فترة الانتقالات "الصيفية والشتوية" في ملاعب كرة القدم عامة، والملاعب الأوروبية على وجه الخصوص، من أكثر الأيام صخباً في جميع الوسائط المقروءة والمسموعة والمشاهدةً أيضاً، فالجميع يحاول الحصول على جزء من الكعكة بطريقة أو بأخرى.
وبما أن لاعبي ونجوم هذه اللعبة العنصر الأهم والأساسي في هذه الفترة، فإن أخبار تحركاتهم خاصة أولئك الذين اقتربت عقودهم مع أنديتهم، وأولئك الذين انتهت عقودهم بالفعل، محور الحديث والشائعات قبل بداية فترة الانتقالات وأثناءها وبعدها أيضاً.
ومن المعروف أن لاعبي كرة القدم يتحركون إلى هنا وهناك عبر الملاعب المختلفة بحثاً عن المجد الكروي وبالطبع المال، وفي بعض الأحيان رغبة في التغيير أو عدم الاصطدام بالمدير الفني الذي قد يهمله على دكة البدلاء، ولكن وسط هذه التحركات هل تعلم مقدار الضرائب التي سوف تدفع على رواتبهم السنوية في تحركاتهم القادمة؟!
الضرائب.. اللاعب الخفي في تحركات النجوم
في الآونة الأخيرة نجد أن مقدار الضرائب المستقطعة من الدخل الشخصي للاعب كرة القدم في الدول الأوربية المختلفة يلعب دوراً كبيراً في اختيار اللاعب لدوري ما، وخاصة أولئك الذين يقتربون من نهاية حياتهم المهنية.
قبل عامين مضيا رأينا جميعاً التحرك المفاجئ نوعاً ما من اللاعب زلاتان إبراهيموفيتش نحو الدوري الإنكليزي بالرغم من نجوميته الكبيرة في فريقه باريس سان جيرمان، وبالرغم من تأكيد اللاعب أنه يريد خوض تحدٍّ جديد في الدوري الإنكليزي، فإن بعض المصادر المطلعة ذكرت أن نسبة الضرائب الكبيرة الموجودة في الدوري الفرنسي كانت السبب الأول في هروبه من الدوري الفرنسي ولجوئه للدوري الإنكليزي موقّعاً لناديه الحالي مانشستر يونايتد.
وبنظرة أخرى نجد أن هنالك بعض اللاعبين بالرغم من أنهم في قمة عطائهم الكروي في الملاعب يؤثرون الهروب من القارة الأوروبية كلها نحو الدوريات النامية والأقل جاذبية، رغبة منهم في استغلال أسمائهم في الحصول على قدر كبير من الأموال مثل اللاعب البرازيلي أوسكار لاعب تشيلسي السابق أو البرازيلي الآخر هالك.
وهذا لأنهم يريدون توفير الأمن المادي لأسرهم حتى نهاية حياتهم، وبالتالي نجد أن بعضهم على استعداد لتقديم تضحيات كبيرة جداً، من خلال التضحية بالمجد وشرف اللعب لأندية لها اسمها في القارة الأوروبية، مقابل الحصول على عقود توقيع تضمن لهم الاستقرار المادي لبقية حياتهم.
كما أن بعض اللاعبين بعد أن حققوا كل شيء في القارة الأوروبية يكافحون في الاستمرار بالانتقال للدوريات الأقل اسماً في الصين أو روسيا مثلاً، كما رأينا في حالة اللاعب إيتو لاعب برشلونة السابق، الذي حقق كل شيء مع النادي الإسباني، ووقّع على عقد في دولة كازاخستان جعله الأغلى في التاريخ.
وبالمثل تسعى البطولات النامية التي تريد أفضل المواهب في كثير من الأحيان لجذب اللاعبين ذوي معدلات ضريبة الدخل المنخفض؛ فنجد أن النسبة الثابتة في روسيا مثلاً 13% جذابة للاعبين القادمين إلى أوروبا للمرة الأولى.
ومع ذلك فإن إغراء اللعب في البطولات الأوروبية الأكثر تميزاً، وقدرة الأندية في تلك البطولات على دفع أجور أعلى (تعويض اللاعبين عن تكاليف ضريبة الدخل الإضافية) غالباً ما تؤدي إلى انتقال اللاعبين إلى أندية أوروبا ذات الاسم الكبير في وقت لاحق من حياتهم المهنية.
ونجد أن لكل دولة نظاماً خاصاً بها فيما يخص الضرائب، ولا تتساهل مع قوانين الضرائب الخاصة بها على الإطلاق، وأي نجم مهما بلغ شأنه ونجوميته يخضع للنظام الضريبي للدولة بلا استثناء، والهروب من دفع الضرائب عقوبته تصل للسجن في معظم الأوقات، إذا ثبتت التهمة على اللاعب أو النجم، وهنا نظرة على النسب الضريبية الخاصة بالدوريات الأوروبية الأشهر.
الدوري الإنكليزي – إنكلترا
مثال الراتب: 200,000 جنيه إسترليني في الأسبوع
الضريبة: 45٪
الراتب بعد الضريبة: 106,206 جنيه إسترليني في الأسبوع
يعتبر الدوري الإنكليزي من أكثر الدوريات الأوروبية قيمة مالية في القارة الأوروبية، ويعتبر مقصد جميع اللاعبين في العالم، فاللاعب الذي يلعب في الدوري الإنكليزي يكون بنسبة كبيرة معروفاً لدى جميع مشجعي كرة القدم في العالم.
تمت زيادة الضرائب في الفترة من 2010 إلى 2012 لتكون بنسبة 50% مما أوجد اعتراضات كثيرة من اللاعبين، ولكن تم خفضها لتكون بالنسبة أعلاه، هذا الأمر أوجد حالة من الارتياح لدى اللاعبين، خاصة أن الدوري الآن يعتبر الأغلى تلفزيونياً بعد توقيع عقود البث التلفزيوني.
ومع ظهور عدد من الأندية صاحبة الثراء الفاحش مثل قطبي مدينة مانشستر يونايتد نجد أن بعض اللاعبين البارزين تخطت رواتبهم الأسبوعية حاجز 200 ألف بشكل كبير، ولكن بالعموم نجد أن ليس هنالك لاعب في الدوري الإنكليزي يقل راتبه عن 80 – 90 ألفاً في الأسبوع.
الدوري الإسباني – إسبانيا
مثال الراتب: 200,000 جنيه إسترليني في الأسبوع
الضريبة: 52٪
الراتب بعد الضريبة: 96,000 جنيه إسترليني في الأسبوع
المنافسة بين أندية الدوري الإسباني خاصة في الأمور المالية يعتبر غريباً جداً، فبينما نجد قطبي الدوري برشلونة وريال مدريد يتنافسان على الدوري والكأس في كل موسم مع مناوشة طفيفة من باقي الأندية التي تستسلم للأمر الواقع بنهاية الموسم، وتكتفي بالصراع على مراكز دوري الأبطال والدوري الأوروبي.
نجد أن هذا الصراع بين الغريمين تجاوز الملعب ليدخل في الأجور الأسبوعية المقدمة للاعبين أيضاً، فهنالك صراع خاص بين الناديين في ترضية نجومهما بالعقود الخرافية والتعاقدات الكبيرة، فعندما يوقّع أحد نجوم برشلونة على عقد جديد، نجد الإشاعات تنطلق من معسكر ريال مدريد حول أحد النجوم وقرب رحيله وتتواصل الإشاعات والتقارير لتنتهي بتوقيع ذلك النجم على عقد أكبر من غريمه أو قريب منه.
الدوري الفرنسي – فرنسا
مثال الراتب: 200,000 جنيه إسترليني في الأسبوع
الضريبة: 45٪
الراتب بعد الضريبة: 110,000 جنيه إسترليني في الأسبوع
الضرائب في فرنسا يعتبر من أكثر المواضيع إثارة للجدل، فقد حاول الرئيس السابق فرانسوا هولاند أن يرفع الضريبة بنسبة 75% على أصحاب الدخل المرتفع ومن ضمنهم لاعبو كرة القدم بالطبع، إلا أن هذا المقترح قد تم إلغاؤه من البرلمان.
وفيما يخص الدوري الإسباني، فإن نسبة الضريبة الكبيرة تعتبر من أكبر الدوافع لهروب اللاعبين من الدوري، مع عدم وجود رعاية أو حقوق بث كبيرة مثل الموجودة في الدوري الإسباني أو الإنكليزي، ولا توجد منافسة كبيرة من ناحية الأجور بالعكس النادي الوحيد الذي يقدم أجوراً عالية هو نادي باريس سان جيرمان فقط، أما باقي الأندية فجميعها تحاول الحفاظ على لاعبيها من الانتقال للفريق الباريسي أو الهروب خارج الدوري بأكمله، ولأغلب اللاعبين خاصة المميزين منهم، فإن الدوري هو محطة لهم لصقل موهبتهم انتظاراً لفرصة الخروج منه.
الدوري الألماني – ألمانيا
مثال الراتب: 200,000 جنيه إسترليني في الأسبوع
الضريبة: 47.475%
الراتب بعد الضريبة: 105,050 جنيه إسترليني في الأسبوع
الدوري الألماني تبدو فيه الأمور فيما يتعلق برواتب اللاعبين متوازنة نوعاً، وبالرغم من تميز لاعبي بايرن ميونيخ من ناحية الأجور، فإن باقي الأندية تبدو قريبة من بعضها البعض على الرغم من الثراء الفاحش لبعضها، وهذا يرجع لأن أغلب الأندية مُلاكها شركات أو مؤسسات لا تتطلع كثيراً لرفع سقف الأجور.
كما أن الدوري الألماني بشكل عام لديها قاعدة شبه متفق عليها هي الابتعاد عن الصفقات الجنونية والتعاقدات الخرافية، خاصة من خارج الدوري، ومسألة العقود أو كشف رواتب المدربين أيضاً تعتبر من الأسرار الكبرى التي يحافظ على سريتها كلا الطرفين اللاعب والنادي.
الدوري الإيطالي – إيطاليا
مثال الراتب: 200,000 جنيه إسترليني في الأسبوع
الضريبة: 46.29٪
الراتب بعد الضريبة: 107,420 جنيه إسترليني في الأسبوع
كانت الضربة القاضية التي تلقاها الدوري الإيطالي والمتعلقة بفضيحة التلاعب بالمباريات فيما عُرف جماهيرياً بـ"الكالشيو بولي" مؤثرة بشكل كبير على الكرة الإيطالية عموماً والدوري الإيطالي بشكل خاص، بهجرة معظم النجوم وحالة الضعف المالي الكبير لمعظم الأندية بإستثناء فريق يوفنتوس.
فجميع الأندية تشكو لطوب الأرض ولديها حالة شبه عامة من الفقر المادي الذي ينعكس بشكل كبير على جذب النجوم، وبالتالي تواجه أزمة كبيرة في دفع الرواتب العالية، لأن الاستثمارات شبه غائبة عنها وأهمها الملاعب الرياضية الخاصة بها، فنجد أن أكبر ناديين في العاصمة ما زالا حتى الآن يتشاركان ملعباً واحداً مملوكاً للمدينة، مما يضعف كثيراً من دخلهما السنوي.
وبنظرة سريعة لأجور لاعبي الدوري الإيطالي، نجد أن نادي يوفنتوس يسيطر بصورة كبيرة على اللائحة بتواجد أكثر من لاعب، وهذا يرجع للنجاحات الكبيرة التي عرفها النادي بعد انتقاله لملعب خاص، مما كان له أثر كبير في تقديمه عروضاً قوية في دوري الأبطال وسيطرة تامة على لقب الدوري انعكس بصورة أكثر إيجابية على دخله السنوي، وبالتالي كان قادراً على دفع أجور عالية لنجومه بعكس باقي الأندية الأخرى.
تكشف المقارنة بين دخل اللاعبين في السنوات الخمس الأخيرة عن تطور كبير يسير بسرعة الصاروخ نحو الأعلى، وتبدو الأمور في السنوات القادمة أكثر جنوناً، والأجر السنوي للاعبين في طريقه لكسر الكثير من القواعد بعد أن أصبحت الأندية، خاصة الغنية منها، لا تأبه لهذا الأمر كثيراً، فالأهم لديها هو جلب أي لاعب مهما طلب من أجر لتحقيق الأهداف التي يريدها، وما أكثرها لمثل هذه الأندية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.