القدس من القضايا الجوهرية بين طرفي الصراع في العالم؛ لذلك من فطرتنا أن نرفض فكرة وضع اسم أقدس مكان في بقاع الأرض بجانب أقذر الأسماء عندك.
يكفي أن تعلم أن القدس عاصمة قضاياك ومحور صراعك وقضية تسكُن إيمانك وعقيدتك وليس مدينةً وشوارع وأبنية فقط، فهي فكرة تسير في عروقك، تجتاح عقلك، وتسكن داخل قلبك، فهل هناك من يسمح باحتلال عقله وقلبه وحبس الدم في عروقه؟!
لا يمكن أن يقاوَم السلاح بالكلام، لكننا أمة عاجزة، غير قادرين على الدفاع عن قدسنا ومقدساتنا. لكن لا يحق لأحد أن يصمت، يكفينا أن نرفض الفكرة ونعلي صوتنا برفضها.
يكفي أن نكثف لأجلها الجهود، أن نتحرك في كل المجالات، أن نعتصم ونتظاهر ونكتب ونشجب ونقاطع ونندد، فكما أن للقدس ربّاً يحميها، كذلك لها شعوب لا تسكت على الظلم وتدافع عن مقدساتها.
من المواقف التي تستحق الوقوف عندها، وتستحق أيضاً الاحترام والتقدير، موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أعلن عن خطوات جادة، سيقْدم عليها في حال أصرَّ ذلك الأرعن على نقل السفارة إلى القدس الشريف، وإعلانه القدس عاصمةً لدولة اسرائيل، والذي اعتبره أردوغان إعلان حرب على الإسلام وعلى المسلمين. ومن هذه الخطوات، قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وطرد سفرائها من بلاده.
وعلى طرف الطاولة، لم يتعدَّ موقف الدول العربية الشجب والاستنكار الناعم، الذي تريد من خلاله الدول العربية حفظ خط الرجعة مع حليفها الاستراتيجي في أي وقت أرادت!
لقد تخاذل العرب تجاه قضيتنا وقدسنا، واعتبروا القدس شأناً فلسطينياً، لا يمكن الحديث عنه، وساروا في طريق السلام المزعوم دون البتِّ في قضية قدسنا بكل حوار من حواراتهم، لقد تركونا في طريق مظلم، نواجه أعداءنا وحدنا وبلا سلاح ولا قوة، في زمن اعتادوا قمع شعوبهم بحجج المواجهة مع إسرائيل!
ومن الضروري الوقوف ملياً ولو للحظات قليلة، فالقدس مكان مقدس، حُفظ بعناية الرحمن عز وجل، فالقدس لها رب يحميها، وشعوب تدافع عنها، فلا قيمة لذلك الاعتراف، في وقت تقع القدس تحت احتلال منذ 70 عاماً.
وفي وقت اعترفت معظم الدول العربية بدولة إسرائيل وأجَّلوا البحث في أقدس مكان عند المسلمين وهم يلهثون خلف السلام المزعوم. لكننا بوعينا ومعرفتنا بقدسنا يمكن أن نحميها، وبوعينا بضرورة تحريرها ، وبوعينا بأن النصر قادم لا محالة يمكن أن تظهر متغيرات جديدة في زمن الهزائم الفجة المتلاحقة.
لكن، ربّ ضارة نافعة كما يقولون، لقد كان قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس الشريف، كاشفاً لتلك الأقنعة الفاسدة التي تتستر خلفها الأنظمة العربية، وبهذا القرار سقطت ورقة التوت التي سترت عورة الأنظمة فترة طويلة جداً، والتي بررت قمع شعوبها واضطهادهم بحجج محاربة هذا الكيان.
كذلك، أثبت هذا القرار أن القدس قضية عامة لكل الشعوب العربية، وإن راهنت عليها الأنظمة الفاقدة الشرعية، التي تخشى على مقاعدها وعروشها من غضبة الوحش الإسرائيلي، وتصعّد بشكلٍ يحفظ خط الرجعة مع البيت الأبيض.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.