إلى الذين يرغبون في أن يكونوا كُتّاباً

لا بد من الاعتراف بأن الكتابة نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى، لا يرزقها إلا لمن له صلاحية عمل الخير، والذين أراد الله بهم خيراً.

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/07 الساعة 03:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/07 الساعة 03:05 بتوقيت غرينتش

لا بد من الاعتراف بأن الكتابة نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى، لا يرزقها إلا لمن له صلاحية عمل الخير، والذين أراد الله بهم خيراً.

ولكن الكُتّاب ليس لهم أهمية كبيرة في المجتمع، فهم يعانون من أزمة مالية دائماً، وإن كان بعضهم قد اتخذها حرفةً أو صنعة يستطيعون أن يكسبوا بها قوتَ يومهم، أحياناً لا يستطيعون أن يؤدوا حقوقهم الواجبة تجاه أقربائهم من عيادة أو استضافة أو عنايتهم للأشغال اللازمة؛ لأن اشتغالهم بالكتابة التي تقتضي أوقاتاً كثيرة وأحياناً طوال أوقات المرأ يحول دون كسب الأموال الطائلة.

فيعجزون عن أداء الحقوق اللازمة تجاه أسرهم فيفسد الودّ بينهم وبين أسرهم، فهم يشعرون فقط بشعور عميق بالتقصير الذي يحصل منهم نحو أُسرهم عن غير عمد؛ لكونهم مشغولين جداً بالأشغال الرتيبة التي لا تزال كقيد في أرجلهم، وغلّ في أيديهم لا فكاك لهم منه، وإن كانت هذه الأشغال نافعة في مكانها.

وإن الخسارة المادية والمعنوية التي يعاني منها الكُتّاب عادة لعدم اشتغالهم بكسب الأموال التي حظي بها غيرهم تجعل في قلوبهم حسرة وفي أنفسهم حُرقة، فيزيدهم ألماً على ألم، ألم الحرمان، وألم مواجهتهم الملام، وفساد الود بينهم وبين أسرهم.

قرائي الأعزاء وإخواني الكُتّاب والأدباء.. لقد أصبح كل شيء فى زمننا الذي طغت فيه الماديات على الروحانيات يوزن بالمال، حتى أصبح يلقى السلام فقط على مَن عنده مال.

وقال الإمام الشافعي رحمه الله:
رأيت الناس قد مالوا إلى مَن عنده مالٌ
ومَن لا عنده مالٌ فعنه الناس قد مالوا
رأيت الناس قد ذهبوا إلى مَن عنده ذهبٌ
ومَن لا عنده ذهبٌ فعنه الناس قد ذهبوا
رأيت الناس منفضة إلى مَن عنده فضة
ومَن لا عنده فضة فعنه الناس منفضة

وبسببه تتقطع أواصر المحبة وتعرى الأخوة، فأصبح الأخ يقتل أخاه ويفارق الابن أباه، وتهجر المرأة زوجها، وصدق الله حيث قال: "زُيِّنَ للنَّاسِ حُبّ الشهواتِ مِن النساءِ والبنينَ والقناطيرِ المقَنْطَرةِ مِن الذَّهبِ والفِضَّةِ".

كانت بيني وبين مساعد رئيس لجريدة يومية بنغالية مشهورة علاقة متينة وود حميم، فكان يتصل بي في الأسبوع مرتين؛ لأن الجريدة تنشر مقالتي في كل يوم أحد وفي كل يوم ثلاثاء، ولكنني مرة وقعت في مشكلة مالية، فاتصلت به عبر التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)؛ لأن يؤدي الأجرة التي كتبت لها، ففسدت العلاقة التي كانت بيني وبينه حميمة للغاية منذ زمن طويل؛ لكوني طلبت منه حقّي في الكتابة.

أخيراً أنصح الإخوة الذين يريدون أن يكونوا كُتّاباً في مستقبلهم أن يحصلوا على قوة الصبر على قلة الأموال، وأن يتركوا حظَّهم الوافر من دنياهم، حتى يقدروا على العمل للآخرة والمجتمع، فإن الله يرزقهم مِن واسع فيضِه وعظيم كرمِه في الدنيا والآخرة، إن كان لهم في كتابتهم إخلاص.
وفّقنا الله جميعاً.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد