ملحوظة: التدوينة بالعامية المصرية
صباح الخير، الصورة اللي تحت ألهمتني وخليتني أفتكر مواقف كتير شفتها في العيادة، سواء من الأطفال والأهل أو من شباب وكبار لسه فاكرين مواقف زي دي من طفولتهم ومأثّرة فيهم بشكل سلبي او إيجابي بحسب استجابة أهلهم.
استرجعت مواقف بتحصل للأمهات والأبهات لما مش بيعرفوا إيه اللي ممكن يتقال للطفل وهو "متضايق" من حاجات إحنا مش فاهمينها، "خايف" من حاجات شايفينها متخوّفش، "غاضب" من توجيهاتنا، "حزين" لشيء بسيط أثّر فيه ممكن عيونا متلقطهوش، "حاسس بالظلم" لحاجات بتحصله إحنا شايفينها عادية زي المشاركة أو الاهتمام بأخ أصغر أو غيره من الحاجات اللي بتشكل مفهومه عما هو "حق".
غالباً تعبير الطفل عن الحالات دي بيكون بالبكاء والصراخ اللي هو مزعج في حد ذاته، خاصة لما بيستمر وقت طويل، ودي حاجة أنا بقدرها جداً، لكن الإزعاج والضيق الحقيقي بييجي من أننا بنبقى مش عارفين إزاي نوقفه، أو على الأقل إزاي نتعامل معاه، وممكن كمان نحس أن كفاءتنا كأهل قليلة؛ لأننا مش عارفين نتعامل معاه، أو لأن الآخرين بيلومونا على عدم تعاملنا معاه.
أولاً: الطفل بيملك أدوات لغوية أقل مننا للتعبير، والتعبير لو مطلعش بشكل واضح بيطلع في شكل خفي أو مؤجل ودي حاجة مش لطيفة. فأي محاولة منه للتعبير مهما كانت مزعجة فهي بتدينا إشارة كويسة ومطمئنة أنه مش بيكبت مشاعره وأنه مستعد يخرجها قدامنا.
ثانياً: متخيلة قد إيه أن أسهل جملة على لساننا هي "بطل عياط وإلا.."، سهلة لأني بمارس بيها قدرتي على السيطرة؛ لأنها مقبولة اجتماعياً أكثر من طفل بيعيط من غير ما حد يقوله حاجة؛ لأنها جملة متوارثة اتقالتنا قبل كدة كتير، وسهلة لأن ببساطة مش عارفين نقول إيه تاني.
لكن، أتخيل برده أننا لو فكرنا فيها شوية حنلاقيها فعلاً غير منطقية لأي إنسان أياً كانت سنّه مش بس للطفل. تخيلي حضرتك كأم مثلاً بتعيطي على شيء مضايقك وييجي حد يقولك: "بطلي عياط"، أو حضرتك كأب مخنوق لأي سبب وحد يقولك: "مينفعش تتخنق"، غالباً مش دي أنسب طريقة للتعامل.
لما تيجي الجملة على طرف لساننا نفتكر أنها الأسهل، لكن مش الأوقع. ولو الطفل بقى يوقف تعبيره عن مشاعره بناءً على أوامر مننا، ففي احتمال كبير أنه يواجه دايماً مشكلة في التعبير عنها وتنظيمها حتى لما يكبر وميبقاش في حد بيأمره.
ثالثاً: طيب نستبدلها بإيه؟
الاختيارات اللي في الصورة دي اختيارات لطيفة جداً لاستجابات مختلفة ممكن نعملها معاه. ممكن تختارها أو تختار غيرها بحيث إنها توصل 5 رسايل أساسية:
أنت مشاعرك متشافة/مسموعة (حتى لو أنا مش عارف سببها).
أنت مشاعرك مقبولة (حتى لو أنا مش حابب طريقة التعبير عنها).
أنت مشاعرك تُحترم (حتى لو أنا مش مقتنع بمبرراتها).
أنا موجود علشانك (حتى لو أنت حالياً منشغل بعياطك ومش قادر تتواصل معايا).
أنا حاحميك (حتى من نفسك لو بقيت تعبر عن مشاعرك بشكل عنيف تجاه نفسك أو الآخرين، حوقفك بحسم؛ لأني بحميك ومحترم مشاعرك في الوقت نفسه ومستعد أنك تعبر عنها بأي شكل تاني غير مؤذي).
الرسايل دي مش بتطلع في مجرد كلمات نرددها، توصيل الرسايل محتاج أننا في الأول نتبناها جوانا ونصدق أنها حقه وأن هي دي مسؤوليتنا كأهل وأن هو ده فعلاً اللي محتاجه مننا. وبالتالي كلماتنا وتصرفاتنا ونظرات عيوننا ليهم حتختلف. بدل الحدّة حيوصلهم تفهّم، وبدل المعايرة بالعياط حيوصلهم الاحترام، وبدل العقاب على المشاعر حيوصلهم إن المشاعر حق.
الكلام أكيد أسهل من الفعل، والفعل محتاج انتباه ومجاهدة طول الوقت. ونفتكر أن زلتنا وغضبتنا في بعض الوقت مكفولة من دون شعور جامح بالذنب، والاعتذار عنها حتى لو لطفل عنده سنتين صفة محمودة.. وأن تنشئة طفل مشاعره حاضرة وحرة بيحترمها وبيقدر يعبر عنها، هي أساس أي علاقة سوية مرجوّة معاهم في المستقبل.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.