عمرو أديب.. الساحر

يحاول أديب دوماً أن يسوق نظريات مموليه بشكل يوحي بأنه طبيعي ولا تربص فيه مسبق، فتجده في غمرة فرحة المصريين بالصعود لكأس العالم يقحم معارضي السلطة مستغلاً الفرصة للهجوم عليهم وإظهارهم بأنهم غير وطنيين، ولا عجب لو وجدته يقول لك بعد ذلك إن الصعود لكأس العالم أحد إنجازات العهد الجديد.

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/27 الساعة 02:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/27 الساعة 02:41 بتوقيت غرينتش

سواء كنت من محبيه أو رافضيه، وسواء كنت ممن يحبون طريقته ونهجه ومدرسته أو لست كذلك، إلا أنك لا يمكنك أن تنكر أن للرجل كاريزما خاصة تمكنه في كثير الأحيان من تمرير كل الرسائل التي يريد، سواء كنت معها أو ضدها، هو تاجر شاطر وبائع يطير بعقل زبونه، بإمكانه أن يقنعك بالفكرة و ضدها.

صناعة الرأي مهنة يتقنها وصنعة يبدع فيها.. وحده عمرو أديب من يستطيع أن يبيعك السمك وهو لا زال في أعماق البحر أو يجعلك تشتري قفصاً للطيور أغلى من الطيور نفسها.

وبغض النظر عن مدى حبك له أو كرهك له إلا أنه يظل التجسيد الحقيقي للبروباغندا والديماغوجية في أبهى صورها، هو ساحر حقيقي مثير للإعجاب، يختار الكلمات بعناية شديدة، ولكن دونما الحاجة لأي تكلف.

عمرو أديب سلاح فعال بيد حاضنيه وداعميه، وحجة كبيرة لمحبيه وخصم صعب وعنيد للآخرين، ومن يتابع الرجل منذ زمن فلن يخفى عليه مدى مستوى التمرس الذي صار به، لقد تعلم من تجاربه في الماضي الكثير، خصوصاً مع ثورة يناير وما بعدها، وبعد أن صنف عمرو نفسه لزمن ليس بالقصير بأنه أحد رجالات مبارك، أخذ الإعلامي لنفسه درساً جعله يتبنى فكرة أنه رجل دولة وليس نظاماً، حتى لا يقع في نفس الخطأ.

بعيداً عن عالم السياسة فعمرو أديب إعلامي فذ ومسيرة طويلة في عالم صناعة الإعلام، تجعله يتربع بجدارة في صدارة الإعلاميين العرب رغم الحزازات التي قد يثيرها بعضهم جراء هذا التصنيف، يلعب بشكل جيد على نفسية المشاهد، ويلعب بشكل على مشاعره، فيهول متى أراد، ويهون متى شاء، تعلم المرونة وأتقن العزف على كل الأوتار الحساسة للشعب بأسلوب مرن وسهل وبسيط، وبابتسامة ساخرة يستطيع أن يقنع الجماهير بما يريده.

مخطئ من يظن أن مثله تستخدم معه تلك الطرق التقليدية التي قد تمارسها أي سلطة متحكمة في العالم أو أية دولة تود فرض توجه معين على الإعلام، فهو كغيره من الصحفيين والمسؤولين ومن يسمون عادة بالمحللين الاستراتيجيين وكذلك الفنانون والرياضيون من المشاهير، فهؤلاء كلهم لديهم مما أمكن أن أسميه بالحاسة السابعة تجعلهم يستقرون ويستنبطون توجه الدولة حتى تجدهم بالتطبيل حتى قبل أن تطرحه الدولة بشكل عام للجماهير، مما يوحي للناس البسطاء بأن الأمر كله تلقائية لا مكان للتصنع فيها.

يحاول أديب دوماً أن يسوق نظريات مموليه بشكل يوحي بأنه طبيعي ولا تربص فيه مسبق، فتجده في غمرة فرحة المصريين بالصعود لكأس العالم يقحم معارضي السلطة مستغلاً الفرصة للهجوم عليهم وإظهارهم بأنهم غير وطنيين، ولا عجب لو وجدته يقول لك بعد ذلك إن الصعود لكأس العالم أحد إنجازات العهد الجديد.

في غمرة كل ضربة إرهاب تتلقاها مصر تجد النغمة نفسها تعلو، فهو يستفيد من كل اللحظات و الأحداث السيئ منها والجيد، فتجد الرجل يقول لك: إن العهد الحالي حقق نجاحاً مبهراً، وفي الوقت نفسه يتحدث عن وجوب أن يرشح آخرون أنفسهم لمنافسة الرئيس الحالي في الانتخابات المقبلة، يقول لك نحن نشدد الخناق على الإرهاب ويعود بعد ذلك ليقول: إننا أمام إرهاب لا يمكننا القضاء عليه، ومثل هذا نماذج كثيرة تتكرر في كل يوم.

في قضية القدس يحاول الإعلامي جاهداً ألا يدين داعميه والذين يتسلحون به لتسويق أفكارهم بغض النظر عن صحتها أو خطئها، ولم يستطع سوى الهجوم على قناة الجزيرة تحديداً، رغم أنها لم تنقل سوى الحقيقة، كثيراً ما تفاخر الرجل بحجم بلده وكون السعودية ومصر هم أعمدة العالم العربي ويسخر من قطر وحجمها وفي النهاية، لم نجد أي تغطية لما يحدث في القدس إلا من القناة التي يهاجمها، قناة الدولة الصغيرة التي يحكمها أميرها الشاب بطيش عكس حلفاء بلده من دول الحصار ذوي البصيرة الثاقبة.

يمثل عمرو أديب الوجه الآخر للإعلام، فالرجل بات مكلفاً بتبرير كل شيء وتمرير كل شيء ينوم مشاهديه ويجعلهم يتبنون أفكاره وآراءه المناصرة لما يعتقد فيه الاتجاه الصحيح، وكل هذا بطريقة لا تخلو من سحر خاص وفريد.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد