عذوبة “2”

وكل كلمة لها ضدها كما النهار والليل، فهل ستنفي الخيانة الوفاء في الحب، وأيهما أقوى أم يتعايش صداهما في لعبة القدر المتحكم فينا؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/03 الساعة 02:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/03 الساعة 02:51 بتوقيت غرينتش

نبتعد لنكون أقرب.. ونقترب لنكون أبعد..

كم نستطيع أن نتحمل من الخيانات الجسدية والنفسية والروحية، كلها تشكل بعضاً من الخيانة العظمى فينا، وتشكلنا في صور جديدة كل يوم؛ لنكتشف مع الوقت أشياء جميلة تحدث لنا دون أن نشعر بها؛ لتكون نهاية مشاعرنا ونحن ضحايا الصمت الخادم لكل خيانة عظمى داخلنا، لجعلها تحت عنوان المتغيرات في زوايا حياتنا اليومية.

مما نحن خلقنا، وفي أي وقت سيئ مزجنا حضارة الأخلاق بقانون التظاهر بعدم وجود أي خلل عاطفي فينا؟

رحلة الوعي لم تتمكن من قبل أن تتكلم بحقائق البشرية كاملة، بل استأنفت التجاهل بالحب الأبدي البعيد عن الخيانة، وعبرت ردهة الزمن بجهل كبير؛ لتخلق بين سراديب الليل أشباحاً تدَّعي الحب وتغذيه بكل خيانة ممكنة، فلا حب دون تقدير منها، ولا يوجد حب وحنان دون صورة مقابلة له من جوهر الخيانة في أكبر عصور العشق، فهل كان المقدور أن يكون هناك شيء واحد فقط في الكون ونظيره دوماً؟

تلاقى مصير الضعفاء أمام الأقوياء، وكل صفة من صفات أهل الجنة لها نقيضها في النار، وكل حب أعمى له نظيره حب غير أعمى، وكل عشق بلغ ذروته تعلقت الكراهية في أذياله بذروتها.

وكل كلمة لها ضدها كما النهار والليل، فهل ستنفي الخيانة الوفاء في الحب، وأيهما أقوى أم يتعايش صداهما في لعبة القدر المتحكم فينا؟

هدية القدر لنا أن العشق السرمدي وليد الخيانات المستمرة منذ بداية الكون، يرتبطان بأخوية كاملة بلا هزيمة وبدون أي انكسار، وحده الحب الفاني لا يعرف قانون التناظر ولكن أي مخلوق يمتلك القدرة عليه؟

العظماء هم مَن ينظرون إلى الحب الفاني بشفافية أرواحهم كحب حقيقي، بلا خيانة، بلا ضجيج.

وحده من كتب القدر يولع هذا الحب في روحانية القلوب العظيمة، كاستثناء وإجراء احتياطي لنسخة إنسانية عالية الجودة.

وأفضل الخيانات عشق ينتهي بالوداع والتصميم أن شيئاً لم يحدث، وكلا الطرفين يلعب دور التناسي، للتنسيق بالعودة إلى أولى خطوات هذا العشق التي لم تحمل الألم، ولم تتعدّ ضربات القلب السريعة وابتسامة هنا وهناك.

الضرر أقل والألم أقل والفرح أكثر.. ما الذي يغيرنا حتى يرتبط الحب بالألم؟
وترتبط الخيانة بالحب؟
وكلها أصابع تحرك فينا مشاعر من نار وكأن الحب مرتبط بجهنم قبل الجنة.

أي كارثة نحظى بها -نحن المحظوظين- في عالم الأحلام وعالم الخيالات المتراكمة فينا لحظة بلحظة، مما يرفع سقف توقعاتنا في العشق، ولكن النتيجة دوماً تكون صعبة للغاية، لدرجة أننا لا نصدق ما يحدث في خيالنا وواقعنا، ونحن المحظوظون في عالم من واقع لا واقع فيه سوى بالأحلام.

يغوص العقل الأبدي في مزاحمة من الأفكار الجديدة التي لم تكن هناك من قبل، وإنما هي وليدة اللحظات الجميلة فينا.. ربما الجميلة، ولكن النتيجة دوماً تكون ليست في حدود توقعنا.

ويفترض بنا أن نفهم.. يضحكني فهمنا لمستويات العشق، وبتجرد يؤلمني أن نكون عاشقين.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد