إزالة قرار إزالة.. مع العلامة الدكتور عدنان إبراهيم

فأفاضا في القص والتقطيع، وأجادا في التلبيس والتدليس، ولم يرقبا في علمٍ من أعلام الأمة إلاً ولا ذمة، ولأن الدكتور العلاّمة عدنان إبراهيم أجلّ وأكبر من أن يشغل وقته بالرد على هذين المتصاغرين اللذين ركبا كل مركب في التنقص من فضيلته، فإذا بمراكبهما تغرق واحداً وراء الآخر.

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/28 الساعة 05:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/28 الساعة 05:47 بتوقيت غرينتش

الحمد لله، وبعد:

فقد اطلعت على تسجيلات باهتة الطلعة، متهافتة البنيان، لشابان لم يبلغا في الشريعة درجة التحقيق

يقول الشاعر:

أتَهْجُوهُ، وَلَسْتَ لَهُ بكُفْءٍ ***** فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُمَا الفِداءُ!

فأفاضا في القص والتقطيع، وأجادا في التلبيس والتدليس، ولم يرقبا في علمٍ من أعلام الأمة إلاً ولا ذمة، ولأن الدكتور العلاّمة عدنان إبراهيم أجلّ وأكبر من أن يشغل وقته بالرد على مثل هذه التسجيلات

فقد نذرت بعض وقتي – حسبة لله- ثم رداً لغيبة الرجل الذي تعلمت منه الكثير، في أن أكتب نقداً لتلك الحلقات الهزيلة حد الهزل، الضعيفة حد الهذيان، سائلاً المولى عز وجلّ أن يجعل رد الافتراء عن عرض أخي الكبير العالم الموسوعي المجتهد المحقق المدقق الدكتور عدنان إبراهيم في ميزان حسناتي يوم القيامة.

كما أسأله -تعالى- أن يهدينا لما اختُلِفَ فيه من الحق بإذنه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

عندما تسمع عن عنوان تلك الحلقة (قرار إزالة يزيل افتراءات عدنان إبراهيم حول السنة النبوية).. فإنه يتبادر إلى ذهنك فوراً أنّ الدكتور عدنان إبراهيم واحدٌ ممن ينكرون حجية السنة!
أو أنه واحدٌ ممن يرفضون كتب الصحاح ويشنعون عليها وعلى أئمة السنة الأعلام رحمهم الله، ولكنّ الحق بخلاف ذلك!

فالرجل يستدل -في حله وترحاله- بأحاديث الصحاح، سواءٌ من الصحيحين، البخاري ومسلم، أو غيرهما مما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإن تعجب فعجب قولهم: يفتري على السنة!
وحتى أتمكن من تحرير المسألة على وجهها الصحيح، فقد أجهدتُ نفسي في البحث عن الخطبة الأصلية التي اقتطع منها هذان الأغران كلام الدكتور عدنان، متهمين إياه بالطعن في السنة! وبأنه ينقل من مواقع الشيعة!
وذلك لما أعلمه عن عادة أمثال هؤلاء في الاقتطاع والاجتزاء بهدف تشويه الخصوم والكذب الرخيص عليهم، وهذا ما يفعله لدد الخصومة مع كل مفتون مشغول بغيره عن غيه!

وقد وصلت إلى تلك الحلقة بعد جهد جهيد.. كانت الخطبة بعنوان "الدجال.. تدجيل أم تغفيل"، وهذا من أجل أن يتبين لكل منصف كيف تفنن هؤلاء في الاجتزاء والاقتطاع!

كان الدكتور عدنان يتحدث في شأن الدجال، وقال إن الأحاديث التي تتحدث عن الدجال يصادم بعضها نصوص القرآن الكريم، وهذه ملاحظتي الأولى:
فلم يكن الدكتور عدنان يبحث في السنة أصلاً! أو يتكلم عن أحاديث الصحيحين كما أرادا إيهام الناس، بل كان يتحدث في شأن الدجال، ووجد تعارضاً بين بعض ما جاء فيه في كتب الصحاح وبين النصوص المحكمة التي جاءت في القرآن الكريم.

يقول الدكتور عدنان في الدقيقة 16 الثانية 30 ما نصه:

ثم يراد لنا أن نصدق أن كل ما في الصحيحين صحيح، من أين أتيتم بهذه الأسطورة؟ هذه فرية! هذه فرية بلا مرية! هذه أكذوبة.. يا رجل رجال الشيخين جاوزوا القنطرة لا كلام فيهم.. لماذا لا كلام فيهم.. أنتم تتكلمون فيهم.. انتهى كلامه.
التعليق: إذن.. كل مراد الدكتور عدنان إثبات أنه ليس كل ما في الصحيحين صحيح، وليس الطعن في السنة، كما يزعم هذان الأفاقان الأفاكان، عليهما من الله ما يستحقان! (هذا وليس الرجل ببدعٍ من الأئمة في ذلك، بل سبقه إليه الحفاظ الكبار كالدارقطني وغيره).

سيقول قائل: ولكنّ الأمة كلها مجمعةٌ على صحة كل ما جاء في الصحيحين.
قلت: هذا قولٌ لا يقوله إلا من لم يتحرّ العلم! فالمسلمون على امتداد قرون الإسلام، مقرُّونَ بصحة المجموع لا بصحة الجميع، وإلا فكثيرٌ من المحدثين ممن هم أكبر وأثبت في علم الحديث من الدكتور عدنان قد انتقدوا كثيراً من أحاديث الصحيحين، ولا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما هو معلوم ومتقرر.

في الدقيقة 20 والثانية 18 يقول الدكتور عدنان:

واحد يقول: ماذا تريد أن تقول يا عدنان؟ أريد أن أقول.. مع احترامي لأئمتنا وعلمائنا ومشايخنا وكتبنا.. ليس كل ما فيها صحيح! فيها الصحيح وفيها ما دون ذلك.. البخاري أكثره صحيح.. لكن فيه كم ليس بصحيح!
انتهى كلامه.

وأنا هنا أخاطب عقولكم وأفئدتكم أيها المنصفون، أهذا قول قائل يطعن في السنة؟ أهذا كلام واحدٍ يفتري على السنة كما يزعم هذان الكاذبان اللذان لم يعرضا كامل قوله، بل جعلا من كلامه قراطيس يبديانها ويخفيان كثيراً. حتى يوهما المشاهدين بخلاف حقيقة ما يعتقده الرجل.
فإنا لله وإنا إليه راجعون، على قلة الإنصاف، وضياع الحق، وسوء الفهم!

ولكي تعرف حجم التدليس والكذب فيما ينقله هذان المفتونان، الدكتور عدنان في نفس الخطبة، تكلم أولاً في عثمان بن أبي شيبة، ثم ثانياً في إسماعيل بن أويس.

فهما تحدثا في هذه الحلقة فقط عن عثمان بن أبي شيبة، ولم يذكرا إسماعيل بن أويس ببنت شفة! أتعرف لماذا؟ لأنه من شيوخ البخاري المتكلم فيهم فعلاً وقد ضعفه الإمام مسلم، فمن يا ترى الأحق بتهمة التدليس التي يتهم بها هذان التلميذان الفاشلان.. عَلَماً في مقام ومكانة الدكتور عدنان إبراهيم.

أبدأ بأول موضوع طرحاه.. جرح الرازيين للبخاري (لم ينقضا دعوى عدنان إبراهيم .. بل أثبتاها)!

يقول أحدهما (دق 3 ث 40(: إن هذا قد حدث بسبب شائعة تناقلها المغرضون مفادها أن الإمام البخاري يقول بخلق القرآن، وأن الرازيين قد تلقفا من هذا المغرض (الذهلي) تلك الشائعة (يسميها ذلك الأغيلم إشاعة) ولم يتثبتا منها!

فهل غيّر ذلك من الأمر شيئاً يا عدو نفسك؟ أم إنكما قد أثبتما النتيجة التي اختصرها عدنان بإيجاز، ولكنكما التففتما عليها ثم وصلتما في الأخير إليها! فسبحان من قسّم العقول
الموضوع الثاني.. رواية البخاري عن عثمان ابن أبي شيبة (ضرب عدنان ثلاثة أمثلة على تصحيف ابن أبي شيبة).

أما كتاب التصحيف للدارقطني فقد استدل الجاهلان بكلام الدكتور حكمت بشير أنه في عِداد المفقود!
فقد اكتفيا بما ينقلانه من (ملتقى أهل الحديث) ولا يحققان النقول التحقيق الكافي (ربما لضرورة خروج الحلقة للجمهور السلفي المتعطش!).

فقد سقط منهما ما يلي:

الكتاب ذكره المزيّ في "تهذيب الكمال" باسم "التصحيف وأخبار المصحّفين"، وذكره الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح ص 424.
وإليك عزيزي القارئ هذه المفاجأة.. الدكتور موفّق بن عبد الله بن عبد القادر قال إن منه نسخة مصورة في الجامعة الإسلامية!
قال الذهبي عنه: "وهو مع ثقته صاحب دعابة حتى فيما يتصحف من القرآن العظيم، سامحه الله" انتهى كلام الذهبي.
وقال في الميزان: "قلت: فكأنه كان صاحب دعابة. ولعله تاب وأناب" انتهى كلام الذهبي.

الأعجب من كل ما سبق.. أن كلّ هذا قد قاله عدنان.. ونقلاه عنه فعلاً! ولكنهما ذاهلان تماماً عما ينقلانه.. وعما يقتطعانه كحاطب ليل لا يدري ما يجمعه مع الحطب في ليلته الظلماء!
أما الألطف.. فقد ذهلا تماماً عن كلام الحافظ أمير المؤمنين فيه.. قال ابن حجر: "هو الكوفي ثقة حافظ شهير وله أوهام وقيل كان لا يحفظ القرآن". انتهى كلام ابن حجر.

يعني الذهبي يقول عنه: يتصحف القرآن، وابن حجر يقول: لا يحفظ القرآن!
وعلى الرغم من هذا.. فالرجل ثقة كما يقرره رجال الجرح والتعديل.. لكنّ الدكتور عدنان لم يكن ينتقد الصحيحين انتقاداً علمياً، وإنما كان يضرب بعض الأمثلة، فبعضها يصح ككلامه في الرازيين.. وكلامه في إسماعيل بن أويس، وبعضها لا يصح ككلامه في عثمان بن أبي شيبة.

وهكذا فكلّ أحدٍ يؤخذ من كلامه ويترك، ولست أطلب من خصوم عدنان أكثر من الإنصاف الذي أمر الله به المؤمنين حين قال:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) صدق الله العظيم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد