المهارات.
ويمكنك من خلال هذه النصائح تحسين قدرتك على التواصل مع أطفالك.
حين نخطط لقضاء عطلة نهاية الأسبوع: فضيلة الاستماع
يفرط الآباء في الكلام مع أبنائهم؛ لأننا نقلل غالباً من شأن ما يعرفه أطفالنا، وإلى أي مدى تسهم تلك المعرفة في الحوار. ونحن متحمسون غالباً لتعليمهم وإعطائهم المزيد من التعليمات، لكننا لا نسأل ماذا يعرفون بالفعل، وكيف يفكرون، وما هو رأيهم؟
في المرة المقبلة عندما تخطط لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في مكان ما خارج المنزل، اطلب من أطفالك أن يعطوك بعض الأفكار: أين يرغبون في الذهاب؟ أو ما يودون رؤيته أو القيام به؟ وإذا علمت مثلاً أن طفلك قضى يوماً سيئاً في المدرسة وترغب في معرفة ما حدث، فلابد أن تعطيه مساحة كافية للتحدث، وأن تستمع جيداً لما يقوله بدون مقاطعة، ومن غير توجيه الأسئلة كما لو كان خاضعاً لاستجواب. فاكتفاء الأب والأم بالكلام فقط وإعطاء التعليمات، يجعلهما كمن يقوم بطرد أبنائه بعيداً دون قصد.
الجزء المهم في الاستماع للأطفال، هو مساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم وجعلهم يشعرون أننا نحس بهم ونفهمهم.
إذا كانوا يشعرون بالضيق لحصولهم على درجات منخفضة في الاختبار، يجب أن يكون تركيزنا هنا على إظهار التعاطف تجاه مشاعر خيبة الأمل التي يشعرون بها، وليس توبيخهم لعدم دراستهم بما فيه الكفاية.
التعاطف والحوار معهم حول مشاعرهم هو نوع من الاستماع الجيد. وبالنسبة لمسألة الاختبار المقبل وكيف سيقومون بالاستعداد له يمكن مناقشتها لاحقاً.
حين نهدد بإلغاء الرحلة العائلية: فضيلة الحسم
بالإضافة إلى التقليل من الحديث، يجب عليك التفكير في مضمون خطابك؛ حيث يميل أطفالنا إلى تجاهلنا والبعد عنّا عندما نقضي الكثير من الوقت في التذمر مما يفعلون.
في الواقع، ستفاجأ أن تعلم أن طفلك سيقوم بترتيب فراشه وسيخرج صندوق طعامه من الحقيبة المدرسية، فقط إذا سكت قليلاً ومنحته بعض الوقت.
إذا كنت تتذمر طالباً من أحد أطفالك أن يقوم بترتيب سريره ولكنك بعدها تذهب وتقوم بترتيبه له، فأنت تثبت له أن كلماتك فارغة ولا معنى لها. إذا كنت تهدد بإلغاء الرحلة العائلية إذا لم يتوقف الأطفال عن القتال في السيارة، ولكنك في الوقت نفسه تستمر في القيادة، فكلماتك وتهديدك أيضاً لا معنى لهم.
فَكِّر بحذر قبل أن تتحدث وتأكد من قدرتك على المضي قدماً في أي شيء تقوله.
هل هكذا يتحاور الأصدقاء؟.. فضيلة الحديث باحترام
هي قاعدة بسيطة وعامة في التحدث لأي شخص، وجميعنا يعرفها، ومع ذلك كثيراً ما نفتقدها عندما نتحدث إلى أطفالنا.
اقترحت إحدى الخبيرات في مجال التربية، وهي باربرا كولوروسو، صاحبة كتاب الأطفال ثروة Kids Are Worth
أن تسأل نفسك هذا السؤال: "هل من الطبيعي أن أتحدث مع صديقي بهذه الطريقة؟" الكثير من طرق التواصل والحوار سوف تتحسن إذا طرحنا هذا السؤال وقمنا بتغيير سلوكنا بناء على الإجابة، بدلاً من أن نمارس هذه العادات السيئة، التي أطلقت عليها خبيرة العلاقات، جولي جون غوتمان، "الفرسان الأربعة لنهاية أي علاقة" وهم: الازدراء، والنقد، والتبرير، واحتكار الكلام. وما يحدث مع الأصدقاء يمكن تطبيقه مع الأطفال والأبناء.
إنه الغضب وليست الكراهية: فضيلة الامتناع عن السخرية
السخرية قد تدمر التواصل في أي علاقة، وخاصة مع أطفالنا فهي تقلل من أهمية الطفل وتضر في نهاية المطاف بثقته بنفسه. بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون، فالسخرية ليست شكلاً من أشكال الفكاهة، بل هي شكل من أشكال النقد والاحتقار، ليس له مكان في تربية الأطفال.
فكن حريصاً في استخدام نبرة الصوت التي تتحدث بها مع طفلك بجانب لغة الجسد أيضاً.
ونعلم جميعاً أننا نتواصل كثيراً من خلال لغة الجسد، لذلك قد تقول لطفلك إنك لست غاضباً منه، ولكن إذا بدا صوتك عالياً، وكنت مطبقاً على فكيك، واضعاً يديك على وسطك، فمن السهل جداً لكل من يستمع إليك ويراك على هذه الحالة أن يدرك بوضوح أنك غاضب.
ويتعلم الأطفال من السلوك الذي يشاهدونه، أكثر مما يتعلمون من الكلمات التي يتلقونها؛ لذلك يجب أن تنتبه لما تقول من خلال لغة جسدك سواء كان ذلك من خلال نبرة الصوت أو وضعية الجسد وما إلى ذلك. نظرة ساخرة في عينيك هي علامة غير لفظية على الازدراء، في حين أن وضع يديك في وسطك يجعلك تبدو كما لو كنت في وضعية الاستعداد القتال.
حين يتورط الطفل في مشاجرة: فضيلة الدعم الدائم
نفترض أن الأطفال هم أشخاص طيبون وفي الجانب الصحيح. قد تعاني أحياناً من بعض التحيز في اعتقادك أن الطفل الأكبر هو دائماً الذي يجني على أخيه الأصغر، ولكنك لا تعرف هذا على وجه اليقين؛ لذلك يجدر بك أن تكون أكثر انفتاحاً وتستمع لما حدث، بدلاً من الافتراض المسبق الذي تستخدم فيه مثل هذه العبارات "أنت دائماً تقوم بكذا" أو "أنت لم تفعل أبداً".
تحدث فقط عن الوضع المحدد الذي أنت بصدده، وأوضح رأيك حول هذه الحقائق فقط. هذا أمر مهم بشكل خاص عند التواصل مع الأطفال الذين لا يزال لديهم التفكير المزدوج، أو القائم علي الثنائية؛ إذ يعتقدون دائماً أنك إما أن تكون معهم أو أن تكون ضدهم.
إذا كان طفلك قد تورط في مشادة أو مشاجرة ما، يجب عليك الاعتقاد دائماً أنهم أطفال جيدون ولا بد أيضاً أن تدرك أن عليك مساندتهم ودعمهم.
لا بد أن تتأكد من أنهم يدركون أيضاً أنه ليس هناك أي موقف صعب لا يمكنهم اللجوء إليك فيه. لا بد أن تتأكد أيضا من أنهم يدركون أنك دائماً ستكون مسانداً وداعماً لهم.
ابدأ بالقول: "شكراً لك على إخباري بذلك – هذا تصرف شجاع جداً منك"، وتابع: "أنا أعرف أنك طفل جيد، لذلك إذا انتهى بك المطاف في مكتب المدير اليوم، فلا بد أن هناك خطأ ما. ساعدني على فهم ما حدث".
جميع الأطفال يخطئون. وهذه في الواقع هي الطريقة التي يتعلمون بها، لذا يجب علينا إظهار ثقتنا وإيماننا بهم وبسلوكهم الإيجابي. والتركيز على ما تعلموه من هذه التجربة وأنهم سوف يتصرفون بشكل مختلف في المرة القادمة، مع تجنب أي نوع من العقاب أو مهاجمة شخصيتهم.
حين يتأخر في ركوب السيارة: فضيلة عدم الانتقاد على الملأ
"نعم، أنا أتحدث إليك كأنك طفلة؛ لأنك تتصرفين مثل الاطفال!" هكذا صرخت إحدى الأمهات في ابنتها التي هي في سن المراهقة داخل أروقة المركز التجاري. إن أكثر الأمور إحراجاً هو أن يتم تصويبك أو منحك درساً أخلاقياً على الملأ.
لا يهم إذا كنت محاطاً بالغرباء أو الأصدقاء، لا بد أن تطلب من طفلك التنحي جانباً لتنالا بعض الخصوصية لمثل هذه المناقشات.
في الواقع، ليس هناك داع للتحدث مع أطفالك على الفور حول جميع القضايا غالباً. إذا تأخرت ابنتك في ركوب السيارة في طريق عودتكم من المركز التجاري، يمكنك ببساطة إخبارها بأنك ترغب في مناقشة المسألة في وقت لاحق بعدما تذهب صديقاتها. أو من الممكن أيضاً ألا تقول شيئاً على الإطلاق، ولكن فقط اطلب منها الحديث عندما تعلم أنك ستحصل على انتباهها بالكامل.
يجدر بي الإشارة هنا إلى أن اعتراضهم لعتاب أو تصويب خلال وقت مذاكرتهم واستعدادهم لاختبار ما في اليوم التالي، أو الدخول إلى غرفهم بينما يشاهدون أحد الأفلام الذي قارب على الانتهاء، ليس الوقت المناسب لإجراء حوار مع أحد أطفالك في سن المراهقة، من الأفضل تحديد موعد للحديث. وفي بعض الأحيان الخروج لتناول القهوة أو الغداء يضيف القليل من الاهتمام والتقدير للمحادثة ويعطي المزيد من الوقت للجميع.
هذا الموضوع مترجم عن مدونة "هاف بوست" النسخة الكندية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.