لم يمر على زواجهما إلاّ 5 أشهر، كانت المودّة بينهما لا تشوبها شائبة، إلاّ أنّه في بعض الأحيان قدْ تكون لِزلّة اللسان وقْع قدْ يُذْهبُ بكَفّتَي الميزان.
كلمة أو كلامٌ مرْسلٌ على عواهنه غير مألوف عند أحد الطّرفين فتنقلب المودّة إلى شحناء، والسكينة إلى بغضاء، ممّا قد يعجّل بينهما بالفراق.
ولا أقصد هنا بزلّة اللسان: ذلك الكلام البذيء المنحط – الذي مع الأسف له أيضاً عواقبه الوخيمة على نفسية أحد الزوجين – وإنما أقصد بزلّة اللسان: تلك الكلمة الصارمة في إعطاء الأحكام وما على الطرف الآخر إلاّ الخضوع والامتثال، وحتّى نعطي للموضوع حقّه من الفهم أترك للقارئ بين يديه هذا الحوار للتقييم والمناقشة.
بعد خروج الزوج الشاب من صلاة الجمعة ودخوله المنزل لتناول وجبة الغداء، فاجأ زوجته بالسؤال التالي بعد أن انتهتْ من تحضير المائدة:
– عزيزتي، أرجو أنْ تسمعيني جيّداً، آنَ الأوان لكيْ ترتدي الحجاب!
الزوجة بصوت خافت: ربّما أحتاج لبعض الوقت، أقصد بعض الوقت للتفكير.
الزوج ببعض الانفعال: شرْع الله لا يحتاج لمضْيعةِ الوقت.. هذا إنْ كنتِ تُؤمنين بالله واليوم الآخر!
الزوجة مرّة أخرى في هدوء: لم أقلْ عيباً، قلتُ بعض الوقت لأقتنع وعليك باحترام رأيي.
الزوج وهو يرمي بالمنديل على الأرض:
ما دام زوجك مقتنعاً به، فقناعتك عندي مجرّد تحصيل حاصل.
الزوجة هي الأخرى بانفعال:
يا سيدي أرجوك بدون مزايدة.. وباختصار مسألة الحجاب خصوصيّة تهمّني لوحدي ولا دخْل لكَ في قناعاتي!
الزوج وقد استشاط غضباً: بهذا الكلام أنتِ تضعين زواجنا في مهبِّ الريح، وتضربين أوامر الله وأمر زوجك عرْض الحائط.
الزوجة مباشرةً: أستغفر الله، لا هذا ولا ذاك، أنتَ بأمرك بهذه الطريقة تريد أنْ تصادر حريّتي في الرأي، أنا لمْ أطلب سوى التفكير لبعض الوقت، ولا تنس أنّ الله مُطّلعٌ على القلوب.
الزوج بدون أن يشعر:
ليس لكِ خيار، وبدون قيدٍ أو شرط لكِ أن تختاري: إمّا أنا والحجاب أو الطلاق.
الزوجة وقد فاض بها الكأس: أرفض التّحدّي، وبدون قناعة فلنْ أفعلْ، وأعلى ما في الخيل اركبه!
الزوج وعيناه جاحظتان: ماذا تقولين؟ اعتَبري نفسكِ طالقاً ومن الآن!
الزوجة في ارتباكٍ شديد، تدخل غرفتها مسرعة وهي تبكي، وتبدأ في جمع ملابسها وأغراضها، وفي غضون نصف ساعة من الزمن وبعد اتصالها هاتفيّاً بأختها كانتْ قدْ غادرتْ بيت الزوجية على متن سيارتها مباشرة إلى بيت والديها.
تمرّ ثلاثة أيام والزوج ليس على ما يرام، إلاّ أنه متأكّد من حبّها له ويظنّ أنّ المياه ستعود إلى مجاريها، بلْ وربّما لها الوقت المتاح لتفكّرَجديّاً في موضوع الحجاب، وربّما ستفاجئه وتطرق الباب وقد وضعته على رأسها، ثمّ يمرّ أسبوعان فشهر، حتّى أتاه اليقين.. أبوها استدعاه بالمعروف لتسريحها بإحسان، ورغم كلّ المحاولات التّي بذلها الزوج من أجل إرجاع زوجته وإرضائها باءتْ بالفشل.
وبالفعل تمّ الطلاق ذلك الحلال البغيض، وبعد سنة ونصف كانتِ المفاجأة، وكم كانتْ دهشته كبيرة وهو يراها من حيث لا تراه، إنها زوجته السابقة وهي ترتدي الحجاب هذه المرّة، وبينما هي تستعدّ لركوب سيّارتها تقدّم إليها مصافحاً، لكنّها رفضتْ المصافحة قائلة له:
وعليك السلام، أعذرني إذا لمْ أصافحك، على العموم وكما يقول الحق سبحانه (ولا تنسوا الفضل بينكم)؛ لهذا سأقول لكَ: كيف حالك يا سيد أحمد؟
الزوج السابق مرتبكاً: هكذا والله كنتُ أتمنّى أن أراكِ وقدْ زادكِ الحجاب نوراً على نور، أرجوك يا (شيماء) فأنا ما زلتُ على العهد.. صحيح استعملتُ سلطتي عليك بِغلظَةٍ كزوج، ولكنّي في النهاية كنتُ أريد بكِ الخير وليس إلاّ الخير.. أرجوك عودي إليّ فأنا في أمسِّ الحاجة إليك.
الزوجة السابقة بثبات:
قدّر الله وما شاء فعلْ.. كنتُ طلبتُ منكَ فرصة للتفكير لكي أقتنع بالحجاب ورفضتَ يا سيد أحمد، وتطلب منّي الآن أن أعود إليك، فربّما للعودة يتطلّب الأمر منّي وقتا أكثر للتفكير، على العموم أنتَ رفضتني إلاّ بارتداء الحجاب، واليوم وبعد أن اقتنعتُ به أرفض الرجوع إليك، مع السلامة يا سيد أحمد.
نعم أيها القارئ المحترم حتماً ستقول: إن سبب الطلاق ربّما كان يمكن تجاوزه مِنْ طرف الزوجة لو بقيتْ في بيت الزوجية، أو إن الزوجة عندما اقتنعت بالحجاب والتقتْ بطليقها كانتْ قاسية بل ومارست عليه نوعاً من الانتقام.
الجواب: ثمّة أشياء – سبحان الله – تتعلّق بالكبرياء
سواء عند الرجل أو المرأة، فإذا أصيب هذا الكبرياء بسهم أحدهما فمن النادر أن يتنازل المجروح من أجل العيش تحت سقفٍ واحد.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.