نقطة ما بعد الاستسلام ‎

دع عنك الوثير وانطلق نحو الأثير، دع عنك البكاء وانطلق نحو العلياء، دع عنك "دع" واعمل على التي بعدها، لا تنظر إلى الفاشلين إلا متعظاً منهم، ولا تقترب من كسالى إلا لتنهض بهم، تعلَّم فن إيقاظ النائم.

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/26 الساعة 03:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/26 الساعة 03:36 بتوقيت غرينتش

كان لا بد لليل أن ينقضي لكي تشرق شمس أخرى، شمس لا تعرف الأفول. لكن في طريقنا إلى الفجر، لا بد من المسير في الليل قليلاً؛ كي نصل نحو طريق الفجر. في طريقك الطويل إلى الفجر ستتعثر بالتأكيد، وربما ستسقط، وستجد من يقول لك إنك لا تستطيع النهوض.

هذا أمر لا جدال فيه؛ فالطريق ليس بالسهل، ولا يقوى عليه ضعاف الهمّة، وقد تبقى في سقوطك أياماً أو شهوراً أو سنوات.

حين يعييك السقوط، وتعتريك رغبة في النهوض، ترتكز على راية الاستسلام التي رفعتها من قبل، رامٍ كل ثقلك عليها.. وفجأة، تنكسر الراية، تعتلي المكان ضحكاتٌ ساخرة.. تلتفت من حولك فترى رايات في كل مكان! وترى أناساً نصبوا لليأس خياماً، كعادتهم يبحثون عن البؤس في كل مكان، فاستوطنوا أرض الاستسلام واعتادوا العيش فيها.

للحظة تشعر بالارتباك، وربما بالخجل.. وأنت تسمع أصوات الاستهزاء حتماً ستسمع كثيراً من النقد والسخرية، وقد يكون من أقرب أقربائك: "كيف تريد النهوض باكراً بعدما اعتدت النهوض عند الزوال؟!"، "كيف تريد أن تتعلم لغة غير لغتك العربية وأنت لا تجيد صياغة عبارة واحدة بالعربية؟!"، "كيف تريد ترك مجموعة الفاشلين وأنت اعتدت أن تكون قائدهم؟!"، "لماذا كسرت راية الضياع والهزيمة والاستسلام؟!".

تتجمّد في مكانك للحظة في ارتباك وأنت لا تدري أن للراية استعمالات عدة لدى الفاشلين.. أبرزها؛ أن تعلن عن مكانك فلا يدوسك الناجحون المارون في طريقهم.. فيُقلقوا مضاجع النائمين.

لكني أريدك أن تركز على تلك الوجوه الصامتة، والأعين التي تراقبك بحذر، والأصوات التي لم تتجاوز الحناجر وهي تصرخ: هل يمكن؟! هل تستطيع؟! هل بالإمكان الوقوف على الأقدام مرة أخرى؟! لعلّها أنظار والديك من بعيد؟!

أو صديق يريد أن يصدّق أن النجاح ممكن فيراه فيك ويتّبعك.. ربّما.. صدقني، كلما نفضت الغبار عن نفسك، تعالت الأصوات، وكلما تحمّلت ألم النهوض تعاظمت السخرية.

فإذا وقفت من جديد ساد في المكان صمتٌ رهيب.. رهيبٌ جداً، وهم ينظرون إليك وأنت تمسك البوق وتنفخ فيه نفخة المنتصر.. نفخة يهابها الفشل، ويتزلزل لصوتها الاستسلام، ويئن لها الانكسار، وتصمُ أذن المتكاسلين.

إنه صوت اليقظة، انهض، تعلّم من أخطائك، تعلَّم من نجاحك، تعلَّم "تدابير القدر" كما يقال.

دع عنك الوثير وانطلق نحو الأثير، دع عنك البكاء وانطلق نحو العلياء، دع عنك "دع" واعمل على التي بعدها، لا تنظر إلى الفاشلين إلا متعظاً منهم، ولا تقترب من كسالى إلا لتنهض بهم، تعلَّم فن إيقاظ النائم.

وكما قيل: أحياناً، النجاح أن تركب الموجة، والفشل أن تكون حقيقياً، فلا يمكن لجوهرك الثقيل أن يطفو على السطح.. تلك معايير زمن الغثاء.

وقُم الليل ولا تدعه يذهب منك.. قم الليل، ليس صلاةً فقط، قُمْه عبادة تفكُّر، قمه عبادة إنجاز.. وكن فارساً بالعطاء والبذل، ولا تنسَ نجاحك.. وتذكَّر أن الليل له نافذة نحو سماء الأرواح وطريق نحو المقاصد العالية، كم ضيَّع الليل من غافل! قم الليل.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد