الحب الذي قتل

الحب الذي جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرق ويرحم حال مغيث وهو يراه يمشي في السوق يبكي خلف بريرة فيشفع له عندها، والحب الذي جعل أبا بكر يرق لحال الجارية التي أحبت فيشتريها من صاحبها ليأخذها إلى حبيبها.

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/03 الساعة 02:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/03 الساعة 02:47 بتوقيت غرينتش

أما كان فيكم رجل رحيم.. يرحم حال هذا المحب العاشق فيرق قلبه ويعتق روحه لوجه الحب؟!

أما كان فيكم رجل رحيم؟
هكذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمجموعة من الصحابة بقيادة خالد بن الوليد قتلوا عاشقاً أسروه في معركة، قتلوه وهو واقف بين يدَي حبيبته التي خرج يطلب رؤيتها.

كنت أعلم رقة قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما يحمله في قلبه من حب ووفاء ورحمة، لكني كغيري لم أكن أتصور أن يقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وجه الأعراف والأحكام وقساوة القلوب وأعداء الحب، أن يقف في وجه كل هذا إلى جانب المحبين، ويعاتب أصحابه على قتلهم لرجل كافر خرج مع مَن يقاتلهم من أجل أن يرى حبيبته، فيشفق على ما أصابهم ويرحم حالهم، ويعاتب مَن سلط سيف القسوة على رقابهم.

تخيل لو أنه النبي -صلى الله عليه وسلم- لكان أعتق روحه لأجل الحب وهو العدو، رق قلبه لهم، رحمهم ورحم قلوبهم.

كتب أحد الفقهاء كتاب سمّاه "الواضح المبين في حال من استشهد من المحبين"، هذا الفقيه لطيف القلب سمَّى من مات فداءً للحب أو بسببه "شهيداً"، وذكر فيه قصصاً لعارفين محبين، وهل يحب إلا عارف وهل يعرف إلا محب؟

الحب.. الحب الذي قتل بشر العابد الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي جعل في أمتي شبيه يوسف".

والحب الذي أبكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يحمل قلادة ابنته التي ورثتها عن أمها خديجة لتفادي بها طليقها الكافر الذي رفضت كل رجال المسلمين من أجله.

والحب الذي جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرق ويرحم حال مغيث وهو يراه يمشي في السوق يبكي خلف بريرة فيشفع له عندها، والحب الذي جعل أبا بكر يرق لحال الجارية التي أحبت فيشتريها من صاحبها ليأخذها إلى حبيبها.

والحب الذي جعل أبا ظنف يشفق على حال جارية أحبها ويعيدها إلى سيدها الذي باعها لفقرة ومعها المال.

الحب الذي حرمه وجرمه وظلمه كثير من المنتسبين إلى الإسلام.

ومن يملك أن يحرم ما لا سلطان له عليه؟!
من يملك أن يوقف سهم الحب قبل أن يصيبه في مقتل؟
أو من يملك أن يكتم صوت الهوى إن غلب عليه الوجد؟
مَن يملك أن يكتم أنين الشوق؟

ربما كان يجب أن أبدأ رسالتي هذه بتعريف للحب والهوى وبتسطير شروط لا يجوز تجاوزها وبتخويف أو ما يسميه البعض تهذيباً؛ حتى لا يبدو وكأني أفتح الأبواب على مصراعَيها ليرفع المحبون رؤوسهم بالحب بعد أن نكسها لهم الناس والمجتمع باسم إله وهو إله الحب والرحمة.

لكني تركت هذا للقلوب فهي وحدها تعرف الطريق والحدود، لكن إن كنت سأضيف شيئاً إلى حديث الحب فهو اسم الله.. الله أصل الحب وكل الحب.

رسالة كتبها إليَّ صديقي فأحببت أن أشارككم إياها.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد