متى نتخلى عن دورنا في إصلاح الآخرين؟
متى ننصرف إلى أمورنا وقراراتنا؟
متى نفهم أنه ليس من مسؤوليتنا تحليل أصدقائنا نفسياً؟
أتحدث إلى نفسي وإلى الآخرين، فشكل علاقتنا هذه الأيام أخذ منعطفاً آخر، أصبحنا نعطي لأنفسنا الحق في التحكم بحياة الأصدقاء والمقربين وغير المقربين أحياناً.
قد يكون الدافع عن حسن نيّة، لكن هل فكّرنا أن هناك دائماً وجهاً آخر للقصة؟ هل هناك أشياء لا نعلمها؟ هل تخيّلنا ما يترتب على خلفية ما نقوم به؟ أسألنا عن مدى تأثيره؟ عبثٌ عبثٌ! ما ننفك نتدخل بأمور ظناً منا أننا نسجل مواقف سديدة ستجر بهم إلى بحار السلام والسعادة والأمان، ولكننا دون أن نعي ندمرهم.
علينا أن نفهم أنَّ دورنا كأصدقاء يقوم في البداية على النصيحة السديدة والبنّاءة، فإذا رأيت صديقك يسير في طريق خاطئ، انصحه. لم تستطع إقناعه؟ حاول أن تجعل صديقاً آخر ينصحه، لكن لا تعطي نفسك حق إصلاحه، إلا في حالات الخطورة (على حياته مثلاً).
حتى إن نصحته ولم يستجب، ثم تورط في أمر ما، فيقع عليك في بادئ الأمر أن تدعمه وتخفف عنه، لا أن تلومه على عدم استجابته لنصيحتك! تقول أسماء عليان: "ما لم تستطع أن تكون العصا التي يتكئ عليها صديقك، فلا تكن القشة التي تقصم ظهره".
لا تحاول أبداً أن تتحكم بعلاقاته، لست أنت من تحدد الأفضل له، ليست وظيفتك أن تقيّم مستقبله مع هذا وذاك، فمعاييرك تختلف عن معاييره، ونمط تفكيره يختلف عن نمطه هو، فما يعجبك أنت قد لا يعجبه هو، وما قد يستعصي عليك حله وإصلاحه قد يكون شديد السهولة بالنسبة له، لا تختلق أوهاماً لا أساس لها في الوجود، لا تحاول إبعاده عنهم أو إبعادهم عنه بسبب ظنونك ورؤيتك للأمور.
تذكّر أنك لست طبيباً أو محللاً نفسياً، وحتى لو كنت، لا تقم بتحليل أفعاله، لا تبرر أفعاله أمام الآخرين، لا تنظر إليه نظرة الشفقة، تعامل معه وفق ما تراه، دون أي تصنيفات وافتراضات لا أساس لها من الصحة إلّا في خيالك.
كوّن علاقة صحيّة مبنيّة على المحبة والصدق والنصائح المتبادلة، عندها قد يعطيك هو الحق في التدخل أكثر، لكن ارسم لنفسك حُدُوداً تعرفها أنت أكثر منه.
كن صريحاً، وإن سمعت شيئاً سلبيًّا ولم تستطع أن تكون العصا التي يتكئ عليها صديقك، فلا تكن القشة التي تقصم ظهره.. اسأله، حاوره، وكن ملجأه، لا تتخذ خطوات على كلامٍ قاله أحد أصدقائك الآخرين (حتى لو كان من أقرب الأصدقاء)، فأنت لا تعلم دوافعهم (محبة زائدة، كره، حسد، غيرة…) فقد تفرّق بين شخصين، ثم مع مرور الوقت، يكتشفان الحقيقة، عندها ستكون أنت الخاسر الأكبر، فالمكسور، من الصعب إصلاحه.
الخلاصة: لا تسمحوا لأنفسكم التحدث في كل شيء يخصّ أصدقاءكم والهجوم والتصرّف وفقها، تخلّوا عن دوركم في إصلاح الآخرين واختيار الأفضل لهم، قبل أن تزلّ أقدامكم وتخسروهم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.