لن أتحدث في هذا المقال عن التحرش وأنواعه وأسبابه ولكن هدف هذا المقال هو توضيح بعض النقاط في التربية التي قد تجعل من ابنك أو ابنتك فريسة سهلة للتحرش.
أولا: هل يستطيع طفلك أن يقول لا؟
إجابة هذا السؤال قد تبدو بسيطة ولكن الموضوع معقد وصعب. الكثير من الناس مؤمنون بنظرية الطفل المؤدب الذي يقول نعم وحاضر. نظريا هذا الطفل جميل ومثالي وحلم الكثير من العائلات ولكن هل تعلم كيف يتم تفعيل هذه النظرية؟ الطفل الطبيعي يحب أن يستخدم "لا" ويحب الاعتراض وتحدي القواعد و "المقاوحة"، ولكي تحصل على طفلك المؤدب حسب النظرية السابقة عليك بكسر روح الاعتراض والمقاومة داخل طفلك. الطفل أقل من 6 سنوات لا يستطيع التمييز بين الشخص البالغ الصديق والشخص البالغ العدو ونتيجة توجيهاتك المستمرة بالطاعة وتكرار العقاب اللفظي والجسدي يفقد الطفل القدرة على الرفض. يفقد الطفل القدرة على التلفظ بـ"لا" حاسمة قوية ترد عنه الكثير من الأذى. ولأن شخصية الطفل تتكون في أول 6 سنوات، يكبر هذا الطفل ويعاني من نفس المشكلة – كيف يقول "لا"!
ثانيا: هل يعرف الطفل حرمة جسده؟
هذا السؤال أيضا قد تبدو إجابته سهلة ولكن حرمة الجسد إحساس وليس معلومات يقرأها في كتاب أو يتعلمها في درس! حرمة الجسد إحساس ينمو مع الطفل أو يقتله الأهل بأفعال غير مقصودة. من أمثلة التصرفات التي تقتل الشعور بحرمة الجسد، أمر الطفل بتقبيل شخص ما! قد يكون الشخص قريب أو غريب لم يشاهده الطفل سابقا! يشعر الطفل أنه مستباح لأي شخص بالغ وأن من حق أي شخص حضنه أو تقبيله وان عليه الطاعة!
دورك كحامي لهذا الطفل لا ينتهي عند عدم غصبه أو ابتزازه ليقبل أو يحضن شخص ما؛ دورك هو منع لمس طفلك بدون استئذان! لا يجب أن يضع شخص يده عليه لأي سبب من الأسباب! لا يلمس أحد شعره أو وجهه أو خدوده أو يده أو أي جزء أخر. مداعبة الطفل لها طرق عديدة لا يجب أن يكون ضمنها التعدي على جسده بدون إذنه.
ثالثا: هل يعرف الطفل الفرق بين اللعب الجسدي واللعب الجنسي؟
يحب الأطفال اللعب الجسدي مع المقربين منهم مثل المصارعة أو الاستغماية أو أي لعبة أخرى تستدعي التلامس الجسدي. هذه الألعاب لا ضرر منها مادام الطفل هو الذي يسمح ويمنع ويضع شروط التلامس. قد تتحول هذه الألعاب إلى ألعاب جنسية بقصد أو بدون قصد! قد تتطور محاكاة التصارع إلى خلع بنطلون الطفل أو إلى تعرية مؤخرته أو إلى العض أو إلى عض رقبته. قد يتطور اللعب مع البنات إلى لمس الصدر أو أي جزء أخر من جسدها وهنا يمتزج اللعب بالجنس وهذا مضر جدا للطفل وخاصة إذا كان أصغر من أن يعترض بالقول أو الفعل!
قد تلعب أنت معه هذه اللعبة اليوم بحسن نية ولكن ماذا يحدث إذا حاول شخص غريب أو شخص مريض تكرار هذه اللعبة؟ للأسف لن يرفض الطفل وسوف يظن أن هذه الأفعال جزء من اللعبة!
رابعا: هل طفلك مستقل؟
عند الحديث عن الاستقلال يفكر أغلب الناس في الاستقلال العاطفي ولكن سؤالي الحقيقي هو عن قدرة الطفل على العناية بنفسه. هل يستطيع الطفل أن يدخل الحمام وحده وقضاء حاجته والعناية بنظافته وارتداء ملابسه؟ إذا كانت الإجابة لا فالحقيقة هي أن ترك الطفل مع غرباء يعتنون به يجعله عرضة للتحرش والنسبة هي 50%!
خامسا: هل يحب طفلك اللعب مع من هم أكبر منه سنا؟
قد تشعر بسعادة أن طفلك يندمج مع جميع الأطفال حتى من هم أكبر منه سنا ولكن هل فكرت في خطر التحرش؟ قد لا يعني الطفل الأكبر التحرش بطفلك ولكن قد يحدث التحرش من قبيل الاستكشاف أو التجربة أو لعبة من ألعاب فرض النفوذ والقوى. اسمح لطفلك باللعب والاحتكاك ولكن لا تتركه في حجرة مغلقة مع أطفال أخرين أو في منزل لا تعرفه أو في مكان لا تعرف القائمين عليه ومدى قدرتهم على مراقبة الأطفال والسيطرة عليهم.
عزيزتي الأم،عزيزي الأب،
دورك الأساسي في حياة طفلك هو حمايته من القريب قبل الغريب ولا تتعجل انفصاله عنك قبل أن يكتسب المهارات اللازمة للدفاع عن نفسه. لا تقتل قدرته على الرفض أو الصراخ تحت مسمى التربية ولا تثق في أشخاص تتوسم فيهم العلم أو التدين أو السلامة النفسية!
– تم نشر هذه التدوينة في موقع العربية
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.