مع كل ذكرى لمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تهفو قلوب المسلمين في كل بقاع الأرض وتهيج الوشائج لذكر حبيب الأمة ومعلمها ورسولها وشفيعها، حبيب الله ومصطفاه ورحمته المهداة إلى الإنسانية.
نعم، إنه لمن الجمال أن يرقى الحس الروحي فينا حتى نستشعر مولد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، مولد سيدنا محمد نبي الله ورسوله، وإنه لمن البهاء أيضاً أن يتزين واقعنا المادي ويزْدان تعبيراً عن الفرحة الكبرى لميلاد المُعلم الأعظم ونبراس الهدى، وأن نردد القصائد والمدائح.
لكن الأجمل والأصوب والأنفع هو أن نرتقي روحاً وعقلاً، فنراجع كثيراً من الطبائع والسلوكيات والأخلاقيات والمعاملات التي حشرتنا فيها دوائر التجهيل السياسي المتعاقبة منذ زمن والتي غطت بها أعيننا عن جواهر العقيدة ونفائس السنّة خدمةً لغطرستها وتوظيفاً لمشاريع التصحر الديني التي كانت تعمل عليها.
أيضاً، علينا تعطيل الأهواء والبدع والضلالات التي خالطت مفاهيم الكثير منا حتى أصبح الدين عندهم إما مجموعة من طقوس الشعوذة والانكفاء والانهزام والرضاء بالواقع المحتوم، وإما أن الدين عند بعض المتنطعين هو تعاليم تدعو إلى الترهيب والتخويف والتخوين وحتى التكفير مما يجوز لها تجريم الأنفس وتصنيفها في خانة الأعداء أو تصفيتها.
الأجمل والأصوب والأنفع هو استحضار معالم المدرسة المحمدية التي تخرج في رحابها أعلام هدى ومصابيح نور أضاءت العالم فحررت العقول من الظلمات، سمَتْ بالأرواح وحولت الأبدان من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، كما نشرت الإخاء والصفاء والعدل والمساواة وأنارت دروب البشرية وأشاعت أسباب الخلاص والفلاح.
الأجمل والأصوب والأنفع هو القطع مع ما يشيعه التدني الإعلامي وما يخلطه عن قصد أو عن غيره وما يلقيه في روع جماهير المتابعين عند كل ذكرى لمولد رسول الله حتى بات لديهم أن هذه الذكرى مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعصائد والحضْرات والأغاني التي يطلق عليها تجنياً أغاني دينية؛ بل مِن هذا الإعلام الفاسد المفسد من يتجاوز هذا إلى إقامة السهرات الملاح التي تُهتك فيها الفضيلة وتحضر فيها المنكرات!
الأجمل والأصوب والأنفع هو الرجوع إلى معين السيرة العطرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكنوز الأحاديث والسنن لإحيائها وتفعيلها في ذواتنا وعائلاتنا ومجتمعاتنا وتقريبها للأفهام، وخصوصاً لنشرها في وعي الرأي العام.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.